ثقافة

تكريم شخصيات وطنية وفنية وجهات إعلامية في مهرجان شموع العطاء

“مئة دولة اجتمعت على دولة فكان الله معها”، هذه الكلمات قالها سماحة المفتي العام للجمهورية العربية السورية د. أحمد بدر الدين حسون   أثناء تكريمه في مهرجان شموع العطاء الذي يقام لأول مرة في سورية من قبل مجموعة همسات ممثلة بالمشرف العام على المهرجان السيد عبد الرحيم الماني- وبرعاية وزارتي الثقافة والسياحة على مسرح دار الأوبرا بغية تكريم قامات سورية وطنية من مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها، كان لها دور كبير في ترسيخ دعائم الانتماء والبقاء في سورية ومواجهة الإرهاب، إضافة إلى تكريم الفنانين المساهمين بنشر الحقيقة والتوعية برسائلهم الجمالية.
تميّز المهرجان بطريقة التقديم –الفنانة نظلي الرواس والفنان عامر علي-وبالتوثيق من خلال عرض سلسلة من الأفلام التوثيقية للمكرمين مع العرض الأول للفيلم السينمائي القصير “الله معنا” المترافق بأوبريت يحمل العنوان ذاته والمعرض الفردي لفنان الكاريكاتير نضال ديب.
ويبدو تأثر يزن نجدة أنزور برسالة والده السينمائية واضحاً من خلال اعتماده على التوصيف البصري، وإغناء اللقطة بالحدث، وإثارة المتلقي بإشارات موحية بتأويلاته، إلّا أن يزن قدّم رسالته السينمائية بأسلوبه الخاص المعتمد على الإيحاء النفسي بتداخل الصور وتماهيها بين الحلم والواقع، مكوّناً من ثلاث قصص محاور أساسية لفيلمه” الله معنا” – ديكو دراما- الذي اختزل فيه الكثير من وقائع الحرب السورية وانعكاساتها على مختلف المناحي الحياتية، ليبقى الجندي العربي السوري هو البطل والمحور الأساسي للفيلم، ومن خلال تقنية التقطيع والمونتاج التي نقلت الكاميرا إلى أمكنة مختلفة.. والأمر اللافت أن المخرج الشاب تمكّن رغم قساوة الحدث من ترك الباب موارباً ليتسلل بريق الأمل منه، من خلال حالة التماهي مع الحلم الذي تعيشه الشخوص في اللقطات الأخيرة في إيماءة إلى استمرار الحياة والإيمان بالنصر، إذ نرى الأم تهرع للمدرسة التي وقع فيها الانفجار لترى ابنها ينهض من جراحه، والفتاة تلتقي بحبيبها من جديد، أما اللقطة الرمزية حينما يقرع الباب بقوة إنذاراً بنبأ سيىء لتفتح الأم –الفنانة تولاي هارون- التي كانت تصلي، وتتلو القرآن الكريم لعودة ابنها، فتتراءى لها صورته، بينما في الحقيقة هو استشهد، وبرمزية ارتدائها الثوب الأسود يوصل يزن أنزور رسالته السينمائية بأن الكثير من الشهداء ضحوا بأنفسهم لتبقى سورية، فلن نضيّع تضحياتهم.
من حيث المؤثرات الفنية ركّز المخرج على دور الأصوات، لاسيما في مشاهد الانفجارات والخوف، وكان للموسيقا التصويرية التي أعدها هاني طيفور دور في إنجاح الفيلم، والخاصية الواضحة اعتماده على الأغنية التركية في المشاهد التي تتطرق إلى معاناة السوريين في تركيا.

إنجازات ومواقف
وتحت شعار: “سورية موطن الإنسانية وأم لكل شريف”، بدأ تكريم نخبة من القامات السورية الوطنية من مختلف المجالات، وتميّز التكريم بأسلوب جديد موثق من خلال  عرض فيلم توثيقي قصير عن بعض إنجازات ومواقف المكرّمين تجاه سورية، فحفل التكريم بسلسلة من الأفلام التي وثّقت جزءاً من مهامهم، إضافة إلى الدرع التكريمي، والصورة الشخصية للمكرّم.
من المكرّمين: سماحة المفتي د. أحمد حسون- وزير الدفاع العماد فهد الفريج- وزير الخارجية وليد المعلم– وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الشعار- وزير التربية د. هزوان الوز- المدير العام لأبناء وبنات الشهداء شهيرة فلوح، وآخرون.
نجوم الدراما
واتصفت الأفلام التوثيقية لنجوم الدراما بالدمج بين الماضي والحاضر بعرض مقتطفات من أعمالهم السابقة والحالية، والتي جميعها حملت اسم سورية، وعبّرت عن مواقفها وأوجاعها، ومن أجمل الأفلام فيلم عن الراحل فنان الشعب رفيق السبيعي على وقع نغمات صوته بأغنية زينوا المرجة، كما كُرّم الفنان الكبير دريد لحام بحضوره، وعُرض فيلم تضمن ومضات من مسيرته الفنية الحافلة والموقعة بحب الوطن، والفنان حسام تحسين بيك الذي غنى للشام لمناسبة تكريمه: “يا شام يا حنونة”، والفنانات نادين خوري، وسلاف فواخرجي، والموسيقار طاهر مامللي الذي أضاف الكثير إلى الدراما من خلال موسيقاه.
وضمن مجال الإعلام كُرّم المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عماد سارة، ومجموعة من القنوات الفضائية مثل: “روسيا اليوم- العالم- الميادين- المنار- سما.

