ثقافة

النهوض بالترجمة وتعزيز دورها في التنمية الوطنية

ساهم سد الفرات في إخراج عدد كبير من المترجمين الكبار الذين انتقلوا من الترجمة الفورية إلى الترجمة التحريرية، وأصبحوا أسماء كبيرة في عالم الترجمة ومنهم أستاذ عدنان جاموس ومالك صقور، فكانت الترجمة أحد الأسس التي ساهمت في بناء هذا المشروع التنموي الكبير، حيث تمت جنباً إلى جنب مع العامل والخبير على أرض الواقع.
ونظراً لأهمية الترجمة ودورها الفعال في إتمام أهم المشاريع في كافة المجالات وإيماناً بدورها الفعال في التنمية الوطنية أصدر مدير الهيئة العامة للكتاب، توفيق أحمد بياناً صحفياً لتوضيح محاور الندوة التي ستقيمها وزارة الثقافة ممثلة بالهيئة العامة السورية للكتاب في شهر أيلول من هذا العام وقد جاء في البيان:
“ارتبطت الترجمة في تاريخنا بمراحل النهوض، فقد عرف العالم دار الحكمة في بغداد، ودار الألسن في القاهرة، ونتطلع إلى بناء دار المعرفة في دمشق رمزاً لنهضة جديدة منطلقها دمشق. ونظراً لأهمية الترجمة المتزايدة في جميع ميادين النشاط الإنساني ستقيم الهيئة العامة السورية للكتاب في وزارة الثقافة بالتعاون مع جامعة دمشق والمعهد العالي للترجمة واتحاد الناشرين واتحاد الكتاب العرب ومجمع اللغة العربية في دمشق ندوة حول الترجمة تحت عنوان: “دور الترجمة في التنمية الوطنية” بتاريخ 30/9/2016 في مكتبة الأسد تناول المحاور التالية:  “تجارب ميدانية في الترجمة، دور الهيئات المعنية في النهوض بالترجمة، ومستقبل الترجمة والتقانات الحديثة، دور الترجمة في تطوير اللغة الأم”.
ودعت الهيئة العامة السورية للكتاب الباحثين والمهتمين بالترجمة الراغبين بالمساهمة في هذه الندوة إلى تقديم أبحاثهم بدءاً من تاريخ 20/6/2016 لغاية 20/8/2016 إلى مديرية الترجمة في الهيئة العامة السورية للكتاب في دمشق.

تنوع الترجمات
وكان لـ “البعث” وقفة مع عدد من المعنيين بموضوع الترجمة فتحدث عميد المعهد العالي للترجمة الدكتور عمار صندوق عن اختيار المعهد لطلابه والمشاركة في هذه الندوة إذ قال: ليس كل خريج لغة هو مترجم، ولكن يمكن لأي طالب في قسم اللغات (الفرنسية أو الانكليزية أو الإسبانية) أن يمتلك مهارات الترجمة ويدخل في عمقها، وذلك عند إنهاء دراسته ومنحه الشهادة الجامعية، والتقديم إلى المعهد العالي للترجمة، ونحن بدورنا في المعهد نختار الأفضل من بين المتقدمين، وتبدأ الدراسة الأكاديمية والتخصصية في مجال الترجمة. وأضاف صندوق: نستطيع القول أن الاهتمام بالترجمة سيكون في الندوة من خلال عرض بعض ما قدم طلاب المعهد من ترجمات، والطريقة التي تم توجهيهم من خلالها في مجالات معينة مثل التكنولوجيا، حيث سيتم الاعتماد على التنوع في الترجمة من وإلى اللغة العربية في كافة المجالات وليس فقط في مجال الأدب أو الصحافة.

إضاءة جديدة
وقدم رئيس قسم الترجمة الفورية والسمعية والبصرية الدكتور فؤاد الخوري إضاءة جديدة في مجال الترجمة الذي يعتبر تخصص شبه فريد وهو دور التقانات الحديثة في الترجمة فقال:
تعتبر جامعة دمشق الجهة الأساسية والأقدم التي تؤهل المترجمين بمستوى عال، وبنّاء على أن سورية كانت وماتزال الدولة الرائدة في مجال تعريب اللغة العربية، وقد قامت الجامعة بإحداث المعهد العالي للترجمة، وهو جزء منها ويتميز بقسمين فريدين في الشرق الأوسط والمنطقة العربية: الأول الترجمة الالكترونية التي تعنى بكيفية استخدام مترجم الحاسوب التي يعتبرها الكثيرون مجرد قواميس وسنتحدث عنها بشكل مفصّل أكثر في الندوة، والمجال الثاني هو: الترجمة السمعية البصرية من خلال الأفلام الأجنبية وكتابة الترجمة على الشاشة بالإضافة إلى اختصاصات جديدة تتميز بها جامعة دمشق.

جسر الثقافات
من جهته عرّف السيد حسام الدين خضور مدير الترجمة في الهيئة العامة السورية للكتاب، وعضو جمعية الترجمة في اتحاد كتاب العرب- أن الترجمة عمرها عقود طويلة، وكانت الناقل الوحيد للمعرفة إلى حد كبير، فهي الجسر بين الثقافات، وجسر للتفاهم بين الأمم، وكان هذا دورها منذ القدم وما زال يتعزز حتى الآن، حيث تعتبر الترجمة رسالة تفاهم وسلام بين الشعوب، ومن هذا المنطلق الفريد يجب أن نقدم ترجمات متميزة لنكون مساهمين في بناء الحضارة، ونقدم العالم لشعبنا، ومن هنا يأتي دور المعهد العالي للترجمة في تطويرها عبر الترجمة التحريرية والفورية والترجمة السمعية البصرية.

ورشة عمل
وترجم الدكتور ماجد علاء الدين صاحب دار “علاء الدين” للنشر، رواية الكاتب غسان كنفاني “عائد إلى حيفا” إلى اللغة الروسية حيث طبع مليون نسخة منها تقريباً وعنها تحدث: إن الترجمة سارية في دمي وعروقي، وأنا كمترجم قديم منذ سبعينيات القرن الماضي أرى أن اللغة العربية موجودة وحاضرة في هذا الخضم اللغوي الهام ،رغم وجود صعوبات نعاني منها في بعض المصطلحات عند ترجمة كتاب من لغة أجنبية. وقد استخدمت منجزات الثورة العلمية التكنولوجية خلال القرون الأخيرة مصطلحات لم تنعكس في اللغة العربية، لأنها كانت في مرحلة ضمور وبطالة وكسل فرضت في زمن الاستعمار العثماني والفرنسي والبريطاني، هذا الخمول عانت منه اللغة العربية في الوقت الحاضر، ويجب تعويض هذا النقص بأن تشارك وتتمازج وتتفاعل اللغة مع اللغات الأوروبية الأخرى الفعّالة بما فيها الصينية، وتطويرها على أسس علمية وحديثة، لذلك ستكون هذه الندوة بمثابة ورشة عمل حقيقية لتفعيل هذا التمازج، وإحداث علاقة جدلية بين المترجمين العرب والمترجمين الأجانب. ويضيف عضو اتحاد الناشرين السوريين: يجب على المترجمين أن يعتنوا باللغة العربية الأم بالإضافة إلى الاعتناء باللغة الأجنبية ليستطيعوا إتقان اللغتين معاً وإذا لم يتقنوها ستكون ترجمتهم غير إيجابية.
جُمان بركات