ثقافة

بعد حفله في مهرجان العزف المنفرد حسين علان: العود عرضة اليوم لانتهاكات كثيرة

بعد مسيرة موسيقية يتجاوز عمرها 30 عاماً وعزفه على أهم خشبات المسارح العربية والدولية، ومشاركاته الكثيرة مع أهم الفرق الموسيقية ووقوفه أمام أهم المطربين السوريين والعرب، شارك الموسيقي حسين علان في مهرجان العزف المنفرد من خلال حفله الذي أحياه أمس في دار الأسد للثقافة إخلاصاً منه لآلة العود التي تتعرض اليوم برأيه لانتهاكات كثيرة عبر العزف على العود كآلة كلاسيكية لها خصوصيتها التي ينتهكها اليوم كثيرون بتحميلها طاقات أكثر مما تحتمل.

الأطرش وكلثوم والنقشبندي
وعلى الرغم من وقوفه على أهم المسارح عربياً ودولياً وعزفه أمام جمهور كبير إلا أن علان اعترف في حواره مع “البعث” أنه شعر بمسؤولية كبيرة بمشاركته في مهرجان العزف المنفرد من خلال حفله الذي عزف فيه عدة معزوفات لفريد الأطرش “توتة” وأم كلثوم “بعيد عنك” و”ستّي” بأسلوب النقشبندي ومجموعة من الارتجالات وغيرها. وبيّن أن المشاركة في المهرجانات  المحلية بالنسبة للعازفين الشباب بالتحديد فرصة جيدة للظهور والكشف عن الإمكانيات التي يتمتعون بها ولخلق منافسة شريفة بينهم، فمهرجان “العزف المنفرد” مهم جداً للمبدعين من شبابنا وعازفينا لزيادة الخبرات والتفاعل مع العازفين الآخرين ومع الجمهور، ومشكورة دار الأسد للثقافة والفنون، التي تتيح برأيه الفرصة لكل من يجد نفسه منافساً حقيقياً المشاركة وإبراز ما لديهم من مهارات وتقنيات عالية وجدية في العزف.
وعلى الرغم من كل ما لدينا من موسيقيين ومبدعين إلا أننا برأي علان ما زلنا نحبو أمام التقدم الهائل في الموسيقا في الخارج، والأسباب كثيرة، في مقدمتها عدم وجود مسؤولية حقيقية لتطوير أنفسنا أمام المجتمعات الأخرى التي سبقتنا.
أما المشارَكات العربية والدولية -كما أشار- فهي فرصة حقيقية للعازف لكي يتعرف على موسيقا وثقافات الشعوب وتحرضه على الإبداع وتساعده على تطوير آلية العزف بأشكال جديدة.

أسلوب العزف وتدريسه
تعلم علان الموسيقا على يد ميشيل عوض في سن مبكرة من حياته وتخرج من مدرسته بشهادة أسلوب العزف وتدريسه، وتدريجياً انتسب لنقابة الفنانين وخضع لامتحان من قبل لجنة ضمت أسماء هامة في حياتنا الموسيقية مثل: صباح فخري وعدنان أبو الشامات وغيرهما، وانضم بشهادة هؤلاء بشكل رسمي لنقابة الفنانين لينضم كما أوضح سريعاً لفرقة عدنان أبو الشامات ومرافقة الفنان صباح فخري في العديد من حفلاته ومرافقة الفنان عدنان ايلوش الأستاذ في المعهد العربي للموسيقا وأستاذ آلة العود الشهير في العديد من الحفلات في تونس والجزائر، مشيراً إلى أنه وبعد افتتاح المعهد العالي للموسيقا 1990 انتسب إليه، وبعد دراسة لمدة أربع سنوات وقبل تخرجه انسحب من المعهد لخلاف مع مدرس العود فيه آنذاك، ونوّه إلى أن الوزير المصري حينها فاروق حسني الذي كان قد سمعه في المعهد أثناء الدراسة فيه قد دعاه للانضمام إلى المعهد المسرحي الكونسرفتوار في مصر والمشاركة في مسابقة فريد الأطرش للعزف على العود، ولأسباب لم يتطرق إليها لم يستطع السفر من أجل ذلك، ليتابع عمله مع  فرقة زنوبيا بعد أن دعاه حسين نازك ليكون خلفاً للفنان سمير حلمي الذي انشغل مسرحياً مع الفنان دريد لحام.

