ثقافة

“سورية دراما” خطوة مهمة على الطريق

إطلالة مهمة وجريئة تطل فيها قناة سورية دراما في برنامجها اليومي أستوديو دراما، إن كان من حيث الشكل أو المضمون وأيضا بنوعية الخطاب الذي يتبناه فريق عمل البرنامج الذي هو في عمومه من جيل الشباب، جيل يبدو أن إدارة القناة الجديدة نسبيا أدركت أخيرا أهمية حضوره بخطابه هو ولسانه، والأهم في الأفكار التي يقدمها، ليترجمها عملا على الأرض، خطوة مهمة ولو كانت متأخرة، فالبرنامج في فقراته المتعددة يحاول أن يقدم صورة أكثر حياة وحسا وقربا من طبيعة السوريين، إن كان في طبيعة الريبورتاجات الصحفية التي يقدمها من مواقع التصوير لمختلف أنواع الدراما – تلفزيون – سينما- بروفات مسرح- التي يعدها شباب بأفكار جديدة فيها نفس شبابي لا بأس به، وروح متحمسة يبدو الانتعاش باد عليها في مزاجها العام، أو في ذهابها أيضا نحو اعتماد لغة بيضاء ولهجة بيضاء لا إيحاء خاص لها، فهي لهجة كل السوريين، أيضا جاءت طريقة التصوير في الأستوديو مع الإضاءة المناسبة والديكور العصري والعملي في آن، مكملة هامة وضرورية لهذه الروح ولهذا المزاج المشرق، إلا أن أهم ما في البرنامج المذكور استضافته للعديد من الأصوات السورية الهامة والمتنوعة في النقد الدرامي خصوصا، وأيضا الانفتاح والمرونة التي تبديها القناة في برنامج “أستوديو دراما” على مختلف أنواع النقد الدرامي والاجتماعي وحتى السياسي في بعض الأماكن، ولكن برقي وبعيدا عن المهاترات التي صارت تحكم هذا النوع من البرامج.
إلا أن لمعان نجم برنامج واحد فقط من برامجنا التي حكمت ولفترة طويلة بالتكرار والملل، لن يحدث لولا وجود طريقة تفكير مختلفة ومنفتحة على مختلف الآراء المطروحة للنهوض بالحالة الفنية أولا في القناة المذكورة، حيث لاحظنا أيضا بضعة تغييرات هامة في إعداد البرامج المختلفة، سواء كانت حوارية أو إخبارية أو توثيقية، مقدم-ة، برنامج واثق مما يقول، أسئلة حاضرة والمجال مفتوح للارتجال حسب الطلب، ضيوف لديهم خبرة ودراية عما يتحدثون، هذا كله ساهم في رفع نسب المشاهدة لقناة سورية دراما، وأعاد للصحفي والمعد والمقدم السوري، بعضاً من ألقه المعهود بعيدا عن الإرباك والرتابة واللغة الخشبية التي لا يزال منها ما هو راسب في قعر الفنجان، ولكن عموما، يمكن القول: إن حالة النشاط والعمل المختلف والحرية المعقولة في طرح المواضيع، صارت أكثر وضوحا وأثرا، كما أن البعد عن التقارير المصورة الجاهزة والمعدة سلفا وسلقاً، هذا كله تغير وبشكل يدعو للتفاؤل، خصوصا في مجال نفاخر فيه كسوريين، أي الدراما، فدعونا لا ننسى اليوم وفي ظل هذا الظرف الصعب عموما، أن الدراما السورية ولسنين طويلة كانت الرقم الأصعب في الدراما العربية، واليوم حالها مختلف، لذا سيكون على القناة السورية التي تبث من دمشق في السنة السادسة للحرب، أعباء إضافية، تثقيفية وتوعوية ونهضوية، ولا ريب وفي هذا الشكل الذي تمضي فيه، لن يكون الوصول بعيد المرام، وهذا ما نأمل أن تضعه كل قنواتنا الرسمية حسب اختصاصها نصب أعينها، وأن تركز على أن يكون لها هوية محددة حسب الشأن الذي تعني فيه، لا أن تكون “كوكتيلا” من مجموعة قنوات كما لا يزال يحدث في بعض هذه القنوات.

تمّام علي بركات