راغدة محمود: المرأة السورية تمثل الجناح المعافى للوطن
تأخذك راغدة محمود في بحر أدبها السهل, وهي المدّرسة لمادة اللّغة العربيّة في مدارس طرطوس, والباحثة في مجال لّغة الضاد وتمكينها وتبسيطها, إضافة لاهتمامها بالمسرح والقصة والشعر التعليمي حيث تشكل تلك الفنون ثوابت لازمة لما يتفرع من هذا البحر من خلجان وجزر تستريح عليها استراحة محارب أدمن عشق اللغة، لكن دون الإغراق في تفاصيلها كي لا تقتلها رتابة المفردات على كثرتها, وهي أيضا الزوجة والأم لأطفال ثلاثة متميزين حيث تجد في هذا العالم مساحة واسعة للبوح ببعض من أدبها وشعرها .
“البعث” التقت الأديبة راغدة محمود في حوار تحدثت فيه عن تجربتها الأدبية والحياتية فقالت:
<< أبرز كتاباتي في القصة والشعر وجميع ما أبدعته يحاكي الحالة الوطنية ومحبة الوطن والذود عنه، وقد نشرت بعضها في العديد من المواقع والجرائد ومنها:
( ليس للياسمين أشواك- بوح الكماة- يد من دخانٍ- صلصالٌ ونارٌ) كما صدر حديثا للكاتبة قصة “رصاصة وضفيرة” وفي كتابها ليس للياسمين أشواك: أرادت محمود أن توصل رسالة لتلك الفتاة السورية التي تختصر كل أزهار الياسمين الدمشقي بنقائها وحبها لدمشق وتعلقها بها كعرائش الياسمين، والتي مازالت تنتظر حبيبها المقاتل في صفوف جيشنا الباسل لإنقاذها من براثن الإرهابيين والعصابات المجرمة التي صبغت بياض ياسمين سورية بالدم، ولتدلل في سردها إلى إن بعض هؤلاء ليسوا غرباء عن الحارة التي عاشت فيها طفولتها، وربما لعبوا معها في الأزقة الضيقة لبيوت دمشق القديمة -مع الإشارة لتعميم هذه القصة ومسرح احداثها على كل مدينة سورية ومنطقة وقرية وغيرها، ولكن باعوا وطنهم بثمن رخيص وتخلوا عن أخلاقهم وكرامتهم وتم شراءهم لقتل أخوانهم السوريين والتنكيل بهم، وسبي نسائهم.
كما صدر لها حديثاً كتاب “على مسرح الإعراب”, وهو كتاب تعليمي وضعته للمدرس والطالب والأهل برؤية مختلفة في طرائق تدريس اللغة العربية، ويخفف على الطالب ضغط المنهاج بتبسيطه وتحويل القواعد النحوية الجامدة إلى قصص ومسرحيات وسيرة ذاتية، فيجمع النحو مع الفنون الأدبية المختلفة وعنه تتحدث:
أقدمُ هذا الكتاب لكلِّ طالبِ علمٍ وباحثٍ في قواعدِ اللُّغة العربيّة بطريقةٍ حديثةٍ ممتعةٍ تقومُ على مزجِ الفنونِ الأدبيّة بقواعدِ الإعرابِ, وفقَ طرائقِ التّدريس الحديثةِ، من خلالِ تجربتي ومعظم مدرسي اللُّغة العربيّة، وطلابنا الأعزاء الذين ينظرونَ إلى النحو والإعرابِ كقواعد جامدةٍ وضعت في قوالبَ حجريّة منذُ عهدِ الأجدادِ، ولا يمكنُ تحديثها, ولكن بنظرةٍ جماليّةٍ مبدعةٍ يستطيعُ أيّ مدرّسٍ أن يستنطقَ هذهِ القواعد الحجريّة ويحولها إلى فنٍّ أدبي يحلو تذوقهُ ويبهجُ قارئهُ، فيجذب السامعَ ويبسّطَ المعلومةَ ويرسخُها في أذهانِ المُتلقي, وعندها تصبحُ القاعدةُ النّحويّة كالروحِ السّاكنةِ في البدن يطبقها المتلقي ويألفها أيّنما صادفها, وأردفت محمود:
لا أدعي الإلمام بقواعدِ الإعرابِ شاملةً, وهذهِ القواعد معظمها موجود في كتبِ النحو ولكن ابتكرتُ طريقتي الخاصة في إيصالِ هذهِ المعلومةِ لطلابنا والحرص الشّديد على التفوق في لغتنا العربيّة أغنى لغاتِ العالمِ، حيث أكدت من خلالِ جبروتها الفكريّ التفوقَ على كلِّ محاولات طمسها والقضاءِ على اللُّغة العربيّة الفصحى، ومن هنا كانت الرغبة بتقسيم الكتاب إلى أربعة فصول حيث يهتم الفصل الأول بمرحلة التعليم الأساسي وما يحتاجه الطالب، بالإضافة لبقية المراحل الأخرى، ويمثل الكتاب رؤية جديدة إضافة لكونه منهل معرفي لغوي.
< وعن واقع المرأة السورية وما تعرضت له من ظلم وقهر لم تتعرض له في أي مرحلة سابقة وما العمل لرفع هذا الظلم عنها تجيب محمود:
<< المرأة السورية تشبه جدتها عشتار، استطاعت أن تتغلب على المحنة بالرغم من كل الانكسارات، فهي الثكلى والأرملة واللاجئة والمشردة، وهي السبية التي تباع وتشترى في سوق النخاسين. هي الأم والأخت والزوجة التي تحولت إلى الملجأ والحضن الدافئ لهذه الأجيال. مسحت دمعتها ونفضت غبار التعب عن روحها واختارت أن تكون الجناح المعافى للوطن، فحلقت مع الرجل في كل الميادين سواء الكلمة أو الرصاصة, وظهرت الكثير من الكاتبات منهن ارتقى فكرا وعملاً ومنهن يحاولن وينتظرن الأفضل. المرحلة القادمة ستكون للمرأة السورية، فعليها يقع العبء الأكبر وخاصة كثرة الأرامل ودورهن في رعاية أطفالهن الذين هم عماد المستقبل وبراعم البلاد، وهذا يتطلب من المرأة جهدا كبيرا وتحتاج للمساعدة.
< وعن نتاجها الأدبي المستقبلي قالت راغدة:
<< في المرحلة القادمة سأتوجه لأدب الأطفال وبدأت بكتابة بعض القصص التعليمية والتربوية، وإن شاء الله أوفق بذلك، لأننا في مرحلة يجب أن تتضافر فيها كل الجهود للارتقاء بالذائقة الثقافية للإنسان السوري، ولا سيما الطفل وأهمية تأمين كل الرعاية والدعم النفسي والمعرفي، لكي نساعده على التخلص من آثار ونتائج هذه الحرب والمأساة التي تمر على سورية منذ أكثر من ست سنوات، وجعله أكثر ثقة وإيمانا بوطنه والتمسك به، وهذه مسؤولية في غاية الأهمية يتحملها الأدباء والمثقفون السوريون.
لؤي تفاحة