ثقافة

قرار محبط جداً!

لم يتوقع توني شقرا موزع الأفلام الأمريكية في لبنان أن تسحب السلطات الأمنية فيلم “المرأة الخارقة” من دور السينما، وتمنع عرضه على الأراضي اللبنانية لأن بطلته ممثلة إسرائيلية!
لم يتوقع قرار المنع لأنه سبق لتوني شقرا وأن “أجهز” على قرار منع فيلم “باتمان ضد سوبرمان” بطلته الممثلة نفسها “غال غادوت”، واستفاد من الحملة الإعلانية ضد الفيلم ليحصد آلاف المشاهدين الذين سمعوا باسم هذه الممثلة للمرة الأولى!
ولا نستغرب أن يكون موزع الفيلم وراء الحملة الإعلامية ضد فيلم (امرأة خارقة) ليجذب أكبر عدد من اللبنانيين لصالات السينما لمشاهدته ولو من باب الفضول!
ولعل دخول بعض الفضائيات اللبنانية على خط الحملة هو الذي أرغم السلطات اللبنانية على منع فيلم “امرأة خارقة” على عكس فيلم سوبرمان!
ويبدو أن توني شقرا فوجئ بقرار المنع لأنه لم يتوقعه بسبب مايتمتع به من نفوذ لدى أصحاب القرار فوصفه بوقاحة: (قرار منع فيلم امرأة خارقة محبط جدا)!
وبرر استيراد الفيلم وعرضه في لبنان بأنه لايقدم شيئا لإسرائيل!
ومن الطبيعي أن يشعر توني شقرا بالغضب والإحباط فهو معجب ببطلة الفيلم بدليل يكاد يكون متخصصا باستيراد جميع أفلامها خلال السنوات الماضية!
لاشك أن رواد السينما لم يسمعوا من قبل بالممثلة غال غادوت لولا الحملة الإعلامية الأخيرة وقرار منع فيلمها الجديد (امرأة خارقة).. فمن هي هذه الممثلة التي حولتها هوليوود إلى نجمة (خارقة) في عام 2017؟
غال غادوت هي ملكة جمال إسرائيل عام 2004 وقبلها عارضة أزياء ، خدمت في الجيش الإسرائيلي قبل أن تتفرغ للتمثيل!
الملفت أن غادوت ظهرت في أفلام لكبار النجوم الأمريكيين: توم كروز وكيفن كوستنر وكيت وينسلت وكاميرون دياز وبن أفليك وفان ديفيز.. الخ!
والملفت أكثر أن الأفلام التي شاركت فيها دخلت (البوكس موفيز) ونالت أعلى نسبة حضور في صالات العرض العالمية مايثير التساؤلات حول الجهة التي دفعت بها لتحولها إلى سوبر ستار خلال سنوات قليلة!
كانت انطلاقتها مع الفيلم الأول لسلسلة أفلام (فاست اند فيورز) عام 2009، وظهرت في أربعة أفلام من هذه السلسلة، وفي عام 2016 ظهرت في أربعة أفلام أي بمعدل فيلم كل ثلاثة أشهر، وهي محجوزة لصالح عدة أفلام حتى عام 2019، والحبل على الجرار!
ترى لماذا هذا الاهتمام الهوليودي بممثلة لم تتميز بأي دور لافت ولا بأي قدرة تمثيلية!
نعرف جميعا أن من يملك ويدير شركات الإنتاج السينمائي في هوليوود هم يهود أو صهاينة ، وغالبا الاثنان معا! لذا ليس مستغربا أن تتمكن هوليوود بتلميع أي ممثل مغمور وتدفع به إلى قمة النجومية، فكيف إذا كان إسرائيليا أو داعما للصهيونية وناشرا لأفكارها كما فعلت مع غال غادوت؟
ومهما قيل في قرار المنع.. فإننا أمام فيلم تافه جدا لايقارن بأفلام تتلاعب بعقول المشاهدين وتغرز فيها بأن اليهود قوم تعرضوا للقهر والإبادة على مر التاريخ وخاصة أيام النازية!
مثل هذه الأفلام خطيرة جدا وهي التي يجب أن تنظم الحملات لمنعها كالأفلام التي تتحدث عن المحرقة.. هذه الخرافة التي دحضها مؤرخون كثر أمريكيون وأوروبيون كروجيه غارودي!
آخر هذه الأفلام عرض العام الماضي وهو (النكران) الذي كرس لتشويه وشيطنة المؤرخ البريطاني المشهور ديفيد ايرفينغ لأنه أنكر حدوث (الهولوكوست)!
لم يستطع الصهاينة تحمل رأي إيرفنغ: (إن معظم من ماتوا في معسكرات الاعتقال النازية لم تتم إبادتهم وإنما ماتوا بسبب أمراض مختلفة مثل التيفوئيد..الخ).
غضب الصهاينة من هذا الرأي الذي كرره إيرفنغ في مناسبات كثيرة وفي المقالات والكتب التي نشرها والمحاضرات التي ألقاها، فاستنفر اللوبي الصهيوني عبر وسائل الإعلام التي يسيطر عليها، واستطاع أن ينتزع حكما قضائيا في فيينا بسجنه عام 2006، ومنعه من السفر لعدد كبير من الدول التي تخضع للنفوذ الصهيوني!
ولم تكتف الصهيونية بما اتخذته عدة دول بحق إيرفنغ والتشهير به وبسيرته العلمية واتهامه بمناصرة هتلر على مدى عدة سنوات، فأنتجت العام الماضي فيلم (النكران) لتشويه سمعته ومسيرته العلمية أكثر فأكثر!
لقد عرض هذا الفيلم في معظم الدول العربية دون أن تنظم أي حملة إعلامية لمنعه، ولم يتصد النقاد لمنتجيه ومروجيه ومسوقيه في صالات العرض السينمائية كما يفعلون غالبا مع الأفلام السطحية والتافهة!
وإذا كان لبنان منع فيلم (امرأة خارقة) فإن غالبية الدول العربية ستسارع بعرض الفيلم، بل إن محطات التلفزة السعودية المتخصصة بعرض كل ماهو صهيوني لن تتأخر كثيرا بعرضه على شاشاتها حصريا، كما فعلت وتفعل مع جميع الأفلام التي تتحدث عن محرقة اليهود.. المزعومة!
وإذا كان موزع الأفلام الهابطة رأى أن منع عرض فيلم (امرأة خارقة) محبط جدا.. فبماذا نصف قرارات السماح بعروض الأفلام الهوليودية التي تنتهك عروض مئات ملايين المشاهدين عبر العالم على مدار العام!

علي عبود