ثقافة

طيلة أيام العيد “مزرعة الأصدقاء” خوشــــناف ظاظـــا: صيغـــة كوميديـــة ســـهلة التقبّـــل

عندما نتمتع بسمة المحبة ونضع نصب أعيننا التفكير الصحيح ونأخذ من التعاون طاقة لعملنا سيكون النصر نتيجة حتمية لحياتنا وراحة بالنا، ومستقبلاً مشرقاً لمن يخلفنا في الحياة.. بهذه المقولة يتوجه خوشناف ظاظا معدّاً ومخرجاً للأطفال من خلال العمل العرائسي “مزرعة الأصدقاء” الذي يستمر عرضه خلال أيام عيد الأضحى في مسرح العرائس بدمشق.

الحوار مع الجمهور
يشير ظاظا في حواره مع “البعث” إلى أن العمل يظهر كذلك معلومة التوازن البيئي وأننا نستطيع الاستفادة من كل ما هو موجود على سطح الأرض، لتترجم أحداث العمل وأفكاره ومقولته بطريقة وأسلوب قريبين من الطفل، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود الأهالي مع الأطفال، حيث يرتب على المخرج –برأيه- إيجاد حلول تحقق المتعة لهم، أما لماذا هذا العمل في الظرف الراهن فلأن الطفل يجب أن يعرف كل ما يحدث، فهو يعيش الظرف الحالي ويرى ما يحدث، ومن الواجب عليه كعامل في المسرح بشكل عام ومسرح الطفل بشكل خاص حمل مسؤولية توضيح وطرح رؤاهم بشكل صادق، لذلك كانت الأولويات في العرض زرع الفرحة والابتسامة في نفس الطفل وإيصال مجموعة أفكار أخلاقية تربوية علمية، لها شكل فني ممتع من خلال فريق عمل يضم فنانين محترفين في تحريك الدمية لنقل الإحساس من الممثل إلى الدمية بشكل صحيح، لذلك كان من الضروري أن يكون المحرك ممثلاً ليكون قادراً على تحقيق المطلوب.
ويأسف ظاظا لأن ما كان يرغب القيام به لم يتحقق بسبب عدم توفر التقنية اللازمة وهي تقديم العرض بصوت مباشر وغير مسجّل، وهذه الرغبة ترتب عليه نتائج سلبية تجاه الرغبة الثانية وهي المسرح التفاعلي، الذي يكون فيه الحوار المباشر مع الجمهور وأن يكون المشاهد ممثلاً في العرض، وهذه هي النقطة الأولى والأساسية برأيه في مسرح المنتدى وهو جزء مهم من المسرح التفاعلي، وبالتالي لم يتحقق ما كان يفكر به ليكون ما هو حاضر في مخيلته أقل من النصف.

أول عمل له
وتأتي أهمية “مزرعة الأصدقاء” بالنسبة لظاظا وهو الذي سبق وأنجز مسرحيات: “قبعة الإخفاء-الرهان الخاسر-اللغز-جبل البنفسج” من أن العروض السابقة كانت من إنتاجه، أما “مزرعة الأصدقاء” فهو أول عمل له من إنتاج مديرية المسارح والموسيقا، وبهذا يسجل اسمه كمخرج في مسرح الطفل في وزارة الثقافة، وهذا شرف له بأن يكون فريقه من الفنانين المحترفين، منوهاً إلى أن العمل هو فقط دمى على خلاف “جبل البنفسج” مثلاً الذي كان يضم دمى وممثلين على الخشبة، في حين أن الجديد على صعيد الإخراج في “مزرعة الأصدقاء” أنه عمل يحمل تفاصيل إخراجية على صعيد الإضاءة والموسيقا والصورة البصرية أكثر من العروض السابقة، والسبب هو المكان والإمكانيات الإنتاجية المتاحة من قبل جهة الإنتاج، وذكر أن التعامل مع الفريق ومدى استجابته مع العمل كان السبب الفعال أيضاً في خلق بعض الأفكار الإخراجية.

صبغة كوميدية سهلة
لم يعتمد ظاظا في “مزرعة الأصدقاء” على نص محلي لأن ما يهمه في النص المسرحي، وخاصة الموجه للطفل، هو الفكرة ومدى قابلية النص لأن يكون قريباً من الطفل كأفكار ورغبة وتفاعل وأسس تربوية وتعليمية، أما الكاتب فله احترامه على أفكاره وليس بانتمائه المحلي أو الإقليمي أو حتى الدولي.
وحول الإضافات التي قدمها ظاظا للنص يؤكد -مع احترامه لكاتبه- أنه لا يصلح ليكون عرضاً ما لم يكن هناك نص عرض يُكتب من قبل دراماتورج أو المخرج ليتناسب مع معطيات الظرف الحياتي المعاش من قبل المتلقي سواء كان طفلاً أم راشداً, وفي “مزرعة الأصدقاء” تم العمل على إعداد النص أكثر من مرة بغية الوصول إلى صيغة تتلاءم مع فكر الطفل وواقعه المعاش، وذلك ضمن صيغة كوميدية سهلة التقبل من قبل الطفل، دون أن ينكر مساهمة الفنانين العاملين في العمل من خلال التدريبات في طرح مجموعة من الأفكار تخدم مقولة العرض وتحقيق المتعة، من خلال المسرح لدعم الطفل نفسياً لعدم الانخراط في ما يحدث من حوله من حرب ودمار.

أحد أشكال الدعم النفسي
وعن الصعوبات التي واجهها ظاظا أثناء تنفيذ العرض أتت بالدرجة الأولى الناحية المادية علماً أن مسرح الطفل يحتاج إلى تكاليف مالية إضافية وخاصة في الديكور، أما الصعوبات الفنية من حيث قلة اليد العاملة في صناعة الأثاث الخشبي للديكور فقد تم التغلب عليها قدر المستطاع.
وعن أهمية مسرح العرائس بيّن ظاظا أن له أهمية في أي زمان وفي كل مكان، خاصة في الظروف الحالية، فهو أحد أشكال الدعم النفسي لكل فرد، صغيرا كان أم راشداً, فالدمية تعتبر الغرض الانتقالي ليستطيع المرء من خلالها أن يعبّر عن مشاعره، وخاصة عند الطفل فهو عندما يقدم على صناعة الدمية يطهِّر ما في داخله من تراكمات نفسية سلبية، هذا من جهة ومن جهة أخرى يصنع دماه كما يرى الحياة والصعوبات التي واجهته، في حين أن المشكلة الحقيقية التي يواجهها مسرح الطفل تكمن في عصر التقنيات وكيف يمكن أن يواكب المسرح هذا العصر, وهذا برأي ظاظا يتطلب أولاً اختيار نص يحمل في طياته أفكاراً تربوية تعليمية، والعمل على إضفاء روح الدعابة والضحكة على الحوار والحدث، والعمل على العناصر المبهرة في العرض.
أمينة عباس