ثقافة

العجيلي.. رجل موسوعي وعلم من أعلام الشرق

عبد السلام العجيلي.. الرجل الشامل الذي لن يتكرر.. هو الطبيب والأديب والقاص والدبلوماسي والمقاوم، ورجل الحقائب الوزارية، حملت الندوة الثقافية التي أقيمت أمس في دار الأسد للثقافة والفنون عنوان “عبد السلام العجيلي الوطني المنتمي”.
وتحدث الرفيق الدكتور مهدي دخل الله عضو القيادة  القطرية-رئيس مكتب الثقافة والإعداد والإعلام قائلاً: ليس لدي هذه التجربة مع العجيلي ولكنني عندما كنت وزيراً  للإعلام زرته في بيته وقد أبدى سعادته حينها بأن يزوره وزير الإعلام، لافتاً إلى أن العجيلي علم من أعلام الشرق وستفخر به سورية طويلاً، وهو رجل موسوعي في الطب والأدب والسياسة والدبلوماسية ومثله لا يأتي على الدوام، مؤكداً أن سورية عظيمة والشعب السوري عظيم لدرجة أنه في أتون حرب ظالمة لا ننسى الثقافة، ولا نكتفي بالحديث عن الحاجات الأساسية ولكننا نجد وقتاً للحديث عن الثقافة، مبيناً أهميتها  كناقل للتاريخ فهي من تبقى أما الحروب فتزول.

أيقونة عربية
من جانبه صرح معاون وزير الثقافة توفيق الإمام  بأن العجيلي هو أحد أهم الشخصيات التي كتبت القصة والرواية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، وأهم أعماله هي (بنت الساحرة ) والتي ترجمت للعديد من اللغات، كما أنه كان نائباً في البرلمان السوري وتبوأ العديد من الوزارات، وكان طبيباً بشرياً يداوي بالمجان، كما شارك في عام 1948 في حرب الإنقاذ في فلسطين عندما كان يؤدي الخدمة الإلزامية  كضابط في الجيش السوري، معتبراً إياه أيقونة الرقة وسورية بل أيقونة العالم العربي.

حلب في رواياته
وركز د. نضال الصالح  رئيس اتحاد الكتاب العرب في مداخلته على (حلب في منجز العجيلي الروائي) قائلاً: على الرغم من علاقتي الشخصية بالعجيلي إلا أنني سأتحدث اليوم عن حلب في منجزه  الروائي، ومع أنه ابن الرقة والفرات وشغفه  وولعه بها كبير إلا أنه لم يكتب عنها سوى عمل روائي واحد، ومن ثم قبل رحيله في  روايته (المغمورون)، ثم تساءل الصالح لماذا احتفل العجيلي بحلب في مجمل منجزه الروائي ابتداءً من (باسمة بين الدموع) ومروراً بـ (ألوان الحب الثلاثة) و(قلوب على الأسلاك) و(أزاهير تشرين المدماة ) و(المغمورون) فحلب  كانت حاضرة في كل هذه الروايات وكذلك في روايته (أرض السياد) وفي آخر عمل روائي له، فلماذا حلب؟ ثم يجيب الصالح: لابد أن نتبصر سيرته الشخصية ونكتشف أنه كان مولعاً بحلب، حتى أن أولى قصائده كانت تغنياً بفتاة حلبية يبدو أنه أغرم بها مما سيترك أثراً في كتاباته الروائية، مبيناً أن مجمل أبطال العجيلي باستثناءات قليلة سواء الشخصيات المركزية أو الثانوية هي شخصيات حلبية، ناهيك عن أن حلب تتجلى في عالمه الروائي بشكل لم يلتفت له حتى أبناء وأدباء حلب، وكأنه يعرفها أكثر من بعض  سكانها، كما أنه كان ملماً بفضائها الاجتماعي بمعنى أنه مطلع على طقوس وعادات وأعراف أهل حلب حتى يخيل إليك أنه حلبي، لافتاً إلى أن حلب بالنسبة للعجيلي ليست فضاء جغرافياً حاضناً للشخصيات والأحداث، بل فضاء دلالي بامتياز كما أنه لم يقدمها على نحو كريستالي بل قدمها بشكل واقعي.
“الفلسطيني”
من جانبه تحدث د.حسن حميد عن (العجيلي الفلسطيني) معتبراً إياه مؤسس مدونة السرد المقاوم، فليس صحيحاً أن كتّاب السرد الفلسطيني هم من أسس تلك المدونة، وإنما مؤسسها هو العجيلي الذي كتب قصصاً لو قيض للمرء أن يعصرها لسال منها دماء ومواجع كثيرة، كما أنه لم يكن أدباء الفن القصصي الفلسطيني هم من أسس الأدب القصصي المقاوم أو هم من افتتحوا الدروب باتجاه أدب المقاومة بل كان الرائد لهذا النوع من القصص هو العجيلي، وما كان هذا ليبدو لولا مشاركته في حرب فلسطين وفي جيش الإنقاذ، مضيفاً: إن العجيلي كان كثير الاختلاط مع الناس للتعرف عليهم وعلى شعورهم، وقد كتب أراء وانطباعات في غاية الأهمية باح بها رجال ونساء وشبان، وقد صرح بأنه لم يفوت لحظة في التفكير بأن يكتب يومياته وهو يعيش في مدينة الجليل، وبيّن حميد أن  قصص العجيلي هي قصص المعاينة والمعاناة وقصص الأخبار والأحزان والحسرات، وجمال الطبيعة في سردياته القصصية جمال خرافي لافت، وكتاباته (الجليلية) جليلة وجميلة ورائدة، قائلاً  ياللعجيلي كم أحب فلسطين والجليل.

أوراق العجيلي
وتناولت د.منيرة فاعور في مداخلتها (العجيلي السياسي والدبلوماسي) موضحة أن الاختيار وقع على العجيلي سياسياً ودبلوماسياً رغم تنوع إبداعاته، لأنني أحببت أن أتناول موضوعاً بحاجة للإضاءة، ولأن الكثير لم يسمع بتاريخ سورية إلا من خلال باب الحارة، مبينة أنه هناك عدة عوامل جعلت منه شخصية سياسية رائدة وهو شغفه بالقراءة ومعايشته للأحداث التي كانت تدور في سورية وصداها يصل إلى بلدته، ثم تطرقت إلى أول عمل سياسي له، ولم تغفل التركيز على وصوله إلى البرلمان وموضوع سورية  الكبرى وآراءه حول الوحدة بين سورية ومصر حيث كان حذراً ومتوجساً من عواقب التعجيل بها وقد صدق حدسه، كما تحدثت عنه باعتباره رجل الحقائب الوزارية، حيث تمت تسميته وزيراً للثقافة ورشح لوزارة الخارجية وقسم وقته بينها وبين الثقافة، مبينة أن العجيلي سياسي رفيع، كان له علاقات مع سياسيين وشعراء وأدباء كبدوي الجبل ونزار قباني، منوهة إلى أن عمله في وزارة الإعلام كان من أصعب الأعمال عليه بسبب حساسية المنصب. وختمت بالقول: إن هذه بعض أوراق العجيلي الكاتب الطبيب الذي لا يرضيه أن يشبه غيره.
أدار الندوة د.إسماعيل مروة وحضرها معاونا وزير الثقافة وأعضاء السلك الدبلوماسي وأعضاء مجلس الشعب، وحشد من المهتمين.
لوردا فوزي