اوبريت “الله معنا”
وأضفى اوبريت “الله معنا “الذي أخذ عنوان الفيلم أيضاً لتكون متابعة له، من كلمات وألحان عادل الجراح، بمشاركة عدد من الفنانين الشباب منهم: “عماد رمال- نور عرقسوسي- إيناس لطوف- محمد قباني”، جمالية خاصة على المهرجان بوقع مفرداته التي تحمل رسائل مباشرة إلى كل من غادر سورية وقت محنتها: “مهما تغربنا تبقى سورية أم الناس”، وتدعو إلى المصالحة ونبذ الخلافات: “لا تخلّي الغريب ينسينا إنا إخوة”، ليتكرر المقطع الأساسي: “الله معنا وبيجمعنا على المحبة والإخلاص”.

ومضات واخزة
وشغل المعرض الفردي لفنان الكاريكاتير نضال ديب جانباً هاماً من المهرجان من خلال لوحاته الناقدة المعتمدة على السخرية بخطوط الهياكل التشكيلية المقرونة بشروحات بسيطة، تساهم في إيضاح قراءة اللوحة وفق الأسلوب الخاص للفنان ديب، وللمدرسة التي كوّنها، فجسد بخطوطه السوداء ومضات واخزة تشير إلى صمود الشعب السوري في وجه التدخل الأمريكي، وصمود الجيش العربي السوري، ورفض سورية الإملاءات الخارجية، إضافة إلى اعتماده على الطرفة في تجسيد تبعات الأزمة على حياتنا مثل لوحة المرأة الحامل بأسطوانة غاز، وغياب الكهرباء وغلاء الأسعار، وتبدو جمالية لوحات الفنان ديب في وضوحها وتقديمها بمباشرة فنية بعيدة عن النمط السريالي المعقد.

وقفة مع المكرّمين
وعلى هامش المهرجان كانت لنا وقفة مع بعض المكرّمين، حيث أشادت الفنانة نادين خوري بالمهرجان، وبأنه لم يسبق لأية جهة أو فعالية خاصة أن كرّمت شخصيات هامة من وزارات الدولة، وبرأيي هذا أهم من تكريم الفنانين الذين كُرّموا كثيراً من جميع الجهات، فأقول للقائمين على المهرجان: شكراً لكم على هذه المبادرة الإيجابية.
وعن نجاحها بالأعمال الكبيرة التي قدمتها للدراما، والتي كُرّمت من أجلها تقول: لا توجد دراما متكاملة، كلنا نعمل معاً في إطار العمل الجماعي، وهذا سرّ نجاح الدراما السورية.

فرصة للشباب
الفنان عماد رمال المشارك باوبريت الله معنا يرى أن أهمية المهرجان بإتاحة الفرصة للشباب، فكل المنظمين والقائمين عليه شباب، وهذا يعزز دورهم الإيجابي، ويمنحهم القدرة على العمل أكثر، وعن خصوصية الاوبريت قال بأنه يجمع أصوات الشباب بألحان وكلمات جديدة، تلامس مشاعر الناس وتؤثر فيهم، وأتمنى أن نقدم المزيد من الفن الهادف لنعيد سورية كما كانت.

على أرض الواقع
الفنانة الشابة نور عرقسوسي تحدثت عن أهمية وجودها مع الفنانين الشباب في اوبريت غنائي يحكي عن الوطن: نحن هنا لنشارك بتكريم قامات كبيرة قدمت الكثير للوطن، وتمنت أن يؤمن كل شخص بمعنى كلمات الاوبريت، وأن تتحقق على أرض الواقع.

نقدم للوطن
الفنانة نظلي الرواس التي اشتُهرت بأدوارها المركبة تحدثت عن تجربة التقديم، فذكرت بأنها مرعبة بالنسبة لها حينما واجهت الحضور الكبير في اللحظات الأولى، إلا أنها كانت سعيدة جداً بتقديم الشخصيات الهامة الموجودة في حياتنا العامة، والتي قدمت الكثير للوطن، وترى الرواس أن من واجبنا جميعاً أن نقدم للوطن، كلاً من موقعه.
ملده شويكاني