ثقافة

كرم الفنان الراحل ممتاز البحرة  افتتاح معرض سورية الدولي للكاريكاتور بمشاركة 400 فنان من 76 دولة

بمشاركة نحو 400 فنان من 76 دولة افتتح  وزير الإعلام المهندس رامز ترجمان  معرض سورية الدولي الثالث عشر للكاريكاتير  ظهر أمس في دار الأسد للثقافة والفنون، وكرَّم المعرض بدورته الحالية الفنان الراحل ممتاز البحرة، وأشار وزير الإعلام في تصريح للإعلاميين على هامش المعرض إلى أهمية هذه الدورة التي كرَّمت الفنان ممتاز البحرة الذي يُعدّ من أهم رسامي أدب الأطفال وقد كان صديقاً للطفولة من خلال الشخصيات التي كان يرسمها في الكتب المدرسية، هذه الشخصيات التي تكرّست في ذاكرتنا ورسمت جزءاً من شخصيتنا وأثّرت بنا، إلى جانب تأسيسه لمجلة الأطفال المبدعة “أسامة” وإنجازه لمجموعة من اللوحات الزيتية الهامة كلوحة ميسلون، مبيناً أن هذه المشاركة العالمية من 76 دولة تؤكد أن فن الكاريكاتير فن خالد وتأتي أهميته من خلال رسالته السريعة التي تلقي الضوء وبشكل قريب من العقل والقلب على هموم ومشاكل المواطنين.

ممتاز البحرة مكرماً

وبيّن الفنان رائد خليل المشرف على المعرض أن الدورة الثالثة عشرة هي دورة استثنائية لتكريم الراحل ممتاز البحرة، مؤكداً أن أهمية هذا المهرجان في دورته الحالية تأتي من المشاركة الكبيرة الدولية فيه بعد أن نجح في استقطاب فنانين من جميع أنحاء العالم لتكون الأهمية الأخرى برأيه في مشاركتهم في تكريم فنان سوري راحل لتسليط الضوء على قامة فنية كبيرة تستحق هذا التكريم لأن البحرة حمل هواجسه الطفولية بإيقاعاته اللونية والبصرية والطفولية التي مازالت حاضرة في نفوس كل من تعرّف على رسوماته عبر سنوات طويلة، منوهاً خليل إلى أن مشاركة أربعمئة فنان عالمي في هذه الدورة ونحن في ظل ظروف الحرب والحصار ومقاطعة دولية واضحة المعالم والدلالات هو إنجاز بحد ذاته، مفسراً أن سبب العدد الكبير والمشاركة في هذا المعرض يأتي من أسلوب الدعوات وطريقة التعامل معهم، إضافة إلى قيام أي فنان كاريكاتير في العالم بالتعاطف مع أي فنان راحل.  وعن أهم ما لفت انتباهه في هذه الدورة بيّن خليل أن عدداً من المشاركين عملوا على دمج وجه ممتاز البحرة مع حالة الطفولة الموجودة فيه، كما استعاروا بعض رسوماته بعد أن بحثوا عنها واطّلعوا عليها مع محاولة خليل تعريفهم به سواء من خلال صوره أو رسوماته ليستوحوا منها عوالمه، مع إشارته إلى وجود تميز في الأساليب والتكنيك وخاصة لدى فناني أميركا الجنوبية مثل بيرو والبرازيل لتتصدر إيران العدد الأكبر من المشاركين بنحو 70 فناناً إيرانياً، مؤكداً خليل أنه وفي كل دورة تُخلَق أساليب جديدة وخاصة في هذه الدورة  ولا سيما على صعيد دمج الكولاج مع الرسم وأسلوب الكومبيوتر البحت، وبالتالي فهناك تجديد وأثواب جديدة تدخل ضمن إطار رغبة الفنان في التجريب الذي يمكن من خلاله التعرف على أساليب جديدة مع وجود أسماء سورية شابة جديدة تقدم تجاربها على صعيد هذا الفن. وعن الأعمال الحرة في هذا المهرجان أشار خليل إلى أن المهرجان وضمن هذا القسم ترك الخيار للفنانين المشاركين بانتقاء موضوعاتهم المناسبة، خاصة وأن البعض لا يعمل برسم الوجوه الكاريكاتيرية، وحتى لا يُحرَم هؤلاء من المشاركة خُصص القسم الثاني من المهرجان للأعمال الحرة، مؤكداً أن هذه الأعمال التي انصبت في معظمها حول المواضيع السياسية مؤشر على أن الواقع السياسي يفرض نفسه بقوة على الابتسامة والضحكة. أما الفائزين في هذا المهرجان فبيّن خليل أن الإعلان عن النتائج سيتم خلال الـ 10 أيام القادمة من خلال لجنة تحكيم تتألف من الفنان التشكيلي موفق مخول والناقد والإعلامي سعد القاسم والإعلامي د.ماهر الخولي وعدد من الفنانين العالميين من إيران والصين والبرازيل.

وعن الدورة القادمة من المعرض أوضح خليل أنه سيكون شديد الخصوصية حيث سيضم أهم اللوحات الكاريكاتورية التي فازت على مرِّ السنوات الماضية في جميع أنحاء العالم، وهو بذلك سيكون معرضاً استعادياً للأعمال الفائزة على مستوى العالم وذلك بهدف الاطلاع على التطور الذي طرأ على الرسم الكاريكاتوري على صعيد الشكل والذي تم بفضل التقنيات والتكنولوجيا التي أثرت تأثيراً كبيراً على نمط التفكير وذهنية الفنان والمتلقي.

