ثقافة

بسام جاموس محاضراً عن الهدايا الحضارية السورية للبشرية

سورية على مرّ العصور قدمت هدايا حضارية كبيرة للبشرية بسبب وجود ممالك متعددة في مختلف بقاعها، هذا المحور الأساسي للمحاضرة التي قدمها الباحث د. بسام جاموس في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة بعنوان”هدايا حضارية سورية للبشرية” والتي وصف فيها سورية بأنها متحف متنقل بالهواء الطلق منذ خمسة آلاف سنة وحتى هذه اللحظة، إذ ظهرت مملكة ماري، ومملكة إيبلا في إدلب، وتل بيدر في الحسكة، ومملكة قطنا الواقعة قرب حمص، ومملكة أوغاريت على الساحل السوري، والممالك التابعة إليها، وممالك هامة في حماة بعد عصور البرونز، شكّلت جميعها فسيفساء للتعايش الحضاري الذي عاشته سورية منذ ذاك الوقت، وهذا ما جعلها تتعرض لأشرس هجمة إرهابية لتخريب معالمها وتدمير ممنهج لتراثها الحضاري لأن المعركة معركة ثقافية أيضاً تستهدف تراثنا. فشهدت جرائم قتل لم يشهد التاريخ مثلها طالت علماء الآثار والتمثيل بهم كما حدث للعالم خالد الأسعد، وكما قُتل في العراق عدد من الباحثين قارئي النصوص.
وحفاظاً على حضارتنا وآثارنا اقترح جاموس تدريس المعطيات الأثرية الحديثة التي غيّرت المسلمات في العالم بالمناهج المدرسية، كي تتعلم الأجيال القادمة الهدايا الحضارية التي قدمتها سورية للبشرية استناداً إلى أبحاث العلماء والمؤرخين والموثقين بالاعتماد على الوثيقة. وأشاد جاموس باهتمام علماء الآثار بالتنقيب في سورية لغناها الحضاري، والمطالبة في ظل الأزمة بالتنقيب في الأماكن الآمنة. أما مفاجأة المحاضرة فكانت -كما ذكر الباحث- عزف كيما مقطوعة أوغاريت بأسلوب جديد في ليون وسط أجواء دولية.
أرشيف ماري
بدأ بالحديث عن الهدية الأولى مملكة ماري التي تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات في دير الزور، وبدأ أندريه باروك التنقيب فيها منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وقد عثر على مجموعة من التماثيل التي كُتب عليها أسماء الملوك والآلهة في تلك الفترة، وأثنى على أرشيف ماري- فكما ذكر -لولا أرشيف ماري لما عرفنا شيئاً عن تاريخ بلاد الشام وبلاد الرافدين، إذ تتضمن رقمها نصوصاً أضاءت على دور المرأة الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والشعائري، إضافة إلى القصائد الميثولوجية والواقعية، وتوجد مجلدات حول الفنون والمرأة والقانون والاقتصاد وعلم الفلك والرياضيات، وهناك الكثير من المجلدات التي مازالت تترجم من اللغة المسمارية إلى اللغة الفرنسية، وتمت ترجمة بعض النصوص في وزارة الثقافة، واقترح الباحث أن تتم الترجمة الكاملة لأرشيف  إيبلا وماري وأوغاريت.
لغة إيبلا المحلية
قدمت إيبلا لغة محلية والملفت أن فيها حرف الضاد، وهذا ما أثبته الباحث حميد حمادة، وكما أكد الباحثون فإن اللغة الإيبلائية هي لغة محلية مسمارية، ورقمها تتنوع بين علم الرياضيات والفلك والنجوم والفلسفة والقانون،ورسائل دبلوماسية بين الممالك الداخلية بين إيبلا وماري والممالك الخارجية، كما أعطتنا إيبلا أسماء الملوك والآلهة.
المقطوعة الأولى
ومن عصر البرونز الحديث عصر ظهور أوغاريت -رأس الشمرا، ظهرت الأبجدية الأولى من خلال الرقيم المسماري، هذه الأبجدية التي دُرست وانطلقت منها الأبجديات الأخرى، وكذلك المقطوعة الموسيقية الأوغاريتية التي كُتبت على وجهين، وقد عزفتها كيما ووزعتها، ولدينا موسيقيون سوريون عزفوها مثل راؤول فيتالي، ونشرت دراسات مطوّلة عنها أثبتت أن سلمها شرقي السلم السباعي، وتابع: لا ننسى الجهود التي قدمها زياد ومحمود عجان عبر دراسات حول التطور الموسيقي لهذه المقطوعة، وحول السلم الموسيقي، إضافة إلى مجموعة من الموسيقيين السوريين الذين يقدمون في الوقت الحالي معزوفات عن مقطوعة أوغاريت.
العمارة الدائرية والمربعة
وأخيراً توقف عند العمارة الدائرية والمربعة في حلب في الألف الخامس، إضافة إلى قصور الملوك المزينة بالزخارف والكتابات الميثيولوجية التي دُمرت بعض الأجزاء منها في الحرب الهمجية، لينتقل إلى فن نحت التماثيل والنقش على الذهب والفضة والنحاس، وأضاف: لدينا الكثير من القوالب التي تم العثور عليها لكيفية صناعة الذهب في ماري وإيبلا وأوغاريت، وأجمل كنز في العالم عُثر عليه في موقع المشرفة في قطنا عام 2009 في مدفن ملكي يضم قطعاً ذهبية وفضية وعاجية وتتميز بعضها برقائق ذهبية أخف من ورق السيجارة، مما يدل على وجود هذه الصناعة في مدينة حمص، وستكشف التنقيبات المستقبلية عن أرشيف ملكي كامل . كما تحدث عن الفن التدمري وعمريت وأفاميا وشهبا والجولان متوقفاً عند أميرة بانياس واللوحات الفسيفسائية مثل ربة العدالة ربة الفلسفة والملاحم، ليخلص إلى الحضارة العصرية المتمثلة بالجامع الأموي الذي يوضح التطور المعماري.
ملده شويكاني