ثقافة

غادة حرب مع كورال غاردينيا.. أعادت زمن الطفولة الآمنة

“ما أحلى أن نعيش في خير وسلام، ما أحلى أن نكون في حبّ ووئام، لاشر ولا ظلم يؤذينا، والدنيا تبقى أمان للجميع” هذه المفردات الجميلة الحالمة بحياة سعيدة تتناغم مع الوردة البيضاء- غاردينيا -التي تتزين بها فتيات كورال غاردينيا بقيادة غادة حرب المتخصصة بالغناء الأوبرالي، كانت حاضرة بقوة في الأمسية الغنائية التي قُدمت على مسرح الأوبرا تحت عنوان”ما أحلى أن نعيش” بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة، وقد أبدعت فيها حرب بإعادة زمن الطفولة الآمن بغناء شارات مسلسلات الرسوم المتحركة التي رافقت حياة الأطفال والشباب والآباء في العقود الأخيرة من القرن الماضي مثل بيبيرو –النسر الذهبي، ريمي، ساسوكي،  ساندي بيل وغيرها كثير، وتركت أثراً دامغاً في الذاكرة الوجدانية الجمعية، وهذا ما أكده الحضور الكبير لجميع الأعمار وليس الأطفال فقط. ومع تكامل المشهد الموسيقي بتوحد الجمل الموسيقية مع كتلة الصوت المنسجمة بتقنية الغناء الجماعي المبنية على تقنية تعدد الأصوات بين “سوبرانو1وسوبرانو2وآلتو” وقدرة حرب على قيادة الفرقة الموسيقية مع الكورال لتشكيل وحدة موسيقية متكاملة، يبيّن نجاح مشروع حرب الذي أطلقته في بداية هذا العام.

أوقفوا عمالة الأطفال
ومما ساعد على إنجاح الأمسية أيضاً التركيز على الصورة البصرية من خلال الشاشة الكبيرة التي عرضت مشاهد متتابعة للأعمال وفق البرنامج،وتأتي هذه الأمسية تحت شعار”مستقبلنا في أيديهم، لنحمي مستقبلنا، أوقفوا عمالة الأطفال” بإسقاطات واقعية من خلال عرض مشاهد مؤثرة، اقتحمت مشاهد حزينة من مسلسل ريمي للتغييرات الحياتية المؤلمة التي تعرض لها الأطفال بسبب الحرب الإرهابية التي نعيشها، والتي شردت الأطفال وشتتهم، وإلى العمل ببيع بعض المستلزمات الصغيرة وفي محال الخضار في الأسواق لضرورة العيش، بدلاً من العيش بأمان كما كان يعيش الأطفال في زمن هذه الأعمال الكرتونية التي لاقت شهرة واسعة لصدق الكلمة وجمالية اللحن.  وقد تميزت الأمسية أيضاً بمشاركة المغني الأوبرالي ناجي حمود- تينور- بغناء شارة مسلسل جزيرة الكنز وغراندايزر.

الانتقالات اللحنية
كما طغت الجمل اللحنية السريعة والقوية ذات الإيقاعيات السريعة المتوافقة مع طبيعة المفردات التي تدعو إلى نبذ الظلم والشر، في حين يتبدل المسار اللحني مع الومضات الحزينة والعاطفية والمفردات الرقيقة والتي لاتخلو من مسحة حزن عميقة تسايرت مع خفوت الصوت وإعطاء مساحة واسعة لامتداد الجمل اللحنية، لتقابلها فواصل صغيرة ذات أثر، وهذا الانتقال اللحني السريع يعزز مشهدية التواصل بين الكورال والعازفين، فكان الحضور الأكبر للآلات الإيقاعية الدرامز للعازف سيمون مريش الذي استخدم أيضاً الصنجات والمؤثرات الصوتية خاصة مع التوقيفات مثل”لالاوهياهيا وبم بم”، إضافة إلى الصوت المعدني البراق لآلة الماريمبا العازف محمود كنفاني والفيبرافون، مع حضور الترومبيت القوي العازف نزار عمران في بعض الأغنيات، مع التلوين الموسيقي للبيانو ومشاركة الغيتار والكمان الذي تألق في مواضع مع التشيللو، إضافة إلى مشاركة الفلوت مع العازفة مارلا صحناوي بحضور واضح في مواضع. وزاد من جمالية الأمسية القفلة الموسيقية والغنائية المختلفة في كل أغنية. وتألقت الأغنيات بتوزيع سفانا بقلة باستثناء بيل وسيباستيان بتوزيع شانت كيشيشيان.

أمنيتنا بطفولة آمنة
استهلت حرب الأمسية بأغنية حكايات عالمية التي كانت بمثالة الافتتاحية تأليف حسين نازك، ليبدأ البرنامج بأغنية ساندي بيل تأليف تاكيو واتانابي التي أعطت  للكمان والبيانو حضورهما، إلى ببيرو- النسر الذهبي تأليف تاكيو ياماشيتا وتميزت بمقدمة إيقاعية سريعة ليتغير المسار اللحني مع جملة “ببيرو سفرك طويل” إلى بيل وسيباستيان تأليف تيتيني شيفنز ووزعها شانت كيشيشيان، إلى سنان “ما أحلى أن نعيش” الأغنية التي اختارتها حرب عنواناً للأمسية كرسالة تحمل إلى العالم أمنيتنا المشتركة بحياة آمنة ميزتها نغمات الآلات الإيقاعية والغيتار والفلوت.
وبدا تفاعل الجمهور مع أغنية “ريمي” المسلسل الشهير الذي حمل الكثير من القيم الإنسانية “نقطع الدروب، نفرح القلوب، لانؤذي أحداً”، عبر عرض مشاهد عمالة الأطفال المؤلمة وأثرها السلبي على المجتمع، والتي تنقل صورة حقيقية عن آلام الطفل السوري وهمومه.
تأثير ناجي حمود
وتغيرت أجواء الأمسية مع مشاركة مغني التينور ناجي حمود بغناء شارة مسلسل غرانديز”علي علي بطل فليد هيا طر يا غراندايزر” تأليف شونسكي كيكوتشي بصوته القوي المتصف بطبقة حادة ومرتفعة، فعلا صوته على صوت الموسيقا والكورال وأثار أجواء حماسية تفاعل معها الجمهور بحضور قوي للترومبيت للعازف نزار عمران مع بقية الآلات، ليتابع بامتداد صوتي هادئ لكلمات أغنية جزيرة الكنز” ها نحن ذا على دروب كنزنا نسير معاً وآمالنا تسير قبلنا” لتبدو مساحة نغمات التشيللو والكمان مع “جزيرة عجيبة” وحضور الترومبيت والفلوت. إضافة إلى أوسكار وجونغر.. لتنتهي الأمسية بمقطع آخر من ساندي بيل “إلى اللقاء سأودعكم على أمل اللقاء” كما تم عرض مشاهد متعددة من مراحل تدريبات كورال غاردينيا ونشاطاته السابقة.
ملده شويكاني