“أماسي” ستحضر عادل أبو شنب بشهادات أصدقائه
“حرف من ذهب” هكذا وصف الباحث حسان نشواتي الراحل عادل أبو شنب في الندوة الحوارية التي أقامتها وزارة الثقافة لتكريمه بمناسبة مرور خمس سنوات على رحيله بإدارة الناقد الإعلامي ملهم الصالح في المركز الثقافي العربي في –أبو رمانة_، وقد أحاطت الندوة بمحاور تجربة أبو شنب الإبداعية المتعددة وإسهاماته بالصحافة والإذاعة والتلفزيون وبتأسيس اتحاد كتّاب العرب، إضافة إلى نتاجه الأدبي بالرواية والقصة والدراسات، ولم تقتصر الندوة على متابعة تجربته فقط إذ كانت أشبه بالعودة إلى استحضار شريط الذكريات لبدايات الدراما السورية وللمسلسل الأكثر شهرة حارة القصر، إذ أبدع الصالح باختياره شارات ومقتطفات تلك الأعمال التي شدت انتباه الحاضرين بلقطاتها وموسيقاها وممثليها، كما حفلت باستحضار شريط الذكريات لحياة الراحل من خلال مداخلات أصدقائه وعائلته، ليبقى مقهى الروضة الذي لازمه الراحل إلى أن اشتد به المرض شاهداً على الحبّ واللقاء والإبداع.
جزء من الذاكرة
وأوضح م.علي المبيض معاون وزير الثقافة بأن الراحل أبو شنب قامة ثقافية فنية كبيرة يمثل جزءاً من الذاكرة الشعبية وجزءاً هاماً من المخزون الثقافي، وفي هذه الندوة تمت الإضاءة على جوانب لم تكن معروفة سابقاً لكثيرين وبالنسبة لي مثل الجانب الرياضي وكتاباته للزوايا الصحفية الرياضية، فهو وسواه من الأدباء منارات يضيئون درب المستقبل.
وفي بداية الندوة كرّم معاون الوزير الراحل بتسليم الدرع التكريمي لعائلته، ثم عُرض فيلم عن حياته من خلال شريط صورعن حي القيمرية الذي وُلد وعاش فيه، وعن معالم دمشق التي استقى منها ثقافته ونهل من بيئتها، ومع نغمات العود أصغى الحاضرون إلى مسيرة حياته منذ ولادته عام 1931حتى وفاته في 27أيارعام 2012.
واستهل الحديث الناقد الإعلامي ملهم الصالح عن تجربة أبو شنب الإبداعية المتعددة مركزاً على محور الطفل والدراما مع الإحاطة العامة بتجربته، متوقفاً عند بدايات كتابته للطفل عند مسرحية”الفصل الجميل” عام 1960معتقداً أنه فصل الربيع ليتبين فيما بعد بأنه فصل الشتاء، وكتب عدة مجموعات قصصية للأطفال وساهم بتأسيس مجلة سامر، وقدم شخصيات طريفة فيها مثل”القرد ميمون” كسلسلة، والمفاجأة أنه من أهم المساهمين ببرنامج”افتح يا سمسم” بأجزائه الثلاثة، وفي عام 1968كُلف بتأسيس مجلة أسامة وابتكر شخصيات عدة فاستضاف الصالح قحطان بيرقدار رئيس تحرير المجلة الذي تحدث عن إسهامات الأدباء الكبار والفنانين في إطلاقها وانتشارها في الوطن العربي مثل عادل أبو شنب ونجاة قصاب حسن وممتاز البحرة وغسان السباعي.
والفكرة الهامة التي أشار إليها بيرقدار أيضاً هي البعد القومي في مجلة أسامة بتسليط الضوء على وفاة جمال عبد الناصر وبالتأريخ العربي بتقديمها سلسلة من الأبطال مثل خالد بن الوليد.
وتحدثت الفنانة لجينة الأصيل عن علاقتها بالراحل من خلال تشجيعه لها برسم رسومات قصصه الفردية مثل جميلة بنت الحداد، وتطرقت إلى جمالية العمل معه لإبداعه بفنّ التقطيع والتترات، واصفة إياه بأنه المعلم الأول ومركزة على استقطابه الكتّاب من مصر ولبنان وأرجاء الوطن العربي.
أبو الدراما السورية
ثم تطرق الصالح إلى محور الإذاعة باستضافة المخرج فاضل وفائي فتحدث عن لقائه الأول معه ببرنامج الحروف الأولى وهو دراما تحقيقات يستقبل رسائل من المواطنين، ومن ثم عن تأليفه مئات التمثيليات الإذاعية وبرنامج ألوان الذي يلخص فيه المشهد الثقافي الأسبوعي. وفي منحى الدراما استضاف الصالح الفنان القدير مظهر الحكيم الذي ارتبط مع الأديب الراحل بعلاقة حميمة مطلقاً عليه لقب(عادل أبو الدراما السورية) وتحدث عن اندفاعه بالعمل، وتميّز بتعبيره عن البيئة الدمشقية بصدق وبدا هذا واضحاً في كتابته المسلسل الأول”حارة القصر” إخراج علاء الدين كوكش، ولاقى نجاحاً كبيراً في المحطات التي عرضته، فهو من أوائل الذين كتبوا للدراما السورية بين سهرات ومسلسلات، وتطرق إلى علاقته بعلاء الدين كوكش وتشكيله معه ثنائياً ناجحاً، ليخلص إلى أن الأديب الراحل ترك تاريخاً لاينسى، مركزاً على إطلاق مشروع”بنك الفنون” الذي يدوّن أعمال الأوائل.
