ثقافةصحيفة البعث

التعاون.. والأخلاق التعاونية

 

أكرم شريم

من الجميل في حياتنا وكما خلقها الله وأرادها لنا، هذا التعاون المفطورين عليه وهو تشفير إلهي منذ بداية الطفولة وحتى نهاية العمر، وعند كل إنسان على الإطلاق وكما يريد ويرغب!. بل إنه وفي كثير من الأحيان يجد نفسه وبشكل مفاجئ يندفع ليشارك ويعطي ويقدم الخدمة من خلال هذه الروح التعاونية الحلوة فينا، وفي كل واحد منا وكما قلنا، ودون استثناء، فهو وإن حاول ألا يتعاون في أمر من الأمور ولسبب من الأسباب، فإنه وفي كل الأمور الأخرى إنسان متعاون وفي كل شيء وإلى حد بعيد!.
أقول ذلك وأنا أستغرب عدم وجود هذا التعاون أحياناً، بين مجموعة من الناس أو أصحاب المهن، وعلى الرغم من الفوائد التي تعود عليهم منه ولنسرع ونضرب الأمثلة: هذه الحفر الموجودة في الطرق العامة التي تسير عليها كل السيارات إنها مؤذية ومزعجة وخطيرة أحياناً، فإذا تأخرت الدوائر المسؤولة عن إصلاحها فكيف لا يصلحها من يتضررون منها، فإذا قام كل عشرة سائقين بإصلاح حفرة واحدة لما بقيت أية حفرة تعيق أو تعرقل الطرقات في البلاد!. وأكثر من ذلك، إذا قام كل إنسان مقتدر على مساعدة عائلة فقيرة واحدة لما بقي فقر ولا عائلة منكوبة تعاني من الفقر!. فما بالك إذن بكل هذا التعاون الدولي وبكل أشكاله وفي كل المجالات مثل ما تفعله (اليونيسيف) في العالم، وما يفعله الصليب الأحمر وفي كل مكان في العالم يحتاجه، وكذلك منظمة أطباء بلا حدود، وكل العمل النقابي في كل دولة وعند كل شعب من شعوب العالم، فالعمل النقابي تعاون جماعي وقانوني للمحافظة على حقوق الأفراد وفي كل مجالات العمل والعمال والوظائف والموظفين!.
وانظروا إلى خلق الله العظيم في هذا المجال فالأسرة تتألف من كل البشر على وجه الأرض وخلال كل الأزمات السحيقة إلى الماضي والسحيقة إلى المستقبل، انظروا إلى هذا التعاون المفتوح والمطلق بين أفراد الأسرة الواحدة، انظروا إلى الأم ماذا تفعل وكيف تحمل وتنجب وتربي وتنظف وترتب وتطهو وتحضر وتعمل طوال نهارها وطوال حياتها وهي سعيدة وراضية بما تعمل. وانظروا إلى الأب كيف يعمل ويجتهد لكي يحضر إلى أسرته كل ما يحتاجون وغالباً ما يشعر هو أو الأم بالتقصير إذا قصر أحدهما وكم يضايقه وكم يضايقها هذا الشعور بالتقصير، علماً بأن هذا التقصير لم يكن برغبة أو قرار منهما بل هو رغماً عنهما!. فما أجمل هذا التعاون فينا، هذا الخلق الإلهي العظيم والذي يسهل الحياة والتغلب على كل صعوباتها حين يكون جزءاً منا وفينا فهو (الطبع ) الذي طبعنا الله عليه ومدى الحياة!.
وانظروا هنا إلى هذا البناء (مجرد بناية) ويسكنها أصحابها ومثل أي بناء آخر، ولكن سكان هذا البناء شكلوا بينهم ومنهم (لجنة بناء) تشرف على مصلحة كل السكان في هذا البناء، وكل ما يحتاج من خدمات ونظافة وحرص وإدارة على السطح وفي المدخل وعلى الباب الرئيسي، وكل ما يمكن أن يوجد حول هذا البناء أمامه وخلفه وحوله لكي يساعدوا جميع سكانه ويتعاونوا مع كل الجوار.
وانظروا إلى اللغة الواحدة التي نتحدث بها، إنها تساعدنا جميعاً على أن نتفاهم ونعمل ونتعلم ونعيش كل حياتنا وبكل تفاهم وسهولة، فما بالك إذا أصبحت لنا، وفي كل هذا العالم لغة واحدة، كما حاولوا أن يفصلوا سابقاً ونرجو أن ينجحوا في المستقبل، لغة لجميع سكان الكرة الأرضية وهكذا تكون النصيحة اليوم أن علينا جميعاً أن نحافظ وبكل ما نستطيع أفراداً وجماعات وشعوباً على التعاون.. هذا الخلق الإلهي الرائع خاصة وأن هذا التعاون مستمر ويتطور وينتشر مدى الحياة وعلى الرغم من كل الصعوبات والموانع التي يضعها ودائماً أعداؤنا وأعداء الشعوب!.