ثقافة

سموقان في صالة لؤي كيالي.. كسر احتكار العاصمة للتشكيل السوري

يقام حاليا معرض الفنان التشكيلي سموقان في صالة لؤي كيالي للفنون الجميلة  بدعوة من اتحاد الفنانين التشكيليين، في خطوة لتعريف جمهور العاصمة على تجارب الفنانين في بقية المحافظات، وبالتالي خلق فرصة ربما يتوفق عدد من الفنانين من خلالها في كسر احتكار العاصمة لأغلب النشاطات النوعية، وبالتالي تنشيط  دور الاتحاد وسعيه إلى ربط المركز بالفروع بشكل حقيقي، أبعد من المراسلات الورقية للاتحاد وتعاميمه المترهلة التي “أكل عليها الدهر وشرب”.

الفنان سموقان “محمد أسعد” وسموقان لقبه، تحببا بأحد الآلهة عند الفينيقيين، ومثله الفنان الراحل هيشون الذي مات عاشقا وباحثا في روحية المكان وعبق التاريخ والحضارة الفينيقية وحياة الرعي والصيد، ولا يخفى على أحد أن هذا الحب هو مصدر إلهام للعديد من فناني اللاذقية المميزين بإضافاتهم الواضحة في المشهد التشكيلي السوري، “الحفار علي مقوص والنحات بعجانو” وغيرهم من الفنانين الذين ولدوا في اللاذقية وعملوا في دمشق وعاشوا فيها.

وبالعودة إلى صحبة سموقان وهيشون، حيث مارسا فن الرسم معاً في مرسم واحد وتلمسا الفن وتعلماه وخبرا اللوحة والمنحوتة والشعر والموسيقا، فكانا متشابهين في بداية التجربة إلا أن سموقان اكتسب من رفيقه روح الاسم “هيشون” الذي يعني المكان المكتظ بالعشب والنبات الطويل والعليق الغزير بحيث لا يمكن أن يطأه أو تطاله يد إنسان، هذه الصورة المزدحمة بالعاطفة البكر متوفرة في لوحات سموقان الذي يعمل بتقنيته الخاصة والتي لا تشبه إلا ذاته العفوية الصادقة والتلقائية، مثله فهو من يبحث عن فضاء في النبات وعن خضرة موعودة في سماء تمطر زرقتها على غابة يظللها الغيم، يوزع على سطح اللوحة عدداً من الألوان والأصباغ الحارة ومن ثم يغطي السطح بطبقة من لون عاتم، ويبدأ مباشرة قبل أن يجف السطح يكشط طبقة اللون لتظهر الطبقات المخبأة تحتها, ويطلق على هذا النوع من الحفر الغرافيكي بالتيبو غراف، وتتميز هذه الطريقة بالجرأة والقدرة على توظيف وتطوير الاحتمالات الجديدة للصدفة التقنية. وبالتأمل في أعمال هذا الفنان نلحظ تنقله بين عناصر الطبيعة والزهور وأوراق النبات، إلى موضوع مختلف أكثر رصانة ويحتاج إلى بحث أكثر جدية ألا وهي الأسطورة كما يتخيلها صاحب التجربة، متمركزة في العنصر الآدمي والجسد العاري وفعل الصيد والحرب وبداية تشكل المجتمعات البشرية، بملامحها الرعوية والحياة البرية التي تغلب عليها طهارة الحياة التي يتمسك بها الفنان، كحواس تسير إلى  بداية الخلق كمثال حقيقي يواجه به الفنان أسئلة العصر المعقدة ووحشية ما أنجزته البشرية على هذه الأرض.

يستمر المعرض حتى يوم الأحد المقبل في صالة لؤي كيالي للفنون الجميلة في الرواق العربي بالعفيف.

أكسم طلاع