ثقافة

حين يتحول المجرم إلى بطل

وضعت شركة تنسنت الصينية لصناعة الألعاب الالكترونية حدودا قصوى لساعات استخدام الأطفال ألعابها الشهيرة على الانترنت، وحددت ساعات اللعب بناء على عمر المستخدم بهدف تبديد مخاوف الآباء التي تتعلق بإنفاق الوقت والمال على استخدام اللعبة الأشهر– ملك المجد – والتي تلقى رواجا كبيرا من المستخدمين الذين يصل عددهم إلى خمسين مليون مستخدم في اليوم، وهذه اللعبة تحمّل على الهواتف المحمولة، وسيسمح للاعب الذي يقل عمره عن 12 عاما بالدخول إلى موقع اللعبة لساعة واحدة يوميا، أما الأولاد الأكبر سنا فسيسمح لهم بساعتين، وقد وصفت الشركة هذه الإجراءات بأنها الأشد صرامة في مجال صناعة ألعاب الانترنت.
كانت أفلام الكرتون في الماضي تجذب الصغار والكبار، وبعضها نال شهرة كبيرة على مستوى العالم مثل توم وجيري والنمر الوردي وشرشبيل وسوبرمان والرجل القاهر، وريمي الذي يبحث عن أمه وهو المسلسل الذي أبكى الملايين.
اليوم  الألعاب الالكترونية هي التي تستهوي الأطفال وتستحوذ عليهم، سواء كانت محملة على أجهزة الهواتف الذكية، أو الموجودة في صالات الألعاب ومعظمها يحمل أفكارا تشجع على العنف، أما الأفلام المنتجة حديثا للأطفال فهي لا تختلف كثيرا في المضمون الذي يروج للعنف والقتل، وشخصياتها عدائية وتفتقر للحد الأدنى من الإنسانية، وفيها يتحول المجرم إلى بطل، وهذه الألعاب تغزو عقول الأطفال، ولأن حجم العنف الذي تحمله كبير جدا فإنه ينعكس على نفسية الأطفال ويحولهم إلى أطفال عنيفين، إضافة إلى أن الأمثلة التي تقدمها هذه الألعاب غير سوية، فالبطل فيها  قاتل أو سارق أو مخرب، وخطورتها تكمن في أن الطفل يخلط بين الواقع والخيال.
إذاً، ما الذي يمكن فعله لحماية الأطفال من التأثر بالأبطال العنيفين سواء كانوا في الألعاب الالكترونية أو أفلام الكرتون؟
يجب أن نعترف أن معظم ما يعرض على الشاشات يحمل مضامين عنيفة، سواء كان موجهاً للأطفال أو الكبار: الأفلام، المسلسلات، البرامج، الأخبار، وربما كان الحل الوحيد بالنسبة للأطفال هو إشغالهم بأنشطة وهوايات ورياضات تبعدهم عن التسمر أمام شاشات التلفزيون، أو الهواتف المحمولة أو الكومبيوتر، لكن المشكلة أن الأهل لا يستطيعون التفرغ لهذا الموضوع، إضافة إلى أنهم لا يملكون غالبا القدرة المالية لإلحاق أطفالهم بالأنشطة الواقعية،  مثل النوادي الرياضية ودورات تعليم الموسيقى والرسم وغيرها من الهوايات، فيختارون الحل الأسهل والأقل تكلفة، وهو ترك أطفالهم أمام شاشة التلفزيون أو إعطائهم الهواتف المحمولة لممارسة الألعاب الالكترونية، أو حتى تصفح الصفحات التي يريدون بغض النظر عن خطورتها.
إذن ما الذي يمكن أن نفعله لأطفالنا الذين يحاصرهم العنف والقتل للخروج من هذه الدائرة؟
ضمن الممكن والواقعي يمكن الدعوة إلى نوع من التعاون بين الأسرة والجهات التي يمكن أن تستقطب الأطفال، مثل النوادي الرياضية التي يمكنها تدريب الأطفال على الألعاب الشعبية مثل كرة القدم والسلة والسباحة، وكذلك المراكز الثقافية بما تملكه من أمكنة وخبرات متنوعة، وقد يكون هناك جهات أخرى، وبالتعاون والنسق بين الجميع يمكن أن نقدم للأطفال برامج أكثر فائدة ومتعة من الألعاب الالكترونية.
سلمى كامل