ثقافةصحيفة البعث

في عيدها.. المرأة هي الكائن الأرقّ والأرقى

جمان بركات

اليوم العالمي للمرأة هو الوقت المناسب للاعتراف بإنجازات المرأة وجدارتها وتميّزها، وفي كل عام يحلّ يوم الثامن من آذار لتنطلق احتفالية بهذه المناسبة، وكان لـ”البعث” هذه الوقفات.

المرأة في كل الميادين

“حين أراد الله أن يجعل في الكون بهجةً ومسرة، خلق المرأة، خلقها من ضلعٍ يتكئ عليه القلب، ويكون ملجأه في أيامه الصعبة”، بهذه الكلمات عبّرت الكاتبة عقيلة محمد عن عيد المرأة وتابعت بالقول: ما أكثرها من أيامٍ وصعوباتٍ مرّت علينا نحن السوريين، أثبتت خلالها المرأة السورية يوماً بعد يوم أنها أهلٌ لخوض الصعاب والتغلب عليها، حملت السلاح وخاضت الحروب، أنشأت المطابخ لتُطعم الجنود، لم تتوقف يوماً عن عملها وتقول اكتفيتْ من التعب والهمّ، فكانت في كل الميادين كتفاً بكتف مع الرجل، وفي خضم كلّ هذا لم تنسَ أن تهتمّ بمظهرها وجمالها، ولكنها كعادتها تُغالي في كلّ شيء في حبها في اهتمامها في عاطفتها.. غالت في إظهار جمالها عبر التجميل، فبات الجمال السوري الطبيعي في خطر الانقراض الوشيك، رفقاً عزيزتي.. في يومِ عيدكِ وكلّ الأيام.. رفقاً بالرجال وقلوبهم من عمليات النحت والنفخ وحقن الدهون وتغيير ما خلقه الله لتتشبهي بفنانة وعلتانة، وتُرضي الذوق العام الذي فُرض علينا عبر صُنّاع المحتوى الهابط.

في يوم عيدك وفي كلّ الأيام أتمنى أن تكوني مع الرجل بخير، ولك عزيزي الرجل أقول: أنا لستُ نصفك أنا مرآتك، أنا كلك، فكن ما تُحبُّ أن أكونه أنا.

موطن زنوبيا

تكاد الفنانة التشكيلية رنا مجارسة تجزم بأن تجربتها في الحقل الإبداعي والأدبي لا تختلف عن تجربة الكثير من النساء اللواتي خضن غمار هذا المعترك بحلوه ومرّه، نحن نتشارك الصعود فكرياً كجزء من النخبة المثقفة مع كلّ ما يعترضنا من معوقات تختلف باختلاف تصنيفها. ولعلّ أيامنا هذه جعلت الظروف متكافئة بين الرجل والمرأة في خضم أي عمل أو مجال، ففي الوقت الذي تعاني فيه المرأة المبدعة والعاملة من ضيق الوقت وكثرة المسؤوليات التربوية والعملية الملقاة على عاتقها، نجد الكثير من الرجال الفاعلين في الحقل الثقافي يكابدون عناء تأمين لقمة العيش بجهود مضاعفة كلما أرخت الأزمة بثقلها معيشياً واقتصادياً على حياتنا.

لذا وعلى الرغم من امتناني وشكري لكل نجاح حققته ووصلت إليه في المجال الأدبي والإبداعي، إلا أنني لا أستطيع إلا أن ألقي الضوء على ما نحتاجه فعلاً، فنحن بحاجة إلى المزيد من الحيادية والابتعاد عن التحيز الإيجابي منه والسلبي على حدّ سواء، نحتاج لتقييم حقيقي لما نقدمه ثقافياً وإبداعياً بعيداً عن المحاباة لأسباب سطحية ومرضية من جهة، وبعيداً عن التقليل والتهميش لنفس الأسباب بطعم مختلف من جهة أخرى.

موطن زنوبيا لا زال فيه الكثير من المبدعات ممن لم يكتشفن بعد.

الحاضرة في القصائد

إذا كان العالم يحتفي بالمرأة يوماً في العام فهي تحتفي به كلّ يوم وكل لحظة.. إذ أن وجودها في الخليقة احتفاء بحد ذاته، لا استمرارية دون الأنثى التي تضع الكون مولوداً في سرير الحياة وتستحيل عطاءً بلا حدود ليكون كما هو عليه اليوم، بهذه الكلمات عبّرت الشاعرة ومدربة المسرح صبا بعاج عن عيد المرأة وتابعت:

بالنسبة لي، المرأة حاضرة في غالبية قصائدي، لأن كل ماهو مؤنث يهب القصيدة خصوبة عالية لتصل إلى قمة الدهشة والإبداع الشعري، حتى أن القصيدة ذاتها أنثى.

موسيقا النص تختلف كلياً عندما تتراقص الأنثى بين السطور مهما كان النفس الشعري للقصيدة، فالمرأة مهما كانت صفتها: “أم، زوجة، أخت، جدة، صديقة، حبيبة، طفلة…”، ومهما كانت مهنتها: “معلمة، طبيبة، وزيرة، فنانة، شاعرة، صحفية…” فإنها تملأ الكأس الشعري حتى الثمالة لينضح ضوءاً لا يشبه سواها، سواء كانت مناضلة أو مغلوباً على أمرها، جبارة أو معنفة، غانيةً أو داعية تظل المرأة مادةً شعرية دسمة جداً، وأظل أفندها في قصائدي وأحتفي بها ما حييت.

