عشية حفلها اليوم بشرى محفوض: ليس هناك أغنية سورية
ليست المرة الأولى التي تقف فيها على خشبة مسرح وهي التي اعتادت منذ صغرها على الوقوف على خشبات متعددة، لتبدو الفنانة سعيدة بحفلها اليوم الذي يختلف عن الحفلات الأخرى التي سبق وأقامتها في دار الأسد للثقافة والفنون، والسبب أنه الحفل الأول الذي ستغني فيه بشرى محفوض أغانيها الخاصة إلى جانب غنائها لمجموعة من الأغنيات الطربية لمحمد عبد الوهاب وفايزة أحمد وفيروز وسلوى قطريب، ولذلك تنتظر بكل حب واشتياق لقاء جمهورها والوقوف على ردة أفعاله المباشرة بعيداً عن أي خوف أو قلق، وبلهفة لإسماعهم ما يعجبهم ويحبونه.
العطر المعتّق
اعتادت محفوض في كل حفلاتها في أوبرا دمشق أن تقدم أغانٍ طربية ليست مغناة من خلال صوتها، مشيرة إلى أنها اختارت للحفل أغنية “والله مانا سالي” لمحمد عبد الوهاب التي غناها هو فقط مع فرقته الموسيقية، وأغنية فيروز “يا عود” التي لم يغنّها أحد سواها على آلة العود أيضاً، وهذا ما ينطبق أيضاً على أغاني سلوى قطريب وفايزة أحمد، حيث أكدت محفوض أن اختيارها لهذه النوعية من الأغاني هو تحدٍّ لها بالدرجة الأولى، ولرغبتها في أن تغني أغانٍ لم يغنّها أحد غير أصحابها، وترى أن هذا النوع من الغناء هو الأساس الصحيح للفنان الذي يجب أن يسمع هذا الغناء ويغنيه، لأنه قائم على ركائز أساسية هي الكلمة الحلوة واللحن الجميل، مشيرة إلى أنه من واجبنا، بغضِّ النظر عن جنسية هذا الغناء، أن نبث الروح فيه احتراماً وتقديراً للموسيقا الراقية التي يقدمها وهي أغانٍ تعتمد موسيقا السهل الممتنع، ساعية كشابة لتقديم هذه الأغاني لجيل الشباب الذي تنتمي إليه، ليتعرف عليها بطريقة مناسبة لهذا العصر (إيقاع سريع) وآسفة لأن الفنانين الذين مازالوا يغنّون الطرب قلائل، مؤكدة أن الجمهور يجب ألا يُتهم بأنه لا يريد هذا النوع من الغناء، وحضوره لحفلات أهل الطرب خير دليل.. من هنا فإن المطلوب برأيها عدم ترك هذا الجمهور الذي يستحق أن يتعب الفنان من أجله من خلال تقديم هذا العطر المعتّق له.
الأغنية الشعبية
ولا تنكر محفوض أن الأغنية الشعبية ضرورية في مجتمعاتنا، وهذا النوع من الغناء موجود في جميع أنحاء العالم، إلا أنها ترفض أن يتسيد الساحة الغنائية بالشكل والطريقة التي يقدَّم بها اليوم وهي طريقة تنحدر بهذه الأغاني موسيقياً، والسبب برأيها أن الجميع بات يريد أن يغنّي، ومن يملك المال يمكنه فعل ذلك ببساطة حيث تكفيه لصناعة أغنية جملتان موسيقيتان وأستوديو، ولكن ما يحزنها انجرار فنانين كبار وراء هذه النوعية من الأغاني، مبينة كذلك أنها تميل للأغاني الرومانسية والعاطفية لأنها جزء من شخصيتها، وهي البعيدة كل البعد عن الغناء الجبلي والشعبي الذي لا يشبهها ولا تجد نفسها فيه.
أهم السنوات
كان العام 2016 بالنسبة لمحفوض هو الأهم في مسيرتها الفنية، والذي شهد ولادة معظم أغانيها الخاصة التي أنتجتها في ظل عدم وجود شركات إنتاج تقوم بهذا العمل، مؤكدة أنها حين لمست عدم وجود أمل في ولادة شركات إنتاج في مجال الموسيقا والغناء بدأت العمل لإنتاج أغانيها على حسابها الشخصي، وذلك بعد نجاح تجربتها الأولى التي قابلها الجمهور بكل تشجيع وحب، حينها قررت عدم التوقف عند الأمور المادية في سبيل تقديم أغانٍ بات الجمهور يبحث عنها، مشيرة إلى أنها راضية عن التطور الذي طرأ على مسيرتها الغنائية والذي كان دافعاً لها للاستمرار. ولا تنكر محفوض أنها كانت تتمنى وجود شركات إنتاج تتبنى هذه الأغاني وغيرها بهدف تسويقها والترويج لها، لكن هذا لم يحدث حتى الآن في سورية رغم أن وجود مثل هذه الشركات ليس بالأمر الصعب، مشيرة إلى أنها فنانة تعمل على أغانيها من ألفها إلى يائها بدءاً من البحث عن الكلام واللحن ومروراً باختيار الموسيقيين والأستوديو، وانتهاء بالترويج والدعاية لها لعدم وجود شركة إنتاج تقوم بذلك، في الوقت الذي تقدم أعمال لا تقل سوية عن الأعمال التي تقدَّم خارج سورية وتقدَّم لها كل الإمكانيات، لذلك تدعو محفوض إلى ضرورة وجود مؤسسات وجهات ترعى هذه الأعمال الراقية أسوة بالجهات الراعية للدراما السورية.
