ثقافة

زمن العار.. مرآة صادقة للواقع الاجتماعي

رغم مرور سنوات عديدة على عرضه الأول، إلا أن من يشاهده اليوم، على قناة سما الفضائية، تأخذه الرغبة لمتابعته من جديد، لما يحمله من هموم ومفارقات حياتية معاشة، ولاحتوائه دفقاً من المشاعر الصادقة نجح صناع العمل في نقلها إلينا، إضافة إلى المقولة الهامة التي يطرحها: ما هو العار.. وأين يكمن؟؟..
كالعادة تأتي نصوص الكاتب حسن سامي يوسف عميقة في معالجتها لذوات شخوصه, في شراكة متفردة مع الكاتب نجيب نصير، ليخلقا لنا شخوصا حية تحاكينا بكل حواراتها وتفاصيلها، في إطار صورة واقعية نجحت المخرجة رشا شربتجي في رسمها، كما يبدو جليا اجتهاد شخصيات العمل  بابتكار أدواتهم في محاولة جادة للتجسيد والإقناع.
تدور أحداث المسلسل حول عائلة (أبو منذر) (خالد تاجا) المتكونة من زوجته المريضة (ثناء دبسي)، وأولاده الأربعة: منذر (إياد أبو الشامات)، بثينة (سلافة معمار)، نورس (مكسيم خليل)، رانيا (كنده حنا).
المحرك الأساسي للعمل قصة الفتاة بثينة التي نذرت نفسها لأمها المريضة وأسرتها، فمر عليها العمر، وبدأت تعيش غربة حقيقية وسط أسرة انشغل أفرادها بأمورهم، إلى أن تقع في غواية جارهم جميل(تيم حسن) زوج صديقتها (صباح)، فالزواج العرفي، فالحمل السري، فالإجهاض ومحاولة أخيها نورس قتلها، وتركها لمنزل العائلة، لتحتويها عائلة يوسف (بسام كوسا)، بائع الكتب..
يحاول العمل أن يدخل عالم الطبقة الوسطى، والصراعات التي تعيشها، في جو تغلب على نماذجه المصلحة الشخصية والأنانية والطمع والفساد وحب المال، وغيرها من الصفات التي تمثل بحد ذاتها العار المخبأ في النفوس.
فأبو منذر الذي يتوانى عن إنقاذ زوجته المريضة، في مشهد مروع، في سبيل الزواج من سهيلة، ونورس الموظف الفاسد يحاول كسب المال على حساب الأمانة الوظيفية ، وحسان الذي يسعى لاستغلال جاره ( أبو منذر), وسهيلة التي تزوجت من (أبو منذر) طمعا بماله, وزوجة يوسف التي تركت زوجها وعائلتها وباعت نفسها.
استطاعت سلافة معمار بحسها العالي أن تجسد دور بثينة  بإتقان حتى لتراها وكأنها جمعت في تفاصيلها وملامحها وحواراتها في العمل وجع كل الفتيات اللواتي يعانين المعاناة نفسها، ولعل الشخصية التي نجحت  في تجسيدها القديرة ثناء دبسي كانت من أهم الشخصيات المؤثرة في العمل، فرغم قلة حواراتها, إلا أنها نجحت في نقل الكثير من المشاعر بصدق وشفافية.
لقد قدم المسلسل مضمونا مختلفا في طريقة طرحه لقضايا الواقع، ومحاولة تناولها من مختلف جوانبها، ضمن بناء درامي متماسك، ورؤية إخراجية عميقة، وأداء حرفي يحسب لكل صناع العمل.
هديل فيزو