جوقات سورية تختتم ملتقاها في دار الأسد
لم تكن هذه المرة كلمات أغنية”حلوة يابلدي” برناتها المعتادة، إذ بدت مدهشة ومذهلة حينما تجمع أعضاء الكورالات في اختتام ملتقى الجوقات على مسرح الأوبرا، لتشكيل كورال سورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، ليظهر بأن الاختلاف يؤدي إلى حالة من الانسجام والتناغم أيضاً، وليكون هذا الكورال صورة مصغرة عن نسيج المجتمع السوري الملون، ولكن بروح واحدة يغني بأصوات متعددة من مكان واحد لسورية.
وقد حمل الملتقى الذي أقيم لأول مرة في سورية مفاجآت وأفكاراً جديدة تعزز الغناء الجماعي، والأمر الهام هو إطلاق أصوات جميلة من خلال الغناء الإفرادي في بعض الجوقات، استحوذت على إعجاب الحاضرين، ومن الممكن أن تحقق حضوراً على صعيد الأصوات السورية مثل إسكندر يشوع قائد جوقة كنيسة أم الزنار من حمص الذي غنى “حلوة ويا نيالها” لزكي ناصيف بأسلوب غنائي رائع، وكذلك ميري فركوح من كورال مشتى الحلو التي غنت “بيتي أنا بيتك للأخوين رحباني بصوت ساحر، والموهبة الواعدة الطفلة غابريلا بيطار من كورال مشتى الحلو أيضاً التي غنت بطريقة لافتة، والأمر الآخر الذي حفل به الملتقى هو الفروقات بين الكورالات، والتنوع من حيث حرفية الأداء الغنائي، وتعدد الأصوات”سوبرانو-آلتو، تينور باص”وتوظيف تقنيات الصوت، والغناء الإيقاعي، والأداء التعبيري، والأهم أنه عرّف جمهور دمشق إلى كورالات المحافظات وإلى المستوى الفني الذي تتصف به، رغم الصعوبات والأوضاع الصعبة التي تعيشها المحافظات. ومن المتوقع أن يصبح الملتقى تقليداً سنوياً ويضم عدداً أكبر من المحافظات.
مبروك نصرك ياحلب
وفي أمسية الاختتام شارك كورال” زفارتنوتس” من حلب بقيادة كايانيه سيمونيان وعازفة البيانو من أعضاء الكورال، لتكون حلب المنتصرة حاضرة بقوة، فبدأ الكورال بـ “مبروك نصرك ياحلب بالعز تاجك من دهب” توزيع كايانيه سيمونيان، تلتها”رصاصك ياحلب” بمرافقة البيانو وبأسلوب غنائي أقوى وبامتدادات صوتية، لتتغير الأجواء مع مفردات الأغنية الشعبية الأرمنية”هوينار” لطاطول الطونيان، وأهدت كايانيه الحاضرين أغنية روسية بتنغيمات صوتية مع نغمات البيانو” ليالي موسكو”، وتميّز أداء الكورال بموشح “لما بدا يتثنى” من مدينة الموشحات، وقد اتصف كورال زفارتنوتس بالحرفية الغنائية والتميز لاسيما أنه كورال قديم وحافل بالمشاركات للأغنيات الكلاسيكية العالمية والشرقية.
كورال سورية
وفي القسم الثاني من الأمسية أوضح باغبودريان أن فكرة الملتقى كانت حلماً يراوده الآن غدا حقيقة بتشكيل كورال سورية نتيجة جلسات ورشات العمل التي كانت تقام على مدى أيام الأسبوع قبل الأمسيات، إذ تمّ جمع أعضاء الكورالات، فبدؤوا بمرافقة المايسترو عدنان فتح الله على العود، وعازف البيانو فادي جبيلي، وعازف الإيقاع محمود كنفاني، بأغنية “يامو” موظفين فيها خصائص الغناء الجماعي وتقنياته مثل “الفولكيز” وشاركت الطفلة الموهوبة غابريلا بيطار بصولو “يامو” معتمدة فيه على إظهار قدرة صوتها بارتجافات الصوت”ريبراتو”، وترافقت مع عرض مشهد غنائي للفنان الكبير دريد لحام من كاسك ياوطن وهو يغني “عالشمس الـ ما بتغيب”. وتابع باغبودريان بأنه تمّ تقسيم أعضاء كورال سورية إلى مجموعات، اختارت كل مجموعة بعض المفردات واللحن المرافق لها لتغني جميع المجموعات في وقت واحد على المسرح، وبدت للوهلة الأولى هذه التجربة مذهلة وغريبة لكن الحضور الكبير تمكن من التواصل مع نغماتها وإيقاع مفرداتها المتداخلة ومع ارتفاع درجات الصوت وخفوته إلى حدّ الصمت، منها” الله يفرج عن هل البلد، وطني ترابك من نبض قلبي، وطني مدمر وطني رح يتعمر، وطني يا غالي يا بلد الشام، وطني أنا.. أنا وطني”، ليخلص باغبودريان إلى أهمية اللقاء والتبادل لننفض غبار الحزن والدمار عنا وإعادة الأمل إلى كورالاتنا، إلى مجتمعنا حتى نجتمع جميعاً لنبني سورية من جديد. متمنياً أن يتشكل كورال شامل باسم سورية. وأثناء الأمسية الأخيرة في الملتقى سلم المايسترو ميساك باغبودريان ممثل المدير العام لدار الأسد والثقافة والفنون د. جوان قرة جولي شهادات التقدير للجوقات والكورالات، واستلم شهادة تقدير كورال الحجرة عميد المعهد العالي للموسيقا المايسترو أندريه معلولي، كما قدمت السيدة كايانيه سيمونيان درعاً تكريمياً باسم الكورال من حلب للمايسترو باغبودريان لدار الأوبرا.
ملده شويكاني