ثقافة

الآرت هاوس : أبعد من دهشة وأكثر من جيل تشكيلي

اجتمع في صالة الآرت هاوس أكثر من عشرة فنانين في معرض حمل عنوان “لقاء جيلين” مثّل الجيل الأول  الفنانون المخضرمون عبد الله مراد– عبد الكريم فرج– أدوارد شهدا– فؤاد دحدوح– والنحاتان مصطفى علي ولطفي الرمحين. أما جيل الشباب منهم علاء شرابي– جهيدة بيطار– أنس الرداوي وآخرون واعدون، ومن اللافت مشاركة أعمال الفنان الراحل عمر حمدي “مالفا” في المعرض – ربما تكون هذه الأعمال من مقتنيات إدارة الآرت هاوس– المهم أن هذه الكوكبة المميزة قد أتحفتنا بأعمالها الفنية والمتناغمة فيما بينها في إشارة أن الخيارات في تأليف المعرض وترتيبه يقع تحت العناية والدراية الفنية الساعية لتقديم التنوع والسعي للقيمة الفنية المرجوة، فقد عرض للفنان الحفار عبد الكريم فرج لوحتان مشغولتان بتقنية الكولاج من خلال لصق قطع القماش الملون والمرصوف على سطح اللوحة وصولا إلى المشهد الذي تكتمل وحدة الفكرة والتقنية فيه، وحسبي أن الفنان فرج قدم هذه التجربة منذ مدة طويلة، مثلما تكررت عند العديد من الفنانين والفنانات، وقد يظن البعض أن هذه التقنيات من فضائل الحداثة الفنية التي أصابت العديد، ويبدو واضحا هذا التوجه التغريبي في تجارب الشباب إلا أن الحكم لا يزال مبكرا على استحقاق هذه التجارب للمكانة التي نشهدها بسبب ذائقة متمكنة من شروط العرض والطلب، واقتفاء أثر الموضة والتقليد وفرضها شروطاً جديدة على بعض المواهب التي تسعى لكسب ود السوق، وتتبع الدارج على حساب الخصوصية والهوية والمغامرة الشخصية الخلاقة المستندة على الخبرة والدراسة،  ويبدو أن هذا الأمر متوفر بشكل واضح عند الفنان الشاب علاء شرابي الذي قدم عملا اعتمد فيه الرمل وصولا إلى سطح مختلف متناغم مع قصدية الفنان الحفار، كما قدم عملا غرافيكيا آخر بأسلوب تقني مختلف عن الأول اعتمد الأبيض والأسود أساسا دون إغفال بعض التوشيحات اللونية المكملة الرديفة للعمل، وبالتالي لم تخرج هذه الألوان عن ألوان عائلة الحفر المحببة.
أما الفنانة المجتهدة جهيدة بيطار التي تتقدم بهويتها الخاصة في التصوير، لا يغريها التسجيل المباشر للمشاهد الآدمية أكثر من غواية البحث عن التعبير فيما تلتقطه العين وتؤلفه الذاكرة، وصولا إلى طاقة اللوحة المعبرة عن حالات إنسانية ومجتمعية تقف أمامها العين الناقدة، وتسجل رأي الفنان المدرك والذي يمتلك من الفكرة ما يكفي لمربع اللوحة الذي يضيق أمام نزعاته التعبيرية.
وتعتبر تقنية الفنان أدوارد شهدا من المفاصل التي تميزه بما يتمتع به من شفافية الحضور واللطف، الذي يصل برائيه إلى متعة التأمل والدهشة التي تفرضها لوحة تحمل فكرة بسيطة قد لا تتعدى رسم هيئة آدمية محمولة على خبرة الفنان المتمكن من أدواته، فالفنان لا تغويه صراحة الألوان الطازجة  أكثر من الضوء والنور الذي تفرضه الحالة الفيزيائية للمشهد، فيتعمد وضع طبقة من الورق الخاص على اللوحة قبل أن تجف  وبعد ذلك تتوحد طبقة الورق مع اللون جاعلة منه أكثر قيمة ولطفا.
معرض يستحق فرصة تلاقي أجيال وخبرات فنية متمكنة من تجاربها، ويستحق بعض الشباب  التشجيع من خلال العرض مع جيل الأساتذة، أملا أن يحذو الآخرون هذا التقليد في المشهد التشكيلي السوري المعروف بتجدده وغنى  أصالته العصية على تجاوز فضلها على ثقافة الكثير من التجارب التي تتبع سرب التغريب.
أكسم طلاع