ثقافة

“لودميـلا” للأديبة لينا كيلاني تســـتحضر كارثة تشــــيرنوبل

بدأت الأديبة لينا كيلاني تجربتها مع الكتابة في التوجه إلى أدب الأطفال، وقد كان لنشأتها في جو أدبي دوره في صقل موهبتها، إذ لاقت كتابتها استحساناً لدى الأطفال، واستطاعت أن تخاطبهم بما يلامس أرواحهم وعقلهم معاً، واستمرت هذه التجربة طويلاً إلى أن انتقلت بعدها إلى مراحل أخرى، انتقلت فيها من أدب الأطفال إلى أدب الشباب، ورواية “سندريلا” التي كتبتها في رؤية معاصرة وجديدة، وقد أغراها هذا الجانب، فانطلقت إلى أدب الخيال العلمي، وأصبح للحكاية غواية أخرى، فكانت مأخوذة إلى حد الهوس بموضوع جديد هو موضوع الهندسة الوراثية، ودعمت رؤيتها بقراءات لموضوعات كثيرة في هذا المجال الذي أثار اهتمامها، فكتبت عنها وقدمتها للقارئ بأسلوبها وطريقتها ومفهومها، وهي موضوعات رغم الطابع العلمي الذي تتناوله إلا أنها تنطوي على جانب إنساني، وفلسفة للحياة، وضمنتها أسئلة حول الإله والذات، وهذه الأسئلة كلها وجدت في رواية “المستقبل” التي أصدرتها في العام 1997 كما تضمنت الكثير من المكتشفات العلمية،التي اصبحت من أهم معطيات عصرنا الراهن، وقد خدمتها دراستها العلمية للهندسة الزراعية في مجال الكتابة، إذ أصبح لديها منهج علمي في التفكير، ليكون رصيدها العديد من المؤلفات في أدب الخيال العلمي، والقصص القصيرة والرواية، كما كتبت أعمالا درامية تلفزيونية للأطفال، ترجم بعض مؤلفاتها إلى لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألبانية والصينية والروسية والإسبانية، والفارسية والسويدية والدانماركية والنرويجية.
وحديثاً صدر للأديبة كيلاني عن سلسلة روايات الهلال في القاهرة رواية “لودميلا” التي تستعيد فيها الكاتبة الظلال الإنسانية لكارثة انفجار مفاعل تشيرنوبيل، التي وقعت في 25 نيسان 1986 بدون أن تعيد التفاصيل.
ترصد الرواية الآثار الكارثية التي ترتبت على هذا الانفجار على صحة البشر من ساكني المنطقة والإضرار بمسار الحضارة الإنسانية، كما تضعنا الرواية في مواجهة مع ذلك الحدث بعد عقود من الزمن فترصد ملامح منه إلا أنها في الوقت ذاته تدق أجراس الإنذار على مسمع من العالم لاستخدامات مستقبلية للذرة ولو كانت لأغراض سلمية .
استخدمت الأديبة كيلاني الراوي وهو صاحب الصوت للشخصية التي من خلال تطورها توصل الكاتبة المعلومات للقارئ، ويعتبر الراوي مشاركا في شخصيات القصة وهذه الرواية لها رواة متعددون لتوضيح القصة من مختلف الشخصيات في داخلها كما أن الراوي في الرواية ليس مجرد شاهد، بل أصبح جزءاً من الشخصيات وصانعا للأحداث ومحركاً لها.
تتجلى براعة الكاتبة عندما توظف كارثة حقيقية أصابت مجتمعا بأثره بالضرر البليغ توصيفاً فنياً، حيث يتداخل بناؤها مع بناء الرواية فيأتي بناء الحادثة موازياً لبناء الرواية.
أما الكاتبة فتقول عن الرواية: إنها وبالرغم من أن مكان أحداثها محددة ومعروفة وزمانها نهاية القرن العشرين، إلا أنها من الممكن أن تتكرر في بقع أخرى من بقاع الأرض وفي أي وقت لكونها كارثة إنسانية من الممكن تكرارها.
أسئلة تطرحها الرواية أو تختصرها في إجابات واضحة وصريحة وأخرى مغلفة بالخوف والحزن عن مصائر أناس معلومين ومجهولين يقعون في دائرة القدر.. ولو أنها من صنع البشر أو بعض أنظمة الدول!.
البعث