لذلك فقد كانت سعادتي كبيرة عندما تمّ اختياري للتكريم العام الفائت من قبل جمعية جذور ضمن ثماني شخصيات نسائية مميزة على مستوى سورية حملت كل واحدة منهن رسالة وهدفاً ونجاحاً رغم الصعوبات الكبيرة التي واجهتها.

كم أثرت بي لحظة التكريم من قبل وزيرة الثقافة السيدة لبانة مشوح، لأنه كان في يوم المرأة العالمي ولأن الاختيار كان من بين عدد كبير من النساء البارزات في المجتمع.

كل عام والمرأة هي محور هذا الكون وأساس بناء المجتمع والدفء في هذا الزمن القارس.

ابتسم أيها العالم.. إن لجسدك قلباً.

وقفة تأمل

إن المرأة مزيج من قوة الأرض وسخاء السماء، وهي كما وصفها الشاعر اللبناني مارون أبو شقرا حين قال: “المرأة أمٌّ ووطن وربيع وعطر وحبيبة، هي الكائن الأرقّ والأرقى والأكثر تحملاً وصبراً، هي الراحة يوم الدنيا تعب والفرح في زمن الأحزان”، إلى قوله “تجسد الجمال فكانت المرأة”، وهذا دليل على القوة الفريدة التي تمتلكها المرأة.

وبدورها قالت مدرّبة المسرح والصحفية مها داوود: هذا اليوم هو وقفة للتأمل والتفكير والتقدير للإنجازات الكبيرة التي حققتها ومازالت تحققها المرأة التي شغلت حيزاً كبيراً في مختلف المجالات، ومنها الدور البارز الذي حققته في فنون الثقافة والأدب، وعن دوري في المجال الثقافي، فلديّ تجارب متنوعة بين كتابة الشعر والقصة والمسرحية والمقال الصحفي. وهنا أحبّ أن أقف على جانب المسرح منها، والذي يحتل مساحة كبيرة من اهتماماتي وشغفي، خصوصاً ذلك الموجه للطفل، فأحببت دمجه في المجال التعليمي والتوعوي والتثقيفي والترفيهي والتربوي وغيره وبأشكال متعددة منها مسرح الدمى وخيال الظل.

تخرجت من ورشة مسرح خيال الظل في برنامج التراث الحي عن طريق الأمانة السورية للتنمية مع فريق ضم مجموعة من المخايلين والمخايلات، ومارست عملي كمقدمة عروض خيال الظل (مخايلة) وهو مالم يكن مألوفاً سابقاً، حيث كان محصوراً بالمخايلين فقط، ومن خلال هذا الفن خاطبت مختلف الفئات العمرية ومنها المرأة بنصوص تحكي عن تعليم المرأة وعملها واستقلاليتها وقوتها في مواجهة التحديات، حيث لا يعيقها الخوض في أي عمل كان.

القوى الناعمة

لا تعرف الإعلامية وكاتبة القصص لمى بدران لماذا يخصّصون يوماً واحداً فقط كعيد للمرأة، وتضيف: أعتقد أن نساءنا الشرقيات على وجه الخصوص لهنّ جدارة أن يكون كل يوم هو عيدهن.

يصادف قدوم عيد المرأة العالمي في خضم تداعيات كارثة طبيعية زلزلت قلوبنا وأثبتت مجدّداً أن المرأة السورية التي قاست كما لم تقاسِ أي امرأة على وجه الأرض هي امرأة حقيقية من الطراز الرفيع، عصيّة على الاستسلام وجيش من جيوش الزمان، لذلك شاهدنا المرأة التي نُكبِت حَمَدت وصبرت والتي لم تُنكَبْ كانت ساعداً جبّاراً يعمل وينهض ويواسي. ولو توجّهت نحو القوى الناعمة الشبابية الفعّالة لوجدت شابات بلادي في المقدّمة دائماً، لذلك أقول في هذا اليوم كلّ عام ونساء العالم بجمال وقوة وتألق وتميّز وخير، وكل عام ونساء العالم العربي بسعادة وحب وعطاء، وكل عام ونساء سورية التي أفخر بهن وأعتزّ بعزّة أنفسهن وقوة شكيمتهن وجمال أرواحهن بألف ألف خير.

وأيضاً كل عام وفتيات بلدي الصغيرات البريئات بأمان وسلام، وأتمنى في هذه المناسبة من كل أنثى على وجه الخليقة ألا تطغى بشيء أبداً سوى بأنوثتها لأن المرأة صاحبة الأنوثة العالية هي صاحبة الحب والصدق والعطاء والتضحية والخير وكل القيم التي تبني علاقات ومجتمعات سليمة ناصعة تخلو من إرهاصات التدنيس لصورتها الجميلة.

المرأة الطموحة

تبلغ تجربة منال اللحام –طالبة الأدب الانكليزي- ثلاث سنوات من المحاولة المركزة في الكتابة الإبداعية والأكاديمية، وقد أخذت طابعاً مميزاً من روتينها اليومي، خاصةً وأنها مازلت في رحلة الدراسة الجامعية، وحسب رأيها فإن الكتابة للمرء هي كالطعام والشراب، حاجةٌ يومية وتفريغٌ مكثف للمشاعر.

وعن المرأة وعيدها قالت: إن المرأة الفاعلة في الصنف الثقافي هي كيانٌ واعٍ وقادر على إضفاء لمسة جمالية إلى المجتمع، ومن تجربتي الشخصية فقد تطورت الحوارات الداخلية والخارجية اليومية، وأصبح لعناصر الطبيعة أثرٌ على الحياة والواقع والتعاملات الإنسانية أيضاً.

ففي يوم المرأة، أهنئ المرأة الطموحة والعاملة في مختلف المجالات والمُحبّة للتطور ضمن صعوبات الحياة في هذا العصر.