ثقافة

مـطر الـقـلـوب

وأمطرت السماء.. فجددت بقطرات عطائها حكاية العشق الأبدية بينها وبين الأرض، فتنفس الكون، وتوهجت الروح، وسكنت القلوب..
أمطرت السماء.. فهل هي حبات مطر سماوية انهمرت علينا استجابة للأرض، أم أن تحت زخات المطر دموع فرج لقلوب أليمة تثاقلت ملماتها، وازدادت أوجاعها؟.. قلوب متعطشة لحبات إلهية تهبها النقاء وسلاما اعتادته وتاقت إليه, بل لعلها فرحة ولادة جديدة في زمن نحن، السوريين، أحوج ما نكون فيه، وفي كل يوم، لولادة يومية تعيننا على الصمود والبقاء..
لقد أثبت السوري على الدوام، وفي كل مراحل الأزمة، قدرته على الصبر والتحمل وسط نفق مظلم تكاد عتمته تطبق على الأنفاس، لكنه يأبى إلا أن يحيا، متلمسا نورا يتوهج داخله فيضيء قلبه ودربه ويمده بعزيمة لا تلين، ليس لأنه محكوم بالأمل فقط، بل لأنه صانع للأمل، فرغم كل ما مر ويمر به، هو قادر على إعادة صياغة الحياة من جديد، والنظر إليها بعين الحالم بالغد، مهما تواطأت عليه الأمم، وتعاظمت عليه الأزمات والحروب، قادر على أن يستحضر الشمس داخله ليشرق على العالم، وأن يرى في انسكاب المطر حياة قادمة ترسل رسائل حب أزلي وتبشر بالآتي، فيمسح ألمه بيده ويحث الخطا لبناء جديد ومستقبل يتأمله من بعيد مؤمنا به فيسعى إليه بهمة واقتدار.
هو حديث المطر أم حديث الحرب؟..
لا فرق عندنا، ونحن في وطن امتزجت فيه الدمعة بالابتسامة، والخوف بالمقاومة والصمود، وأصوات الصباحات الفيروزية بأصوات المدافع، امتزجت فيه آلامنا بآمالنا، ورائحة الحرب برائحة المطر.
في وطن توحدت فيه كل الألوان لتصطبغ بلون واحد، لون النقاء والعزة والكبرياء، لون الوطن.. أمطرت السماء لتهب روحا، لترفع حزنا، لتلد أملا يبدأ ولا ينتهي..
هديل فيزو