مجرد تسجيل حضور…
لوردا فوزي
تكثر الأنشطة الثقافية بين الآونة والأخرى، من أجل إغناء المشهد الثقافي وتحقيق تواجد وتسجيل حضور على الساحة، لأن غياب الأنشطة- بغض النظر عن طبيعتها- هو دليل على خمول يصيب الحركة الثقافية، من هنا تحرص المؤسسات والجهات الثقافية على الاستمرار في إقامة تلك الفعاليات في مختلف المجالات لتحمي نفسها من أصابع الاتهام التي قد تلصق بها صفة التقصير والغياب، وقد اعتاد روادها على التوافد إليها لتلقف كم هائل من المعلومات النظرية عن الموضوع المطروح، والذي يتم فرده للفحص والتمحيص، وبعد المناقشات من جميع الأطراف الحاضرة- وبالرغم من غياب بعضها المعني بها جداً- يتم التوصل إلى مجموعة من التوصيات في خصوص ذاك الشأن، وتخرج لنا تلك الندوة أو ذاك المؤتمر بــ” ورقة عمل” يتم توزيعها على من حضر من إعلاميين ومثقفين ومسؤولين. ولكن للأسف تبقى تلك الورقة في مهب الريح، مجرد حبر بلا معنى حقيقي أو ترجمة واقعية، بل تطوى وتنسى في الأدراج، محطمة كل الآمال المعقودة وكل الجهود المبذولة لإخراجها إلى النور، مع العلم أنه لو تم تطبيقها لكان الواقع الثقافي أفضل بكثير، ولكن القائمين على هذه الأنشطة والفعاليات يكتفون بالطروحات النظرية والتغطيات الإعلامية لها والتي غالباً ما تكون كفيلة بتحقيق ما أراده القائمون عليها بغض النظر عن النتيجة الفعلية، ومع (الطنة والرنة) التي تأخذها بعض المؤتمرات التي يمكن وصفها بالضخمة نوعاً ما، بالإضافة إلى حضور عدد من الشخصيات البارزة السورية والعربية، ناهيك عن الأعباء المادية الباهظة في التسويق والتنفيذ والرعاية وإلى ما هناك من تداعيات إقامتها، إلا أنها تبقى مجرد مؤتمرات لا أكثر نرى أقوالها وتغيب أفعالها، لتغدو دليلاً آخر لا يمكن تجاهله عن حال تلك الأنشطة التي من المفترض أن تكون فاعلة في الوسط الثقافي وليس مجرد خطاب وتنظير، تقفل أبوابها وأمانيها ومخططاتها بمجرد انتهاء آخر يوم من أيام الفعالية بينما نبقى نحن على قيد الانتظار.
فما جدوى إضاعة كل هذا الوقت والجهد والتكاليف على كلام يمحوه النهار ويدعو بعض سامعيه إلى الملل من التكرار وأخذ “غفوة ” في القاعة؟ ولماذا الإدعاء بتقديم مخططات لم تكن يوماً معدة للتنفيذ؟.
في الحقيقة ما نتمناه هو أن نتابع في يوم ما -نرجو أن يكون قريباً-، نشاطاً حقيقياً يناقش ما تم تنفيذه على أرض الواقع ولا ينشغل فقط بما يجب أن يكون.