ثقافة

رسالة سلام من الشعب التركي نقلتها المايسترو إنجي أوزديل

كانت الموسيقا رسالة محبة وسلام من الشعب التركي إلى الشعب السوري لإعادة أواصر الصداقة والأخوة من خلال التعاون الثقافي، في الأمسية التي قدمتها الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة المايسترو التركية إنجي أوزديل، ومشاركة عازف الترومبيت التركي أونورجان تشاتاي، على مسرح الأوبرا ضمن فعاليات احتفالية يوم وزارة الثقافة.
بدأت الأمسية بمتتالية “كوتشيكتشيه” من الموسيقا الكلاسيكية التركية للمؤلف إركين بحركة سريعة وتصاعد لحني بين النحاسيات والإيقاعيات، ومساحة كفواصل لآلات النفخ الخشبية ونغمات الهارب، ليطغى حضور صوت الطبلة، ويبدو بوضوح تأثر الموسيقا التركية بالموسيقا العربية. والمقطوعة الثانية كونشيرتو لآلة الترومبيت سلم لابيمول ماجور للموسيقي الأرمني أروتونيان بمشاركة العازف التركي أونورجان تشاتاي بالعزف المنفرد، وكانت أشبه بمحاورة في البداية بين الترومبيت وآلات الفرقة، لتتشكل ثنائية في مواضع بين آلات النفخ الخشبية والترومبيت.. ومن ثم يتفرد عازف الترومبيت بالعزف ليتشارك مع الفرقة بالقفلة التي تميّزت بإيقاع متلاحق لضربات التيمباني. وخُصص القسم الثاني من الأمسية لعزف السيمفونية السابعة لبيتهوفن سلم لاماجور، وهي من أجمل مؤلفات بيتهوفن المفعمة بالإنسانية والتي أهداها بيتهوفن إلى الجرحى في معركة هاناو، وقد برعت المايسترو أوزديل بقيادة الفرقة بمهارة التنقل بين الحركات البطيئة والمعتدلة والسريعة والسريعة جداً من خلال الانعطافات اللحنية ذات الجمل الموسيقية القصيرة، وبالفواصل وبالبدايات اللحنية التي تكررت لآلة لضربات التيمباني.
وقد وثّقت تدريبات الفرقة في فيلم وثائقي سيعدّ في تركيا لأهمية هذا التعاون الإنساني والثقافي ولتعزيز صوت الحق المقاوم.

أقوى من القنابل
وعلى هامش الأمسية  توقفت البعث مع المايسترو إنجي أوزديل أول امرأة قائدة في تركيا التي وصفت الموسيقا بأنها صوت الحق، وبأنها أرادت بمشاركتها بقيادة الفرقة الوطنية السيمفونية على مسرح الأوبرا مع عازف الترومبيت أونورجان تشاتاي إيصال صوت سورية إلى العالم، فالموسيقا حملت رسالة الشعب التركي الحاملة روح السلام والأخوة للشعب السوري، ومساندته في الجانب الفني والثقافي، وأضافت بأن نغمات المقطوعات التي تعزفها الفرقة يعلو على صوت القنابل التي يطلقها الإرهابيون على الشعب السوري.

تقارب موسيقي
وفي سؤال عن المقطوعة التركية “متتالية كوتشيكتشيه” التي افتُتحت بها الأمسية وعن تميزها بتقارب مع روح الموسيقا العربية، وحضور آلة الطبلة فيها أجابت: إننا ننتمي إلى تراب واحد ونعيش في أرض واحدة، فلابد أن تتأثر الموسيقا التركية بالموسيقا العربية، ويعد الإيقاع على الطبلة جزءاً من مكونات الموسيقا التركية. وعن تفاعل العازفين السوريين معها تحدثت عن  روح المحبة والتعاون التي رأتها عندهم، وجميعهم يتحلون بالإخلاص للعمل، إضافة إلى مستواهم الفني الرائع إذ استطاعوا عزف المقطوعات بمهارة واضحة، وتفاعلوا جداً مع عازف الترومبيت تشاتاي في كونشيرتو”أروتونيان لآلة الترومبيت” وعن سبب اختيارها السيمفونية رقم (7) لبيتهوفن أضافت: بأنها من أجمل مؤلفات بيتهوفن وهي مفعمة بالنوازع الإنسانية فأرادت أن تهديها إلى الجيش العربي السوري.
رسالة سلام
وأوضح عازف الترومبيت أونورجان تشاتاي بأن السبب الرئيسي لمشاركتهم أن الفنانين الأتراك والسوريين يدافعون معاً ضد الإرهاب، ويحملون رسالة سلام أيضاً من الشعب التركي إلى الشعب الأرمني، ونحن كفئات نستطيع أن نغيّر أشياء كثيرة. وعن مشاركته الخاصة بالعزف المنفرد من خلال الكونشيرتو ومشاركة الفرقة معه وفق خصوصية الترتيب اللحني أجاب: شعرت أنني أعزف مع أصدقائي وزملائي، كانت محاورة موسيقية رائعة جداً، وأشاد بقوة الشعب السوري من خلال مشاهداته للمواطنين الذين يتابعون أعمالهم اليومية ويقاومون لذلك ستنتصر سورية بصمودهم.

