ثقافة

الممثل المناسب للدور المناسب

أمينة عباس
في مرحلة مضت وانتهت من عمر الدراما التلفزيونية السورية، وعندما كان حجم الإنتاج ضئيلاً لا يتجاوز العملين أو الثلاثة سنوياً، كانت الشكوى مستفحلة من قِبل العديد من الفنانين السوريين حول قصور النصوص الدرامية الموضوعة حينذاك، على الإحاطة بكل الفئات والشرائح الاجتماعية، وتحديداً على صعيد تعدد الأجيال وتنوعها، حيث كانت بطولات الأعمال محصورة في فئات الشباب وطلاب الجامعات، بينما اختصت الفئات العمرية المتقدمة بالشخصيات الثانوية، وهو الأمر الذي كان له أثر سلبي عند الفنانين المتقدمين بالعمر، الذين كانوا يلمسون حيفاً وضيماً في عملية توزيع الأدوار وشحّاً في الشخصيات الهامة المتقدمة بالعمر.
ومع تطور عملية الإنتاج التلفزيوني كمّاً ودخول القطاع الخاص على المشهد الإنتاجيّ بشكل ملموس وفعّال، تراجعت شكوى الفنانين المخضرمين من تهميش نوعية الأدوار التي كانت تُسنَد إليهم مع تعدد الأعمال التلفزيونية وشمولها بالتالي لكافة الشرائح الاجتماعية، إلى درجة أن أعمالاً بحد ذاتها أخذت تُكتَب للفنانين المنتمين إلى جيل الستينيات والسبعينيات.
اليوم ومع هذا التوسع غير المسبوق في قاعدة الإنتاج التلفزيوني كمّاً، وشمولها لمختلف القضايا الاجتماعية، ودخولها إلى أماكن وزوايا اجتماعية غير معهودة، تعود الشكوى القديمة ولكن بأسلوب آخر ولأسباب مختلفة، ذلك أن عدداً كبيراً من مخرجينا التلفزيونيين أصبحوا يلجأون إلى إسناد أدوار الشخصيات المتقدمة بالعمر، إلى ممثلين ما زالوا في مرحلة الشباب من خلال اللجوء إلى تقنيات المكياج وتسريحات الشعر، وهو لجوء بدأ خجولاً في سنوات ماضية لكنه استفحل اليوم، الأمر الذي يرسم العديد من إشارات الاستفهام حول هذا الخيار المتعِب والمعقَّد بالنسبة لطرفي العملية : الممثل والمخرج .
هذا الجانب من العملية الإبداعية يرى فيه كثيرون أمراً إيجابياً من حيث عمله على إبراز قدرات الممثل الشاب ومساعدته على إثبات وجوده وأحقيته على أن يأخذ دوره ومكانته في خارطة الدراما السورية، لكن السيئ في الأمر أن معظم هذه المحاولات يبدو مفتعلاً وغير مبرر، بل وغير متقن مما يضع الفنانين الذين يقومون بهذه المهمة الشاقة في غير أماكنهم ويقدمهم بصورة غير مقبولة لدى جمهورهم إلا في القليل النادر من الحالات.