ثقافة

الأحمد في احتفالية وزارة الثقافة: نـعـوّل عـلـى مفـاهـيـم جـديـدة لـبنـاء سـوريـة كـمـا يـلـيق بـهـا

“للكلمة.. للإنسانية.. للحياة” مفردات سطرت حضارة سورية التي تجاوزت آلاف السنين، وعاصرت ثقافتنا المستمرة رغم قهر الموت وتراكم الخراب الذي طال كل شيء حتى الأوابد التاريخية، هذه المفردات كانت شعار احتفالية يوم الثقافة التي أُقيمت أول أمس في دار الأوبرا بحضور رسمي وإعلامي وثقافي.
الاحتفالية التي كانت أشبه ببانوراما ثقافية اختزلت كل الفعاليات السينمائية والمسرحية والتشكيلية والأدبية، التي عملت سورية على إنجازها رغم الأوضاع الصعبة التي تتعرض لها، ورغم كل المجازر البشرية التي قام بها الإرهابيون. وقد استطاعت هذه الفعاليات في جوانب كثيرة منها أن تعكس تبعات الأزمة وانعكاساتها على مختلف مناحي الحياة والتي كان الأطفال الضحية الأكبر فيها.
وكان تكريم شخصيات تركت بصمات في عالم الثقافة “الفنان أسعد فضة –الدكتور إسماعيل مروة- الأديبة أنيسة عبود- الفنان أيمن زيدان –الباحث بشير زهدي –الفنان سهيل عرفة- الفنانة ميادة بسيليس-ا لفنانة نادين خوري- الفنان نجدة إسماعيل أنزور- الفنان نذير نصر الله- الدكتور نزار بريك هنيدي” محوراً هاماً في الاحتفالية، التي تضمنت فقرات فنية راقصة وغنائية، بمشاركة أوركسترا دمشق بقيادة المايسترو عاصم مكارم، وفرقة جلنار الراقصة وصوت ميادة بسيليس الذي صدح بعدة أغنيات منها “حلب”، إضافة إلى مشاركة غنائية لليندا بيطار وميس حرب وبشرى محفوض وإيناس لطوف.
كما تميّز حفل الاحتفالية باسكتشات تمثيلية حوارية عكست مجريات الحرب الكونية التي تواجهها سورية، وفي الوقت ذاته أوضحت صمود الشعب السوري وتصميمه على البقاء والانتصار، بمشاركة عامر علي ورنا جمول وروجينا رحمون وروبين عيسى. ومما ساعد على إنجاح الاحتفالية المتكاملة من حيث الإضاءة والموسيقا والمؤثرات الفنية بإخراج مأمون الخطيب، الشاشة الدائرية التي عرضت صوراً متتالية لمعالم دمشق وآثارها وجغرافيتها، تبعتها مقتطفات من أرشيف إنجازات وزارة الثقافة، لتتوقف عند الأفلام السينمائية السورية الأخيرة، التي أظهرت للعالم بأسره ما يحدث في سورية مثل أفلام “مطر حمص، الرابعة بتوقيت الفردوس، مريم” إضافة إلى مقتطفات من المسرحيات أيضاً، كما أضاءت على لوحات الفنّ التشكيلي، وأغنت أشعار نزار قباني محاور الاحتفالية، ونغمات صوت بسيليس “هنن رايحين ونحنا باقيين” تأكيداً على صمود الشعب السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد.
إستراتيجية ثقافية جديدة
وبعد الاحتفالية تحدث وزير الثقافة إلى الإعلاميين حول الفعل الثقافي واستمراره رغم سنوات الحرب بتصميم أكبر، وفي سؤال خاص لـ “البعث” حول الخطوة القادمة بعد هذه البانوراما الثقافية الغنية التي واجهت بها سورية الحرب الإرهابية قال: “نحن ندعم كل المؤسسات والجهات الثقافية التي تدعم الفعل الثقافي المتجذر والباقي، ونرحب بالجميع ونعوّل على جيل الشباب، واحتفالية اليوم ذكرتني بمهرجان دمشق السينمائي، الذي سنعمل على إعادته بصيغة أخرى، وافتتاح الفعالية يقدم وزارة الثقافة من شتى المناظير فعبْر وقت محدود من الزمن رأينا السينما والمسرح والفنّ التشكيلي والكتاب والمخطوطات والآثار، فكان الافتتاح مسرحاً مفتوحاً على هذه المجالات كلها، واليوم في وزارة الثقافة نؤسس لإستراتيجية هامة وسيبدأ العمل الحقيقي للثقافة مع انتهاء الأزمة التي أوشكت على الانتهاء، وستكون وزارة الدفاع قد أتمّت واجبها في الحفاظ على  حدود الوطن، وعلى المواطن، وعلى كل ما نعيش فيه.

