دراساتصحيفة البعث

آذار ومطالع الحلم

بقلم : د. صابر فلحوط

كانوا أضمونة من الرماح، كإرعادة القدر، عقدوا الخناصر، والعزائم، وتواصوا بالصبر والصمت والإيمان، وتماهوا بآمال الأمة وآلامها، فكانت ثورة الثامن من آذار التي نعيش ذكراها على الدوام، صموداً في وجه العواصف، وهتافاً للوحدة في كل بيت وقلب ووجدان.

ولعله من حق الجيل الذي أسهمK ولو بذرة رمل في بناء الثورة الأشمخ والأرسخ، أو بكلمة طيبة في سفرها الطافح بالقيم والشيم، والمعاني والمكارم والأمجاد، أن يشكر القدر الذي احتضنه، ورعاه وحصنه وحماه، من الانزلاق على الصراط، صوب المغريات التي تذل النفوس، وتحني الرؤوس، وتزل الأقدام، خلال العقود المنصرمة من عمر الثورة.

لم تدلف ثورة آذار للناس نظرية من كتاب مطبوع، بل تعايشت مع الجماهير، وتماهت فيها، وسكنت أكواخها المعتمة وأوديتها القاحلة، وتلمست مصاعبها، ومصائبها وأوجاعها فأبدعت نظريتها غير المستنسخة أو المنقولة عبر التجربة والتعايش الواقعي والتمازج النضالي بين القيادة في ذروة الهرم حيث تبدو الصورة من جميع جوانبها، والقاعدة التي تشيل هذا الهرم، وتشكل حصانته ومسيرته واستمرار خلوده.

لقد أدركت ثورة آذار أن للأمة العربية رسالة تصالحت عليها المؤامرات والغزوات، وأنهكها عثار الدروب، ومفاجآتها حيث أناخت فوق صدرها جبال الفرقة والتخلف والعدوان الذي أفقدها حضورها، وقزم حضارتها فكان لا بد من الصحوة العتيدة فجاء البعث العربي الاشتراكي حصيلة آمال الأمة وطموحاتها، وكانت ثورة آذار الترجمة العملية، والواقية، التي صهرت توجهات الجماهير وصبتها في قالبها الوحدوي المؤهل لاستعادة رسالة البعث الخالدة وإيقاظ الأمة من سباتها الطويل. وقد وجدت ثورة آذار في فارسها، وحارسها، الزعيم الخالد حافظ الأسد كلمة سرها المنشودة حيث انطلقت على جناحي التصحيح المجيد تعزز القلعة الداخلية بالجبهة الوطنية التقدمية، وأحزابها المؤتلفة لبناء الوطن، وتحقيق آماله الوحدوية، وبالمنظمات الشعبية والنقابية التي تشكل درع هيئات المجتمع المدني الذي كان أسطع عناوين ثورة آذار، وتصحيح مسارها الرشيد.

وإذا كانت الثورة قد حققت من الانجازات ما تتحدث عن نفسها في كل جامعة وحقل، وميدان، وحسبنا حرب تشرين التحريرية أمجد أيام العرب في القرن العشرين، فإن مسيرة أحلام – آذار – ما زالت طويلة، ودروبها تحف بها الأشواك والعقارب والأهوال أكثر مما ترف حولها جوانح الورد والرياحين.

غير أن ثقة الجماهير بثورتها تتنامى، وتتعاظم بقيادة الأمين العام للحزب الرئيس القائد بشار الأسد، بحجم ما تحقق من الصمود الجسور في وجه العواصف الهادرة من خلف البحار وداخل الديار. وقد تجلى إبان الحرب الكونية التي تصدى لها شعب أسطوري الصمود، وجيش أصبح مدرسة في التضحيات من اجل الوطن، وقائد هو الضرورة القومية للانتصار، لتحقيق أهداف الأمة والوطن في دحر الإرهاب الكوني، وتحقيق رسالة الأمة العربية الخالدة.