ثقافة

ملتقى الأكاديميين السوريين: بناء الإنسان ربط الجامعة بالمجتمع

انطلاقا من الإيمان بأهمية الاستثمار في العنصر البشري باعتباره أجدى وأنجع الاستثمارات، وباعتبار الجامعة من أهم المولدات المعرفية والناقلة لها، أقامت مديرية ثقافة طرطوس وعلى مدى أربعة أيام الملتقى المعرفي الأول للأكاديميين السوريين في المركز الثقافي العربي بطرطوس شمل  أربع جلسات، تناولت كل جلسة محوراً أغناه عدد من المثقفين والأكاديميين من المحافظات السورية (تخصصية المناهج ووظائيفيتها، البحث العلمي وآفاق التطور، رأس المال المعرفي واستثماره،  وتضمنت جلسة الختام محوراً خاصاً بطلبة الدراسات العليا ورسالة الجامعة في الحياة الثقافية والاجتماعية).
وعن فكرة الملتقى حدثنا كمال بدران مدير الثقافة في طرطوس أنها أتت لربط الجامعة بالمجتمع لاتهامها دائما بأنها تقدم دراسات نظرية ولا يوجد لهذه الدراسات تطبيقات على أرض الواقع، كما أردنا من خلاله الوقوف على أهم العقبات التي تحول دون تطبيقات أو مخرجات الجامعة في سوق العمل وفي المجتمع والثقافة ككل، ومن هنا أتى العنوان الفرعي رسالة الجامعة في الحياة الاجتماعية.
واعتبر د. طالب عمران الأستاذ في كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق أن الأكاديميين هم بشكل غير مباشر قادة المجتمع الحقيقيون، يخرجون كل الفعاليات المنتجة في المجتمع من مهندسين وأطباء ومدرسين ومن يعملون في الاقتصاد، وهم مسؤولون عن هذا النتاج الذي يطرح في المجتمع ويمتلك نواسب تفاعل مع الإنتاج الموجود فيه، لافتاً إلى أن هذه الفعاليات الثقافية لها أهمية كبيرة حيث يلتقي الأكاديميون ويتفاعلون مع جمهور معين ويخرجون بآراء ومقترحات ربما تكون مفيدة في المستقبل، لأن هذه اللقاءات مثمرة. وأشار د. عمران إلى أننا نعيش هذه الفترة نوعاً من السطحية الثقافية المرعبة الناتجة عن عدم اهتمام الأجيال الجديدة بالرأسمال المعرفي الذي ينطلق باتجاهين: الأول المناهج الدراسية يأخذ منها معرفة، وهذه المعرفة ستجعل منه منتجا في المستقبل بعد أن يتخرج من الجامعة، وله رديف مهم جداً لتكوين الشخصية في المجتمع، ومصدر هذا الرأسمال المعرفي هو الكتب والقراءة والرحلات والاستكشاف، وقد لا يستطيع الإنسان أن يتحرك خارج إطار مكانه لذلك يقتصر رأس المال المعرفي الرديف على المطالعة وهي شبه معدومة، لأن التقنية ربضت بشكل غير مباشر على صدور الأجيال الجديدة، والثقافة التي تأتي عن طريق الإنترنت، هي ثقافة قاصرة والكتاب هو الصديق الحقيقي للعقل وتراكم المعارف عند الإنسان.
في حين رأى د. صلاح الدين يونس أن الملتقى وضع لنفسه مجموعة من الأسس والتصورات تقوم على إثارة الأسئلة وعلى ترك فضاء الأجوبة مفتوحا، لافتاً إلى أن وظيفة المؤتمرات أن تشير وتدل على أشكال الحل وتعدديتها. وتحدث د. يونس عن مقترحات لتغيير نظم التعليم العالي وما قبل العالي معتبراً أن المشكلة تكمن في أن التعليم الأساسي يفضي بما لديه للتعليم العالي ونشاطات الحياة الأخرى، كما تمت الإشارة إلى مواطن الخلل في أنظمة التعليم وتم طرح بعض الحلول منها إعادة هيكلة المعلم والمنهاج وفق منظورات حديثة بحيث يكون المعلم مرشداً لا متلقياً، وأن يشارك الطالب في عملية البحث وليس أستاذاً له في التلقين. وبيّن د. يونس أن معظم الأكاديميين الذين شاركوا هم ذوو تجربة هامة في التعليم العالي وما قبله ولهم مؤلفات وآراء ومعظم هذه الآراء كانت تصب في اتجاه واحد مثل كيف ننطلق من جديد، ونعيد البناء، والإنسان من خلال التعليم، وكيف تكون الجامعة مرتبطة بحاجات المجتمع، والعلاقة بين سلوك العمل والتخصص العلمي.
وأشاد د. أحمد شحود أستاذ مساعد في كلية السياحة بهذه المؤتمرات وخاصة في هذه الظروف لما لها من دور في تثقيف المواطن والإنسان في سورية، خاصة مع وجود كادر من المثقفين والأكاديميين، مشيراً إلى أن المحاور ذات قيمة علمية وثقافية عالية وتحدث فيما يخص إدارة الأزمة والمخاطر التي تعرضت لها المواقع الأثرية والفندقية ليس فقط في طرطوس وإنما في المحافظات الأخرى أيضاً.

رشا سليمان