لازمن للفعل الثقافي
وتابع الأحمد حديثه عن الثقافة عامةً فهي فعل مستمر لازمن يبتدئ به، ولازمن ينهيه، فنحن اليوم نحارب الفكر التكفيري الذي أرخى ظلاله على منطقتنا العربية، ونفكر كيف نستطيع أن نفرز مقولات نفيد منها في مرحلة بناء المجتمع، وسورية اليوم ستبدأ قريباً مرحلة البناء والإعمار، وقبل بناء الحجر يجب أن نبني الثقافة ونعوّل على فعل ثقافي مختلف فنحن لانكتفي بالنتاج الثقافي وطباعة الكتب، نعمل على مفاهيم جديدة بكل أسف لم نعمل عليها سابقاً، وبرأيي إننا تأخرنا بالعمل الثقافي ويجب أن نعمل بسرعة كي نؤسس لمفهوم يبني سورية كما يليق بها أن تُبنى.

سينما الطفل
وسألته حول السينما وهل ستبقى من أولوياته فأجاب: أنا عملت في السينما طيلة ستة عشر عاماً وأنجزنا أفلاماً طويلة وقصيرة ومشروع دعم الشباب وطباعة الكتب واعتماد دبلوم السينما. وستتابع السينما إنجازاتها ولدينا أفلام وإنتاج ومحاولة لإعادة مهرجان دمشق السينمائي ليس بصيغته كما كانت ربما بصيغة أخرى نتيجة الأوضاع الدولية، إضافة إلى مشروع نعمل عليه مع مدير المؤسسة مراد شاهين حول سينما الطفل.

إثبات للوطن
ووصفت الفنانة نادين خوري التي كُرّمت في هذه الاحتفالية بأنه يوم إثبات على أن هذا الوطن صامد، فاحتفالية يوم الثقافة بكل أنواعها تعني أن الوطن يعزز دور الثقافة في كل مجالات الحياة التي تبدو انعكاساتها على المجتمع ككل، وبما أننا قدمنا هذه الفعالية فهذا تأكيد على أن وطننا بخير وسيخرج من الأزمة بعزيمة وتصميم أكبر.

جماليات الثقافة
وأوضح الفنان عامر علي الذي كان بطلاً أساسياً على المسرح بأن هذه الفعالية أعادت إلى الأذهان صورة مهرجاني دمشق السينمائي والمسرحي، الأمر الهام هو رغبة الناس برؤية جماليات الثقافة والفنّ والحضور ليس من أجل الحضور فقط، وإنما من أجل المتابعة والمناقشة هذا ما افتقدناه في بداية الأزمة لكن الآن الثقافة موجودة في كل مكان، وبرأيي يجب أن نذكّر الناس بروابط الحبّ والصداقة من خلال الثقافة التي تمنحنا الكثير من الجماليات، فهذا اليوم يدفعنا لنشجع بعضنا ونحبّ بعضنا ونتعاون، وكان لي الشرف أن أكون جزءاً من هذه الاحتفالية وأقدم شيئاً بسيطاً، وأنا أصرّ على تواجدي في أية فعالية ثقافية سواء بالمشاركة أم بالحضور.

انطلاقة
وترافقت الاحتفالية مع معارض متنوعة ضمن أرجاء الأوبرا، منها معرض الصور الفوتوغرافية لفرق الفنون الشعبية وللأزياء في مناطق جغرافية ممتدة على مدى مساحة سورية، وستكون انطلاقة لكثير من الفعاليات الموسيقية والتشكيلية والسينمائية والمسرحية، إضافة إلى معارض الكتب ومشاركة مكتبة الأسد بمعرض للمخطوطات والكتب النادرة.
ملده شويكاني