ثقافة

إسماعيل الحلو.. إناء وقنديل

تأتي أشكال الفنان إسماعيل الحلو بما يتناسب مع روحه الحالمة المشبعة بالحب والحنين إلى زمن ليس ببعيد، ومكان يتشابه مع الداخل السوري والأحياء الشعبية المتناثرة على أطراف المدن السورية، فتعكس أعماله روعة الصفاء والسكون المنسجم مع قدرته على رصد نبض الحياة البسيطة الهادئة، التي يلخصها بحس عفوي طفولي، لا تعنيه النسب الأكاديمية انطلاقا من فكرة أنه يرسم ما يعرف ويحس به لا ما يراه.
يقدم إسماعيل الحلو رؤية واضحة ومقروءة للمتلقي، غير خاضعة للصدفة، ولا تحتمل التأويلات، كما هو الحال في الفن التجريدي، فتنتقل تلك الشحنة التعبيرية الآسرة عبر التحوير وإيقاع الحركة لأبطال لوحاته الذين هم في الغالب فتاة نراها وحيدة تحتضن طيرا أو تمسك بحقيبة أو طائرة ورقية، وغيرها، أو تسند جسدها الضئيل إلى جدار وتنقل عبر لباسها وألعابها وحركتها الحانية، ونظرتها، رسالة الطفولة الحالمة من تلك الأحياء، وقد نراها تجاور جدتها لتتعدد الشخصيات في العمل (اثنان أو ثلاث) ضمن ذلك الاتجاه  التعبيري الطفولي والانفعالي المنضبط على إيقاع هندسي عقلاني، يوائم ما بين الشخوص المرسومة وخلفياتها، لتبدو جزءاً من المكان والبيئة التي تنتمي إليها، والتي تشير إلى هويتها عبر كافة مفردات العمل، سواء كانت قنديلا أو حمائم أو فخارا أو بابا أو الملابس البسيطة والخطوط المنحنية في تشكيل الشخصيات، والتي صارت بحد ذاتها رموزا تجمعها الأقدام العارية وتلاصقها عبر خط منحنٍ يتناغم مع أقواس أخرى في الخلفية تشير إلى النمط المعماري في تلك الأحياء.
تميل ألوان الفنان إلى الترابيات التي تؤكد هي الأخرى على محليتها ضمن أجوائها الخافتة والمنسجمة والمتدرجة في تنقلها إلى مساحات أكثر سطوعا، وإلى ألوان متممة تشير للبحر في مواضيع تبدو فيها الأسماك كهدية من البحر إلى الصحراء.
حسين صقور