ثقافة

راما حنا.. من الهندسة إلى التراتيل السريانية

تربت على الترتيل وخاصة باللغة السريانية السامية، فهي من أسرة سورية سريانية نهلت من أصالة الحضارة السورية –التي كان لها وقع خاص في نفسها-، فانفردت في أداء الترتيل، وبما أن الموهبة تؤهل الفرد للإنجاز الرائع، والموهوب هو الذي يملك استعداداً فطرياً تصقله البيئة الملائمة، لم تجزم المرنمة السيريانية راما سمير حنا أنها ستستمر بموهبتها الغنائية التي عملت عليها وبدأت مشوارها منذ سن الخامسة عشرة في كنيسة السيدة العذراء في صيدنايا، وغنت أروع التراتيل السريانية.
أنهت راما حنا دراستها في الهندسة، ورغم ذلك لم تترك طموحها في الغناء يضيع،  وعن موهبتها تقول:
رغم أنني أميل إلى التحصيل العلمي دائماً، لكني لم أجزم يوماً بأنني سأستمر بموهبتي، وبعد فترة من تخرجي بدأ كل من حولي بتشجيعي على الغناء، فوجدت في  السيدة فيروز المدرسة الفنية التي انتميت لها، وقد سجلت منذ عام تقريباً قصيدة بعنوان “أمة” للشاعرة الدكتورة مرام النسر بدمشق وألحان الأستاذ بطرس بطرس، وعُرض عليّ عدة أغان سريانية ذات الطابع الغزلي، وأغان عربية فصيحة بلون الوطن -الذي أعشقه- من تمويل الكاتب الأستاذ عبد الأحد السويد وألحان الأستاذ فريد اسكندر، وتم التسجيل ميكس وتوزيع في أستوديوهات “دريمز”، ومن ثم عرض علي ديو مع الفنان عبود فؤاد باللهجة “المردلية الجزراوية”، من كلماته وألحانه ويتخلل العمل مقطع باللغة الأرمنية، فالأرمن هم جزء لا يتجزأ من سورية وخاصة في القامشلي وحلب، وأود أن ألقي الضوء على اللهجة الماردلية التي تعود أصولها إلى قرية اسمها ماردين في تركيا، ومنذ آلاف السنين وأثناء الحروب الطاحنة آنذاك تم نزوح أهل ماردين وآزخ على شكل قبائل فمنهم ذهبوا إلى العراق ومنهم جاؤوا إلى سورية، تحديداً إلى منطقة الجزيرة السورية وتمركزوا هناك، فالغالبية من أهل الحسكة يتكلمون الماردلية وأهل القامشلي والمالكية يتكلمون السريانية الأرمنية الكلدانية، وبهذا تكون قد تشكلت هذه الفسيفساء السورية المكونة من جميع الأطياف التي تفتقر لها أغلب بلدان العالم، وأود أن أنوه أن سفير الأغنية الماردلية والسريانية هو جان كارات -رحمه الله-، ورغم أن أصولي جزراوية إلا أنني ولدت وترعرت بين أهلي في صيدنايا بريف دمشق.
عرفت راما بصوتها الملائكي والحنون، وحاولت جاهدة المحافظة على ألفاظ اللغة السريانية، فهي الفتاة التي قدّست هذه اللغة، وعن الترتيل بالسرياني تقول:
شربت من أصالة هذه الحضارة السورية وكان لها وقع خاص في نفسي وشعرت بالانتماء لها فأصبحت تلازمني، ألحانها تبعث في روحي الراحة والسكينة، ومن هنا أود أن ألقي الضوء على الموسيقى المتداولة حالياً وهي سريانية الأصل نظّم أبياتها “مار أفرام” السرياني، وعبر مراحل تاريخية أدت إلى نشوء المقامات الموسيقية الحالية.
وعن أعمالها المنتظرة تقول صاحبة الصوت الجميل: أحضر لعدة أعمال وريستالات دينية بالتنسيق مع البطركية السريانية برعاية البطريرك مار أفرام كريم الثاني. وفي الآونة الأخيرة بدأت التفكير بطريقة ما توصلني إلى الفن الذي أطمح إليه ولم أجد إلا أن أتقدم لبرنامج من برامج الهواة، الذي ربما أحقق عبره شيئاً من طموحي الفني، ولأعكس صورة راقية كما هو معتاد عن بلدي الغالي سورية، وأنا بطبعي أميل أيضاً لأعمال باللهجة العامية الدارجة وأطمح للوصول لأماكن عديدة ذات قيمة ورقي مثل دار الأوبرا بدمشق. وتضيف حنا: ما نحتاجه جميعاً في بلدنا الحبيب وجود شركات إنتاج تتبنى وترعى المواهب، حتى لا يضطر الفنان للسفر إلى الخارج ليلقى الدعم هناك، ويُنتج له العديد من الأغاني، في الوقت الذي يكون بلده أولى بموهبته ولا يقع رهينة الاحتكار الفني.
جمان بركات