مجد دالاتي: الصمت لغة أفلامي

ممثل شاب يدرك حسب التجربة أن الفرص أمامه قليلة للظهور كما يحب ويشتهي ولا توازي ما يمتلك من موهبة، ولأن الحاجة أم الاختراع، ولأن الرغبة كانت لديه كبيرة جداً في البدء بمشروع لطالما حلم به، قرر الفنان مجد دالاتي كما يبيّن في حواره مع “البعث” أن يبدأ من الصفر وهو الذي لا يملك بين يديه إلا حلماً لطالما انتظر فرصة لتحقيقه.

مخاطبة العالم
شيئاً فشيئاً خطا دالاتي خطوته الأولى، وبمساعدة الأهل وتشجيعهم بعيداً عن جهات الإنتاج، قرر شراء معدات الكاميرا “الترايبود والسوفت بوكس والإضاءة” لصنع أفلامه، معتمداً على دراسته “معلوماتية وتصميمات هندسية” في مونتاج أفلامه، التي أراد من خلالها مخاطبة العالم عن السلام وما يحمله من قيم كثيرة، والتأكيد على أن السوريين قادرون على اختراق الحدود وإيصال صوتهم إلى الخارج، وأنهم صغاراً وكباراً ما زالوا يعملون ويحققون النجاح أينما حلوا، ولا يجد دالاتي صعوبة في الوصول إلى المشاهد أينما كان في ظل التكنولوجيا الحديثة، التي ألغت المسافات وجعلت كل شيء متاحاً وفي أي وقت، وبالتالي يمكن مشاهدة هذه الأفلام من خلال اليوتيوب الذي يمكن من خلاله الوصول إلى أهم القنوات والمهرجانات العالمية.

أفلام صامتة
إصراره على العمل ولو لوحده إنما ليؤكد أن الإنسان إذا امتلك حلماً ومشروعاً معينين يمكنه أن يحقق ذلك إن أراد وصمم على تنفيذه، وبالتالي فإن عدم وجود الدعم لم يوقف تحقيق حلمه، فهو يرفض الانتظار ويسعى للعمل فيما يحبه ويشغله، مشيراً إلى أن الذي جعله يفكر بمشروعه صناعة أفلام قصيرة صامتة أنه مثّل وعمل في عدد قليل من الأعمال، وبعدها توقف بحثاً عن مشروعه ليتاح له قول ما يريده وبالشكل الذي يناسبه، وهذا لا يتحقق له كممثل بسهولة، فسارع نحو تحقيق ما يصبو إليه بصنع أفلام قصيرة صامتة تعتمد التكثيف والاختصار، والتي بات أمر مشاهدتها متاحاً للجميع، وقد أصبحت الشكل الفني الأكثر مواءمة لعصرنا عصر السرعة والانشغالات الكثيرة، فهي لا تأخذ من وقت المشاهد الكثير. ويرى دالاتي أن صنع فيلم قصير صامت ليس بالأمر السهل كما يعتقد البعض، فالأفلام القصيرة تحتاج لممثلين محترفين ذوي موهبة كبيرة، خاصة إذا كانت أفلاماً صامتة كالتي يصنعها، حيث تعتمد على تأثير الممثل على المشاهد، كما تتطلب نصاً قوياً، منوهاً إلى أنه اختار الصمت في أفلامه لأن الصمت برأيه لغة العالم.

التعاون مع الجميع
ولا يخفي دالاتي أنه في كل مرة يحاول تشكيل فريق عمل على صعيد التصوير والكتابة، إلا أن عدم وجود داعم للمشروع يجعل الأمر صعباً من أجل الاستمرار، حيث بدأ مع عدة أشخاص سرعان ما انسحبوا، إما من أجل الدراسة أو من أجل عدم وجود حافز، وبالتالي يفتقد دالاتي لفريق عمل معتمداً على نفسه، مبينا أنه يمتلك العديد من النصوص الصالحة للعمل عليها، كما أنه مستعد لاستقبال أي نص أو فكرة تخدم الهدف الأساسي من الأفلام.
أما على صعيد الممثلين فيوضح دالاتي أنه سبق وأن عمل اختبارات لممثلين أطفال ويافعين، وكانوا بأعداد كبيرة اختار منهم ما هو مناسب ويمتلك موهبة حقيقية، وليس لمجرد أنه يحب أن يكون ممثلاً ويبلغ عددهم اليوم نحو 14 ممثلاً يصفهم دالاتي بالمحترفين رغم صغر سنهم.
ويوضح دالاتي أن أول فيلم قام بإنجازه كان “لدي ابتسامة” وقد تناول أحد المواقع العالمية المتخصصة بالأفلام، وعرّف هذا الفيلم قائلاً: “فيلم قصير يتكلم في دقائق عن الإنسانية وكيف يمكن للإنسان أن يتغير عندما يتلقى عرض صداقة من الآخر”.
كما أنجز الأفلام التالية: “حي على السلام، شطرنج، الذات، سورية عالمكشوف” والأخير فيلم ناطق يتحدث عن سورية والعظماء ذوي الأصول السورية والظلم الذي وقع على سورية خلال الأزمة الحالية.

أمينة عباس