ثقافة

الفنــان “رضـــا” يحيــي جمهــور الأوبــرا بـ “ســـورية ما بتنحنـــي”

حظي مهرجان الموسيقا العربية الثالث بمشاركة الفنان اللبناني رضا الذي أشاد بمواقف سورية المشرّفة ومواجهتها الإرهاب، فوقف على مسرح الأوبرا يحيي سورية بقوله”سورية ما بتنحي” وسط تصفيق الجمهور الذي وصفه “بالسميع” الذي يعكس ثقافة سورية وحضارتها، تشاركه الفرقة الموسيقية بقيادة نظير مواس عازف الكمان الأول الذي رافق السيدة فيروز، بتقديم بعض أغنياته إضافة إلى غنائه وصلات طربية لقامات الغناء العربي، مما غيّر مسار الأمسية من حيث القالب الغنائي للأغنية الدرامية المعاصرة ذات الألحان الراقصة المعتمدة على الإيقاعيات بنسب مدروسة إلى التحليق بعوالم الموسيقا الساحرة والامتداد اللحني لخصوصية ألحان القصيدة العربية.

تميّزت الأمسية بحضور الناي –العازف طارق قاضي أمين- في أغلب الأغنيات وتفرده بصولو أبدع فيه وبدا أشبه بمقدمة موسيقية، إلى جانب حضور القانون كصولو وكآلة مرافقة – العازف جرير عنا- مع حضور البزق الآلة الشرقية التقليدية في الغناء المعاصر كتلوين موسيقي في بعض الأغنيات، منها علم ولدك بشكل خاص –العازف رامي حاج حسن-، وبدا الاعتماد الأساسي لاسيما في أغنيات رضا التي تدمج بين الألحان اللبنانية المعاصرة والشعبية على الآلات الإيقاعية الشرقية التي كانت أساسية في الألحان بمشاركة إحدى الآلات الإيقاعية المعدنية ذات الصوت البراق.

مواس والافتتاحية الموسيقية
أما مفاجأة الأمسية فكانت المقطوعة التي قدمها نظير المواس قائد الفرقة على الكمان لموسيقا أغنية “كامل الأوصاف لعبد الحليم حافظ” ولكن على خلاف الأمسيات السابقة لم يقدم مواس المعزوفة منفرداً، إنما بمرافقة الفرقة ليأخذ الكمان الدور الأول واللحن الأساسي ويعلو صوته على التشكيل اللحني للفرقة بأكملها باستثناءات تفرده بفواصل لحنية خاصة كما في مفردة” ليه” و” قالوا الصبر”، وكانت هذه الافتتاحية الموسيقية موضع إعجاب الجمهور لإبداع مواس وترجمة إحساسه الدافئ بأوتار الكمان.

رضا والغناء الدرامي
ومن المعروف أن رضا تميّز بصوته الطربي الجبلي الذي وظّفه بالنمط الغنائي الذي احترفه وهو الغناء الدرامي المعاصر بإتباعه نمط الأغنية التي تشبه الأقصوصة وباللهجة المحكية، من حيث امتلاكها روح الحكاية المعبّرة عن حالات إنسانية ذاتية وعاطفية، فغلب على بعضها الطابع الحزين باستثناء أغنياته الوطنية، وفي الأمسية كان وقع أغنيته الأشهر”علم ولدك” كبيراً على الجمهور، الذي تفاعل مع كلماتها التي تحمل شيئاً مما نعيشه، وبدا واضحاً فيها التصاعد اللحني للجمل اللحنية الرشيقة الراقصة، إلى الأغنية التي اشترك الجمهور بغنائها معه”من بكرا بيبعت الله”.

ألم النكران والناي
وقدم رضا لوناً آخر من أغنياته التي غلب عليها الحزن والتي تتسرب مباشرة إلى الروح لمفرداتها التي تبوح بألم النكران وقلة الوفاء وغدر الأحبة، والتي نقرأ فيها إسقاطات غير مباشرة للمؤامرة التي تعرضت لها سورية”غمرتني الدنيا –أنا مافيي أحمل جفا” والتي تميّزت بحضور القانون في أكثر من موضع، تبعتها”نسيت النوم” التي أهداها إلى سورية ” وقد سُبقت بصولو مطول لنغمات الناي الحزينة وتدرجاته اللحنية ليستمر بمرافقة الفرقة مع حضور طفيف ومؤثر للصوت البراق المنبعث من الآلة المعدنية الإيقاعية.

موسيقا القصيدة والسلطنة
تغيّر المسار اللحني للأمسية بغناء رضا أغنيات من الزمن الجميل فبدت قدرة مواس التقنية والفنية بشكل أكبر حينما حلّق الجمهور بأجواء موسيقا رائعة عبد الحليم حافظ”رسالة تحت الماء” التي لحنها محمد الموجي، لاسيما في مساحة الوتريات، وقد غنى رضا بأدائه الغنائي وأسلوبه، وبرأيي لا توجد مقاربة بينه وبين عبد الحليم المتميز بصوته الدافئ وإحساسه الدرامي الذي يطغى على الأغنية فبدا بعيداً عنه ربما لطبيعة صوته الجبلي، في حين أبدع بتأدية في يوم وليلة  للفنانة وردة ألحان بليغ حمدي والتي سبقت بصولو القانون ليتبعه صولو الناي، وتفاعل الجمهور معه إلى درجة السلطنة لجمال صوته وقوة اللحن والأجمل كانت أروح لمين لأم كلثوم ألحان السنباطي.

الله يحميك سورية
أنهى رضا الأمسية بتحية إلى قائدنا وجيشنا وشعبنا بإضفاء روح حماسية بأغنيته “الله يحميك سورية” والتي تميّزت بجمل لحنية سريعة جداً وإيقاعية وفرحة مودعاً جمهوره بتمنياته بعودة الأمان إلى ربوع سورية التي وصفها بأغنيته بالأم”أنت الأم يا سورية”.

ملده شويكاني