“أغاني المتوسط من أجل السلام”.. روحا دمشق وقرطاج تتعانقان في عرض أوبرالي
عاش جمهور مهرجان قرطاج الدولي في دورته الـ 51 التي انتهت منذ أيام سهرة استثنائية مع الموسيقى، ارتأت إدارة المهرجان أن تحييها خارج أسوار المسرح الأثري في قرطاج، للفت انتباه الجمهور إلى مواقع أثرية ذات قيمة، فكان الفضاء كنيسة القديس سيبريان أحد الآباء المؤسسين لقرطاج، والذي أعدم بسبب أفكاره المنفتحة. ومن هذه الرمزية جاء العرض الأول للأوركسترا السيمفونية التونسية بعنوان “الإعصار” في حين جاء الجزء الثاني من السهرة بعنوان “أغاني المتوسط من أجل السلام” بمصاحبة الأوركسترا السيمفونية السورية والأوركسترا السيمفونية “تاس دروس”– تونس
غص الفضاء بجمهور عريض متعطش لسماع ألحان موسيقية جمعت كل صنوف موسيقى دول حوض المتوسط، واستمتعوا بأداء عديد الأصوات المتميزة التي أذهلت الجمهور بأدائها الأوبرالي لعدد من روائع الغناء العربي والتونسي مثل: حسان الدوس، آمال السديري، ليليا بن شيخة من تونس وسوزان حداد ومنار خويص من سورية، صفق لهم بحرارة وتقدير جمهور من محبي الموسيقى الراقية في مختلف الأنماط ومن الداعمين للتجارب الجادة.
بعد ذلك غنى “هيثم الحضيري” بصوته الأوبرالي المتميز عدداً من القطع الأوبرالية المعروفة، وأدت “أماني بن طارة” بعض الكلاسيكيات الأوبرالية ورقصت “جميلة كامارا” في أداء مسرحي حي على إيقاع “زوربا”. واستمتع الجمهور بدرر الموسيقى الكلاسيكية مثل لا ترافياتا “لجوزيبي فيردي” (1813-1901) إضافة إلى عدد من المقطوعات الشهيرة لـ “جورج بيزات” و”جيوفاني كابيرو”.
في النصف الثاني من السهرة كان محبو الموسيقى الكلاسيكية والأغاني الأوبرالية على موعد مع عرض “أغاني المتوسط” من أجل السلام، الذي يمتد من دمشق إلى قرطاج مع الأوركسترا السيمفونية الوطنية السورية والأوركسترا السيمفونية “تاس دروس” من تونس بقيادة ميساك باغبودريان وسمير الفرجاني.
كانت لحظات استثنائية جداً جعلت جمهور “كنيسة سان سيبريان” يصفق بحرارة متفاعلاً مع مختلف محطات هذا العرض الذي افتتحه “سمير الفرجاني” بمقطوعة موسيقية بعنوان “الجازية”، قبل أن يستقبل قائد الأوركسترا السيمفونية الوطنية السورية “ميساك باغبودريان” ومعه يصدح صوت “ليليا بن شيخة” بصولو سوبرانو.
حلّقت الموسيقى الراقية والأصوات الملائكية في سماء الكنيسة طيلة عرض “أغاني المتوسط من أجل السلام” بين الخلق والإبداع والتنويعات الخاصة بالتراث الموسيقي المتوسطي والعربي من إيطاليا “فيردي” و”بوتشيني” ودونيزيتي” ومن سورية الموشحات والأغاني الشرقية والحلبية، ومن مصر القصبجي وأسمهان وفريد الأطرش وعمار الشريعي، وصولاً إلى تونس مع الهادي الجويني وفتحية خيري، مع أعمال أوبرالية معروفة وأغان عربية وتونسية مثل “يا طيور” لأسمهان، “لاموني اللي غاروا مني” و”سمراء يا سمراء” وقد أدى الأغنيتان في شكل دويتو ممسرح كل من “ليليا بن شيخة” التي تألقت ليلتها و”حسان الدوس” بتنفيذ موسيقي وأداء أوبرالي ساحر.
واختتمت السهرة بأداء جماعي مؤثر لأغنية “موطني” حركت السواكن ليعانق الجمهور حلماً يرفرف فيه السلام ويجمع تحت جناحيه عناقاً لروحين هما في الأصل روح واحدة دمشق وقرطاج.
فتحي مرزوقي