حراس النور
كثيرة هي الأفلام التي تناولت قصص الحروب وويلاتها ويومياتها وتفاصيلها: الحرب العالمية الأولى والثانية وغيرها من الحروب الحديثة والقديمة، لكن من بين الأفلام التي شاهدتها عن الحرب ربما كان فيلم – ضوء بين المحيطات – من أجمل الأفلام فهو يحكي بشكل شفاف ورومانسي قصة جندي سابق يرسل إلى جزيرة نائية ليحرس المنارة ويشعل الضوء للسفن القادمة.
ولعل الحوار العميق والشفاف هو نقطة القوة الرئيسية للفيلم حيث تقول بطلة الفيلم لصديقها حين سألها عن البيانو الموجود في أحد أركان المنزل: “كنت اعزف البيانو لكن أخواي اعتادا إغاظتي وقد فقدت كلاهما في الحرب”؟.
تتابع وكأنها تحدث نفسها: إن فقدت الزوجة زوجها تسمى أرملة فماذا إن فقدت أبناءها هل تبقى أما ويبقى الوالد والدا؟.
من الناحية العملية هل أبقى أختاً بعد أن فقدت أخواي؟.
يقول القادم الجديد إلى الجزيرة والذي كان بيتها المكان الأول الذي يدخله ويتناول الغداء مع عائلتها: من الجيد ترك الماضي للماضي فقد أحاطني الموت لوقت طويل وكل ما لمسته كان يتلاشى، أنا هنا مسؤول عن النور فقط.
ترد: يصعب أن نفقد أحدهم ولكن علينا متابعة حياتنا، الحياة لا تعلق في ألم الماضي.
نعم علينا متابعة حياتنا على الرغم من الجروح والخسارات، فمنذ آذار عام 2011 لم يهنأ السوريون بعيد، والمرأة على وجه الخصوص أكثر الخاسرين في هذه الحرب القذرة التي تشن على بلدنا وتعمل على تمزيقه وتدمير مؤسساته الوطنية.
منذ أن انطلق الغوغاء في الخامس عشر من آذار عام 2011لم تعرف نساء سورية الفرح ومحون من يومياتهن عيد الأم والمرأة والمعلم وأعياد الميلاد والزواج وكل ما يمت للفرح بصلة، منذ ذلك التاريخ المشوؤم ونساء سورية يلبسن السواد: أمهات وزوجات وأخوات.
هل سبق لثورة عبر التاريخ أن وضعت النساء في الأقفاص أو قامت بسبيهن واغتصابهن وبيعهن؟ نعم هذا ما تفعله مايسمى -الثورة السورية- وتروج له عبر قنوات التلفزيون، ولم تقم الدول المناصرة للديمقراطية وحقوق الإنسان ولا المنظمات التي تدعم المشاركة السياسية للمرأة بالعمل على تحريرهن والضغط على المنظمات الارهابية لإخلاء سبيلهن ولم تقم – نساء الثورة – بالدعوة إلى حماية أخواتهن ضحايا الإرهاب أو الثورة كما يسمونها. ولكن لا ضير، فالمرأة السورية هي السنديانة الراسخة القوية والملاذ الآمن الذي يحمي الأسرة من الانهيار في كل الأوقات فكيف في زمن الحرب والعدوان.
ولأمهات وزوجات وأخوات الشهداء نقول: لترقد أرواح شهدائنا بسلام انتن المؤمنات الصابرات اللواتي يفخرن بتقديم أبنائهن قرابين كي ينتصر الوطن، ونفخر بهن ونضعهن تاجا على رؤوسنا، وسيبقين أمهات وأخوات لكل أبناء سورية المؤمنين بها.
مع كل العتمة التي ينشرها أعداء سورية في حياتنا فنحن نرى الضوء يلمع في نهاية النفق، وليس في أفق المحيطات.
سلمى كامل