من المعارض المهمة

وأكد الفنان موفق مخول عضو لجنة التحكيم على أن المعرض من المعارض المهمة التي تقام في سورية، وخاصة في دورته الحالية التي تم فيها تكريم ممتاز البحرة، شاكراً الفنان الكاريكاتيري المعروف رائد خليل الذي استطاع أن يعرّف فناني العالم على ممتاز البحرة وهو بذلك استطاع وبكل محبة أن يوصله إلى العالمية عبر لوحات برع فنانوها في تجسيد شكل وروح ممتاز البحرة، والأهم برأي مخول أن خليل خطا خطوة أولى باتجاه أن يقوم الفنانون بتكريم بعضهم بدلاً من الانتظار لأن يكرمنا الآخرون. وكعضو لجنة تحكيم اطلع على كل اللوحات المشاركة أكد أن القاسم المشترك بين جميع اللوحات ضمن الموضوع الحرّ تطرقهم لموضوع الإرهاب، وهذا يعني أن الإرهاب لم يعد يعني سورية فقط بل هو موضوع يعاني منه العالم وقد أصبح هاجساً وهمّاً عالمياً، وقد أسعده أن هناك فهماً حقيقياً لهذا الموضوع والفكر الذي يقف وراءه وكذلك مصدره وداعموه، مؤكداً مخول أن الفن يجب أن يكون واضحاً في إيصال الرسائل وصادقاً مع نفسه وغيره في أن يكون بعيداً عن اللعبة السياسية لأن الفن هو الذي يطور الناس، أما على صعيد التقنيات المستخدمة من قبل المشاركين في لوحاته أكد مخول أن المعرض يضم لوحات قُدِّمت بتقنيات جميلة دون أن ينكر أن التكنولوجيا المستخدمة أثّرت على اللوحات وطريقة تقديمها، وهذا ما أدى إلى وجود لوحات كاريكاتورية حديثة على صعيد اللون والخطّ، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن فن الكاريكاتير يقوم بالأساس على الفكرة المكثفة أكثر من كونه مجرد خط. وختم مخول كلامه موضحاً أنه انقطع عن الرسم الكاريكاتوري لعدم وجود وسائل إعلامية تكرس هذا الفن وتشجعه.. من هنا ترك الكاريكاتير ولجأ إلى الكتابة الساخرة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ.

جهد فردي كبير

وعبّر الناقد والإعلامي سعد القاسم عن سعادته بقدرة هذا المعرض على أن يصبح نافذة نطلّ من خلالها على التجارب الإنسانية المختلفة في فن الكاريكاتير في جميع أنحاء العالم بتقنياتها ووجهات نظرها المختلفة اتجاه قضايا العالم، مستغرباً من أن هذا المعرض لم يقدر على خلق حالة فاعلة بين رسامي الكاريكاتير في سورية، والدليل حضورهم الخجول الذي لا يتناسب مع عمر المعرض دون أن يعرف القاسم ما هو السبب في ضعف تفاعل رسامي سورية مع هذا المعرض مع أنه من أهم المعارض التي تقام في سورية، أما بما يتعلق بمشاركات الموضوع الحر فأكد القاسم أنه أتاح لنا فرصة التعرف على طريقة تفكير الآخرين، والأهم في قسمه الأول نجاحه من خلال الفنان رائد خليل بإحياء ذكرى فنان سوري ذي تجربة خاصة من قبل عدد كبير من فناني العالم.  وختم القاسم مؤكداً على أن المعرض يعتمد على جهد فردي للفنان خليل الذي يتمتع بحيوية تثير الإعجاب منذ دورته الأولى وحتى الآن وهو اليوم يحتاج إلى مؤسسة تدعم مشروعه لتوفر له إمكانيات أكبر تتناسب وأهمية هذا المهرجان الكبير.

الهمّ الإنسانيّ

وكعضو لجنة تحكيم بيّن د.ماهر الخولي أن الجهود التي يبذلها الفنان رائد خليل المشرف على المهرجان كبيرة جداً وهامة على صعيد حرصه على تأكيد حضور هذا النوع من الفنّ واستحضاره ليكون أمام المتلقي السوري، مثنياً على فكرة تكريم الفنان ممتاز البحرة في هذه الدورة التي تشعّ وهجاً وطفولة، مؤكداً على أن هذا المهرجان في دوراته اللاحقة سيكرم كل من أضاف إلى هذا الفن وقدم له وأن النجاحات ستلاحق هذا المهرجان دورة بعد دورة، مبيناً أن وجود مؤسسة ثقافية أو فنية تساهم في هذا الجهد إلى جانب الفنان رائد خليل أمر مطلوب، مع قناعته أن الجهد الفردي هو الفيصل في هذه المناسبات الفنية. وانطلاقاً من مقولة بيرغسون في كتابه “فن الضحك”: لا مضحك إلا في ما هو إنسانيّ كان الهمّ الإنسانيّ برأي د.الخولي هو الطاغي في لوحات هذا المعرض، وهذا يدل على أن ما نعيشه في هذه المنطقة من العالم يعيشه إنسان آخر يخضع لشروط مشابهة للشروط الاجتماعية والاقتصادية التي نعيشها، مبيناً أن السمة العامة لكل دورات المهرجان كانت السمة الإنسانية التي كانت تتمظهر من خلال فنانين  ذوي حساسية عالية. يُذكَر أن المعرض قدم هدية لجمهوره عبارة عن كتاب “عشرون عاماً في كاريكاتير ممتاز البحرة” الصادر في دمشق عام 1980 ومجموعة من الكتّيبات التي تسلط الضوء على فن الكاريكاتير وأهم تجاربه، مع الإشارة إلى أن المعرض تقيمه دار الأسد للثقافة والفنون بالتعاون مع وزارة الإعلام وهو مستمر  لغاية الثلاثين من الشهر الجاري.

أمينة عباس