أبطال مقاومون
وعبّر الأمين العام المساعد لحزب الوطن السيد يونس سونر عن سعادته بوجوده في سورية مع أعضاء الوفد وبتقاسمه جزءاً من الحياة مع الشعب السوري، وأعجب بصموده، وقال: يجب أن نتحد ونتعاون ونتماسك لتعود أواصر الصداقة والمحبة والأخوة بين الشعبين السوري والتركي. كما تحدث عن التعاون الثقافي والفني بين الشعبين بعيداً عن السياسة إذ قال: لايمكن أن نفرق بين السياسة والثقافة، فكل العازفين في الفرقة هم أبطال حقيقيون مقاومون يحبون وطنهم، وأصوات آلاتهم ليست نغمات ألحان بتهوفن أو غيره، بل هي أصوات الحق والمقاومة ومواجهة الإرهاب، ونحن ننحني أمامهم بكل محبة واحترام، ومشاركتنا في هذه الاحتفالية الموسيقية هي رسالة من الشعب التركي لنتوحد من جديد، ونقضي على المجموعات الإرهابية لاسيما أن الشعبين ارتبطا بتاريخ مشترك وبصداقة وأخوة وصلات قرابة، وأن الآلاف في تركيا يتابعون النقل المباشر للأمسية عبْر المحطات الفضائية، وهم سعداء بإيصال رسالتهم بالحدّ من سفك الدماء. فالموسيقا رسالة محبة لبداية صفحة جديدة تبدد الغيمة السوداء التي مرّت. وأشاد بالمستوى الفني للفرقة، وبمهارة العازفين السوريين الذين تدربوا بسرعة فائقة على المقطوعة التركية، وبأسلوب المايسترو ميساك باغبودريان الذي يملك روحاً عجيبة بقيادة الفرقة والعمل على تطويرها.

العلاقات مستمرة
ورأى الإعلامي محمد قوغانج أن المشاركة في هذه الاحتفالية الموسيقية رسالة للعالم ولمن حاول أن ينتزع الفنّ والثقافة والتقدم من أرض سورية المحبة للسلام والجمال، وتثبت بأن سورية مازالت صامدة رغم سنوات الحرب، وأن العلاقات السورية– التركية بين الشعبين مستمرة ولن تستطيع محاولات الإرهابيين أن تفرق بينهما، والاحتفاليات القادمة التي ستقدم في دمشق تثبت ذلك.

نصر الشعوب
وأشادت الدكتورة ندى الكحال بالمايسترو أوزديل التي استطاعت- كما قالت- أن تشد  الجمهور بطريقة ساحرة وآسرة، وأعجبت بقدرتها على ترجمة مشاعر بيتهوفن بأسلوب بارع، كما أشادت الدكتورة أيسر ميداني بجميع المقطوعات التي قُدمت بالتمازج السوري- التركي- الأرمني، وأثنت على المرأة قائدة الأوركسترا لما تحمله من معان رمزية عن قوة النساء في القيادة، والأهم هو تمازج شعبينا في هذه الحرب الضروس التي تنال من الشعب السوري والشعب التركي أيضاً، فتشابك أيدينا بإنتاج فكري ثقافي يعني الكثير ويرمز إلى نصر الشعوب على الطغيان.
ملده شويكاني