الموضة
ولا ترى محفوض سبباً لتخوّف شركات الإنتاج من الخوض في مجال الموسيقا والغناء، فالأمر برأيها مرتبط بكون الموضة اليوم هي في ركض كل الشركات باتجاه الدراما، وبانتظار شركة إنتاج تخطو الخطوة الأولى تجاه الموسيقا والغناء، منوهة إلى أن هذه الشركات يجب ألا تنسى أن الموسيقا هي جزء من الدراما من خلال الموسيقا التصويرية التي هي عبارة عن عمل غنائي متكامل، وهو جزء لا يتجزأ منه ولذلك فإن عدم الخوض في هذا المجال أمر غير مبرر، وذلك كله حفاظاً على الطاقات الموسيقية والغنائية السورية، التي من المفترض أن تكون في مكانها الصحيح بدلاً من إهمالها، ومن ثم إجبارها على الرحيل خارج الوطن.
أنت الوحيد بقلبي
ورغم أنها ليست من الأشخاص الذين ينتشرون بأية طريقة إلا أنها خاضت تجربة الكتابة من خلال أغنيتها، موضحة أنها عبرت عن فكرة كانت تدور في رأسها وظفتها ونسقتها على شكل أغنية، منوهة إلى أنها ككاتبة ومغنية تميل لانتقاء كلام بسيط قادر على ملامسة أعماق الناس بشكل حقيقي، ولا تستطيع محفوض التأكيد على أنها ستكرر التجربة، إلا إذا كان لديها أفكار صالحة لأن تقدم للناس بشكل يحترم ذائقتهم، ولا تخفي أن الفارق كبير بين أن يغني المغني أغنية من تأليفه وأخرى من كتابة الآخرين، حيث يكون الإحساس مختلفاً رغم اعترافها أن الأغاني الأخرى تلامس شيئاً في داخلها، ولو لم يكن ذلك لما وافقت على غنائها، لذلك تعترف أن كل الأغاني التي غنتها هي جزء منها إلا “أنت الوحيد بقلبي” التي لها الصدارة في قلبها.
زياد الرحباني
كما لا تنسى محفوض تجربتها مع الفنان زياد الرحباني حين تم اختيارها للانضمام لفريقه الموسيقي للمشاركة في حفلين أقيما في لبنان تم فيهما تقديم أغانيه التي قدمها لفيروز وغنائها صولو معه، موضحة، وهي التي تربت على موسيقاه، أن إعجابها به ومتابعتها لكل أعماله ساعدها كثيراً حينما عملت معه، مشيرة إلى أن هذه التجربة طورتها كثيراً، كيف لا وزياد ينتمي لموسيقا الرحابنة؟.
وعن المرحلة التي تعيشها اليوم محفوض تؤكد أنها الأحلى والأصعب، فاليوم بدأت تقطف نتاج تعبها وأصبح لها خطها الذي يميزها، والأهم في هذه المرحلة برأيها الحفاظ على النجاح الذي حققته، وأن تستمر في تقديم الأفضل وإيجاد كلمات مناسبة لأغنية وطنية تحلم بتقديمها بعيداً عما هو متداول في هذا المجال، لأنها تريد أن تقدم أغنية وطنية تليق ببلدنا سورية، ويؤلمها أنها حتى الآن لم تجد ذلك.
أسماء غير معروفة
تعاملت محفوض مع أسماء غير معروفة على صعيد الكتابة بعد أن أعجبت بما يكتبونه، وهي سعيدة بالتعاون معهم، مشيرة إلى أن الكتاب الكبار يعاملون المطربين السوريين كما يعاملون المطربين العرب على صعيد المبالغ الطائلة التي يطلبونها، ويؤسفها عدم وجود أغنية سورية إلا ما ندر، فما هو موجود برأيها لا يلامس المواطن السوري، موضحة أن الأغنية السورية هي الأغنية التي تكون بكل أجزائها صناعة محلية على صعيد الكلمة واللحن والغناء.
وعن مشاريعها المستقبلية تقول: بعد استراحة قصيرة سأستعد لتحضير أغنية جديدة والمشاركة في حفلات أخرى.
أمينة عباس