مع ماجدة الرومي
وتذكر علان حفلات كثيرة شارك فيها مع الفنانة ميادة حناوي ووديع الصافي وملحم بركات والعديد من الحفلات التي شارك فيها من خلال فرقة طرب لماجد سراي الدين وفرقة المايسترو أسعد خوري التي شكّلها لمرافقة الفنانة ماجدة الرومي عام 2003 لكندا وأفريقيا وتونس ولبنان، بعد أن تم اختياره من بين عدة عازفين خضعوا لاختبار من أجل هذه المشاركة الهامة، التي تعرّف من خلالها على ماجدة الرومي كإنسانة مثقفة ومتواضعة وملتزمة تحترم عملها ومن يعمل معها بطريقة راقية، والتي لديها أسلوب مميز في الأداء وتنوع في الألحان التي تؤديها، وأكد أن أي عازف يعمل معها يستفيد منها في تطوير مهاراته الفردية.
وعن عمله في مجال الموسيقا التصويرية بيّن علان أنه عمل في هذا المجال من خلال مجموعة كبيرة من الأعمال السينمائية الهامة بالتعاون مع حسين نازك، في حين عمل في التليفزيون من خلال مسلسلات عديدة، منها “الخوالي” و”العبابيد” وأعمال أخرى كثيرة مثل “خلف الجدران” وكان آخرها مسلسل “باب الحارة”،   واعترف علان أن هذه الموسيقا تغريه كثيراً، خاصة وأنها تحتاج لمهارات معينة وتدريب جيد وخبرة وقدرة على التسجيل ضمن أستوديو، وكان آخر ما سجله أغان للفنانين مروان محفوظ ودياب مشهور ودريد عواضة وكذلك مشاركته في مهرجان الأغنية الوطنية.
الأطرش خير من عزف وألَّف
كما ربطت علان صداقة وثيقة مع الفنان الراحل محمد عبد الكريم الذي تعلم منه أشياء كثيرة على صعيد مسك الريشة التي كان بارعاً في استخدامها بطريقة فريدة، وتعرّف من خلاله على رياض السنباطي وأم كلثوم وشادية وليلى مراد وعلى رقيّ الفن الذي كانوا يقدمونه وهو الذي كان صديقاً مقرباً منهم.
ولم يخف علان تفاؤله بالجيل الشاب من عازفي العود الذين يملكون تكنيكاً عالياً، ويأخذ عليهم أنهم لم يوظفوا ذلك بما يخدمه، وأنهم يحمِّلون العود أكثر من طاقته وأن قسماً كبيراً منهم مازال متأثراً بالعزف التركي البعيد عن خصوصيتنا، ونوّه إلى أن فريد الأطرش هو الوحيد الذي ألَّف لهذه الآلة بطريقة صحيحة وأعطاها حقها الكامل، وكان خير من استفاد من الغرب ليطور طريقة العزف عليه، لكن بأسلوب شرقي بحت لدرجة أن موسيقاه باتت معروفة ولها هويتها التي لا يخطئ بها أحد بمجرد سماعها.

جيل غير مثقف موسيقياً
وقد عبر علان عن حزنه للوضع الذي تعيشه الموسيقا في مدارسنا بعد أن تحولت حصص الموسيقا لحصص فراغ، وهذا برأيه أنتج جيلاً غير مثقف موسيقياً استطاعت الموسيقا الغربية جرّه إليها، لأسباب كثيرة لدرجة أن معظم طلابنا اليوم لا يسمعون إلا هذه الموسيقا، مبتعدين عن الموسيقا الشرقية التي لم تعد تغريهم ولا تغري أهاليهم الذين باتوا يسعون لتعليمها لهم، وخير شاهد على ذلك معاهدنا الموسيقية التي يقبل عليها هؤلاء من أجل تعليمهم على آلات غربية، علماً أن هذه الرغبة لديهم من أجل الاستعراض ليس إلا، وهذا ما أدى لمرحلة انحطاط تمر بها الموسيقا الشرقية، والتي انعكست على الذوق العام الذي نشهده اليوم وعلى الانحطاط الذي نعيشه في مجمل حياتنا، وصدق من قال إذا أردتَ أن تتعرف على واقع الشعوب وحضارتها استمع لموسيقاها، مؤكداً في الوقت ذاته أن المعاهد الموسيقية الرسمية تحاول قدر الإمكان سدّ الثغرات في هذا المجال، من خلال توفير أرضية صحيحة لطلابنا حفاظاً على مسيرتنا الفنية الأكاديمية التي تضم مواهب وإمكانيات جيدة وملفتة للانتباه، وخير دليل وجود فرقتين عريقتين هما الفرقة الوطنية السيمفونية والفرقة الوطنية للموسيقا الشرقية.
أما التأليف الذي لازال علان بعيداً عنه أوضح أن التأليف الموسيقي موهبة لا يملكها كل موسيقي، وخير دليل أن فناناً كبيراً مثل فيلمون وهبي الذي أبدع في التأليف كان غير دارس للموسيقا، وكان تأليفه بالفطرة والموهبة التي امتلكها.
وعن مشاريعه المسقبلية أكد أنها ستكون مرتبطة بما يقدمه في دار الأوبرا فقط بعد أن قرر الابتعاد عن المشاركة في حفلات المطربين.

أمينة عباس