ثقافة

سلمى اللحام: هناك مسلسلات اختزلت المرأة في دور المنجبة والمربية والطاهية

لم يكن بإمكان الأديبة سلمى اللحام في محاضرتها التي ألقتها مؤخراً في مركز ثقافي أبي رمانة، والتي حملت عنوان: “صورة المرأة في الإعلام والدراما التلفزيونية”، إلا أن تتناول مسيرة المرأة السورية، ودورها المشرّف في بناء الوطن والدفاع عنه.
وأشارت المحاضرة إلى نساء سوريات متميزات كماري عجمي التي تحدت جمال باشا السفاح الذي أعدم شهداء 6 أيار، فذرفت دموعها شعراً، وألقت القصائد المنددة، ونازك العابد التي أحرقت ملاءتها، ومزّقت منديل وجهها، وقالت: “لبّيك يا بطل ميسلون.. الوطن ليس للرجل، بل هو للرجل والمرأة”، فارتدت الزي العسكري، وكانت هي ورفيقاتها إلى جانب يوسف العظمة يداوين الجرحى، وظلّت تناضل وتكتب ضد ممارسات الفرنسيين على الرغم من قيام الاحتلال الفرنسي بنفيها أكثر من مرة، وهكذا عرّجت اللحام وتحدثت مطولاً عن وضع المرأة السورية بعد الاستقلال، وثورة 8 آذار، والحركة التصحيحية، حيث احتلت مكانتها، وعوملت معاملة المواطن بالحقوق والواجبات.

الاهتمام بالمرأة ليس ترفاً
ولتعاظم دور الإعلام يوماً بعد يوم في حياة الدول والمجتمعات في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي تشهده ثورة الاتصالات، بيّنت اللحام أن الإعلام اكتسب صفة الجماهيرية، وغدا قوة عظيمة تؤثر في مجالات الحياة كافة، ما أهّل الإعلام كي يكون أبرز وأهم الأدوات المشكّلة للرأي العام، وتهيئة الظروف المناسبة لصالح أي تغيير بسبب تأثيره الكبير على عقول واتجاهات الأفراد، وطرق تفكيرهم، لأن فعله يمتد تأثيره في الملايين من البشر، وإذا ما تنصّل عن أداء واجباته تجاه قضايا أمته ستُزيّف الوقائع برأيها، وهذا يعني أن الإعلام رسالة قبل كل شيء، من هنا رأت اللحام أن للإعلام مهام عديدة ومتنوعة كالتنوير، والتوعية، والتنمية، وشحذ الهمم، والتأكيد على القيم الأخلاقية، وأكدت أن الإعلام السوري إعلام ملتزم، أكد ويؤكد دائماً عبر وسائله المقروءة، والمسموعة، والمرئية، أنه منوط بكل هذه المهام، وأنه أشد تفهماً لقضايا الأمة، وصياغة الرجل الإنسان، والمرأة الإنسان، وهو الواعي لقضايا مهمة، وقضية المرأة واحدة من أهم هذه القضايا لما تمثّله من حجم تأثير، وبالتالي فإن الاهتمام بالمرأة، برأي اللحام، ليس ترفاً أو عطفاً، بل هو ضرورة وطنية، ومهمة الإعلام تكمن في إبراز صورة المرأة المساهمة في عملية التنمية والبناء، ونوّهت إلى أن الإعلام السوري استطاع الابتعاد عن التركيز على صورة المرأة السلبية، السلعة، النمطية، والعمل بتوصيات المؤتمرات الدولية المعنية بشؤون المرأة، مستبعداً مَشاهد إذلالها، وكل مشاهد العنف الواقع عليها، لأن الأم التي تُضرَب على مرأى من أطفالها لا تستطيع أن تعزز فيهم شعور العزة والكبرياء، وهكذا تلعب وسائل الإعلام- كما أشارت اللحام- دوراً حيوياً في إبراز أهمية دور المرأة والقوانين التي تحميها، وتؤكد على حقوقها، وإلقاء الضوء على الثغرات التي تعاني منها.. هذه القوانين التي سلّطت اللحام الضوء عليها في محاضرتها، مُطالِبة وسائل الإعلام بتوعية المرأة بحقوقها كافة، حيث إن الإعلام، برأيها، يأخذ دور المرشد والموجّه لما له من تأثير كبير على الأفراد، ودعت وسائل الإعلام لتسليط الضوء على تجارب النساء الناجحات في كل المجالات، إلا أنها أسِفت في الوقت ذاته لأن الرجل مازال مهيمناً على مواقع صنع القرار، وله النصيب الأكبر في المواقع الرئيسية في وسائل الإعلام، على الرغم من وجود المرأة فيها بنسبة كبيرة.
وانطلاقاً من قناعة اللحام بأن الإعلام لا يستطيع القيام بواجباته منفرداً في إنصاف المرأة، دعت إلى ضرورة تضافر جهود كل مؤسسات الدولة والمنظمات الشعبية، لأن الإعلام، برأيها، جهة من عدة جهات تمتلك صنع القرار، وبالتالي فإن أقصى ما تستطيع فعله هو خلق القناعة، والاستعداد، وتهيئة الأجواء، والتمهيد لطرح قضايا المرأة، ونوّهت للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه النساء السوريات اللواتي وصلن لمواقع صنع القرار في نصرة المرأة والدفاع عن قضاياها.
أريد حلاً
لم تشكك اللحام في أن الدراما السورية وصلت في فترة من الفترات إلى مستويات جيدة على صعيد المضامين الهامة التي تناولتها بما يعزز دور الأسرة وتماسكها، ودور المرأة الإنسان، إلا أنها لم تخفِ أن أعين الرقابة تغفل أحياناً عن مضامين تعمل على إظهار المرأة بطريقة نمطية وساذجة، وأحياناً مسيئة، دون تسليط الضوء على قضاياها، مذكّرة بأعمال مثل الفيلم المصري “أريد حلاً” بطرحه الجريء لقضايا المرأة، في حين أن مسلسلات كثيرة تكرّس السلطة الذكورية، والنظرة الدونية للمرأة، وخاصة بعض أعمال البيئة الشامية التي تختزل دور المرأة كمنجبة ومربية وطاهية، وتجريدها من كل تفكير بحيث تتقبل الضرب والشتم.
وأكدت اللحام على ضرورة وضع استراتيجية إعلامية مدروسة تقف موقفاً واضحاً من قضايا المرأة، لأن الإساءة للمرأة إساءة للوطن والمجتمع.
أمينة عباس