ثقافة

“زينة الدنيا” للكاتبة وفاء دلا حواريات مؤنسنة تعزز الطاقة الإيجابية

“الأزهار والورود تفتحت جميعها بألوان متعددة ورائحة فواحة مختلفة العطور، وكانت الأشجار قد لبست ثوباً سندسياً أخضر رائع الجمال، قالت العصفورة لرفيقها العصفور: حقاً إنه أجمل الفصول”.

التكثيف الوصفي السردي البسيط لملامح الطبيعة خيّم كخميلة وارفة على القصص التي تضمنتها مجموعة “زينة الدنيا” للشاعرة والكاتبة وفاء دلا، وتأتي هذه المجموعة ط2-بعد ثلاث مجموعات للأطفال منها “أحلى مافي الوجود” لتستكمل مشروعها الخاص بالأطفال كونها تؤمن بأن الحكاية أقرب السبل إلى قلب الطفولة.
كما تميزّت المجموعة بالأسلوب الإنشائي من حيث السرد الحكائي إضافة إلى الاهتمام بالحالة الوصفية للون والشكل لتتداخل مع حواريات تعتمد على أنسنة الحيوانات والنباتات والأشياء، بغية تنمية الذكاء الاجتماعي والعاطفي لدى الأطفال من خلال استيعاب المضمون الإنساني والأخلاقي للقصة، وركزت على استثمار الطاقة الإيجابية الانفعالية لدى الأطفال بعيداً عن أسلوب الترهيب والتخويف وبعيداً عن الطاقة السلبية، من خلال استنباط الفكرة التي تقوم عليها الحكاية وتتمثل قيمة ما مثل الإحساس بالآخر، وروح التعاون، وتعزيز روح المحبة والألفة، والإقبال على العمل، مستفيدة من الأسئلة التي ألحقتها بكل قصة  لترسيخ هذه المفاهيم من خلال أجوبة الأطفال، إضافة إلى الثقافة الفنية إذ تألقت المجموعة برسومات الفنانة-صباح كلا- لتثري المخزون البصري اللوني لدى الأطفال بهياكل الرسومات التي تترجم أفكار القصة وتصاعد وتيرة الحدث، وتعمدت ترك مساحة لونية فارغة لتساعدهم على اختيار الألوان الصحيحة للتدرجات اللونية.

تقارب بين الطفل والمجتمع
وعبْر التنوع القصصي استخدمت الكاتبة بعض الأساليب النحوية مثل تعدد الصفات والتصغير، في قصة “يافا وسوسو” عرّفت الكاتبة مباشرة بالشخصية دون مقدمات، فبدأت بيافا طفلة مجتهدة ومرتبة ثم عادت إلى الحدث الأساسي مستندة إلى الزمن الماضي “في أحد الأيام نسيت يافا أن تحفظ دروسها وراحت تلعب مع قطتها” لتصل إلى أهمية تقسيم الوقت وتوزيعه بين العمل الجاد والدراسة مع إعطاء مساحة للذات لممارسة اللعب من خلال التحاور مع يافا وقطتها، وظهور شخصية المعلمة التي نبهت يافا إلى الخطأ المرتكب.
وفي قصة جمعية خيرية تحاول أن تجري عملية تقارب بين الطفل والمجتمع بإيضاح فكرة مساعدة الفقراء وخاصة المرضى من خلال اقتراح المعلمة إنشاء جمعية لجمع التبرعات على مدى العام، توضع في الصندوق الخيري ليتم توزيعها.

رمزية الطبيعة
وفي قصة “عاصفة سوداء” ركزت على الطبيعة في المقدمة الوصفية “في أحد أيام الشتاء القاسية هبّت عاصفة شديدة اقتلعت الأشجار من جذورها، وكشّرت عن أنيابها وزأرت بصوت رهيب” وجنحت نحو الرمزية بحضور الجبل الشامخ الذي وقف في وجه العاصفة ومنعها من الاقتراب من الأطفال وطلب منها التوقف “مكانك ياعاصفة” لتتلاشى أمام عظمة الجبل، وهذه الرمزية تملك دلالات يستنتجها كل طفل على حدة وفق رأيه وإحساسه وإدراكه مفهوم الحماية، لتضع الأطفال في قصة “أمل والقمر” إزاء تحليل بعض ظواهر الطبيعة “كانت تصغي إلى المعلمة في درس العلوم الطبيعية، وهي تشرح دورة القمر الشهرية وكيف يكون في أول الشهر، وفي منتصف الشهر، وكيف يكون في آخره”، والجميل في المجموعة اهتمام الأطفال بعيد الحبّ كظاهرة اجتماعية يعيشها الكبار والصغار من خلال قصة “هدية لماما” حينما أحضر عماد الوردة الحمراء المغلفة لأمه تعبيراً عن محبته لها. وتبقى هذه المجموعة ضمن المنتج الثقافي الذي ينمي ذائقة الأطفال وثقافتهم.
ملده شويكاني