شهادات
وتوقف الصالح أيضاً عند محور الذكريات مستعرضاً كتابه ديكتاتورية الذكريات الجزء الأول: ذكريات في الفنّ، والجزء الثاني: ذكريات في السفر، فاستضاف الكاتب نصر الدين بحرة الذي عادت به الذكريات إلى مدرستهما الابتدائية أبي العلاء المعري، وبداية مرحلة كتابة الراحل للقصة القصيرة على دفتر صغير بقلم رصاص وإشراك البحرة بقراءتها، ثم تحدث عن ذكرياتهما في ثانوية أمية، وأشار إلى فكرة يجهلها كثيرون بأنه بدأ شاعراً، ومن ثم عن كتابته الزوايا باسم جهينة في مجلة النقاد. وأضاف عن لقاءاتهما بمقهى الروضة.
ومن أجمل المحطات التي قدمها الصالح عرض مقتطفات من اللقاء الأخير مع عادل أبو شنب الذي أجراه معه د. طالب عمران في برنامج”مرافئ الذاكرة” ثم توقف عند زياراته المكتبة الظاهرية وقراءاته المستمرة، وعن ممارسته أعمال عدة لاسيما في فصل الصيف، وعمله بالصحافة والإذاعة وتعرّفه إلى الأدباء والمثقفين، وتوقف عند زاوية خواطر التي كان يتناوب على كتابتها مع صميم الشريف وغادة السمان وغيرهم، ومن ثم عن إعداده برنامج مجلة التلفزيون، وأشار إلى أنه وُجد في زمن اتصف بندرة الأدباء مما خلق لديه التعددية بالكتابة ليكون كاتباً شاملاً.
وعرض الصالح شهادة هامة للمخرج العالمي أنور قوادري المقيم في لندن فتحدث عن علاقته بالراحل التي توطدت بعد عرض فيلمه العالمي”كسارة البندق” في كندي دمشق، ووصفه بموسوعة بالأدب والفن والسينما وكل شيء، وتوقف عند كتابه ديكتاتورية الذاكرة وعشقه للسينما فاستمد من أفكاره لكتابة مسلسل رجل من الشرق، وسيهديه إلى روحه.
وتحدث الباحث غسان كلاس عن أهمية إسهامات الراحل بالدراما السورية لاسيما في حارة القصر وفوزية رغم قلة التقنيات في ذاك الوقت، وبالبرامج التلفزيونية وإغنائه المكتبة العربية بالرواية والقصة والدراسات والمذكرات والتحقيق والزوايا،وتحدث عن فيلمه التلفزيوني عنه بعنوان” بصمة إبداعية”.
أما الأديب حسين حموي فتحدث عن دور عادل أبو شنب بتأسيس اتحاد الكتّاب العرب، وعن إسهاماته بتاريخ المسرح في سورية وذكرياته معه، وأشار إلى فكرة هامة هي وجود كثير من الأدباء لم يأخذوا حقهم.
وذكر الصالح ما كتب عنه بعد وفاته بالصحف ومن خلال أعمال توثيقية، وعن إصدار عدة كتب عنه وتكريمه من قبل مديرية المسارح والإذاعة، وتمنت زوجته السيدة نادية السمان لو أن هذه الندوة أقيمت في حياته وليس بعد مماته، مشيرة إلى أنه لم يأخذ حقه من التكريم، لتتابع ابنته رنا بأن ما يجمعها بوالدها حبّهما للأدب وأنه أخذ حقه بالتكريم بمحبة الناس له، في حين تحدثت ابنته هلا عن علاقتها بوالدها كصديق وعن علاقته القوية بأحفاده وتعليمه لهم الكثير.
وخلصت الندوة إلى جملة وعود ننتظر تحقيقها منها إعداد الباحث غسان كلاس فيلماً وثائقياً عنه سيعرض قريباً على محطة نور الشام، وتصريح ناظم مهنا بأنهم سينشرون ملفاً عن الراحل في مجلة المعرفة، ودعا د. ثائر زين الدين المدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب لطباعة مخطوطات كتبه التي لم تنشر، ووعد المخرج العالمي أنور قوادري بإخراج مسلسله المستمد من كتابه ديكتاتورية الذاكرة. ليؤكد الصالح بأن هناك الكثير من المهتمين بنتاج الراحل وتوثيقه.
ملده شويكاني