ثقافة

صلاح عربي القباني يتألق بألحان أبي خليل القباني

موشح”يامن لعبت به الشمول” كان بين الموشحات والقدود المنوعة التي قدمتها فرقة الموشحات والموسيقا العربية بقيادة عازف القانون صلاح عربي القباني في الأمسية الثانية من أمسيات مهرجان الملحنين السوريين الأول بإشراف أحمد بوبس، والتي خُصصت لأعمال أبي خليل القباني رائد الموسيقا السورية في دار الأوبرا، وتميّزت الأمسية بإعادة إحياء الموشحات القديمة بمقامات السيكا والبيات والحجاز مع الليالي والتقاسيم بصوت الفنان الحلبي حسام لبناني بمساحته العريضة التي وظّفها بالتنغيمات الصوتية، إضافة إلى الأغنيات الشعبية المألوفة، وقد أفرد القباني مساحة لعازفي الصولو لعزف تقاسيم من روح المقام فأبدع عازف الكمان عدنان سفر، وعازف الناي احمد عبدو، كما ضمت الفرقة أساتذة من المعهد العالي مثل عازف الكمان المثنى علي.
وشكل ضارب الطبلة عبد اللطيف خانطماني الحامل الأساسي لبعض الألحان والمرافق لها، ويعدّ التنوع بالأداء الغنائي الطربي فرصة للجمهور للتعرّف إلى جوانب غناء الموشحات ومفرداتها من زوايا مختلفة.
بدأت الوصلة الأولى من الموشحات القديمة بوصلة من درجات مقام الحجاز بارتجالات الليالي للمطرب حسام لبناني فغنى مقتطفات من موشح بدري ادر كأس الطلا، ثم موشح نم دمعي من عيوني تميّزت هذه الوصلة  بصولو عازف الكمان عدنان سفر لتقاسيم من روح المقام، وكانت هذه الموشحات مدخلاً لغناء لبناني الموشح الشهير”ما احتيالي يارفاقي في غزال، علم الغصن التثني حين مال” وبدا دور آلات التخت الشرقي العود والقانون والناي بمشاركة الإيقاعيات والأكورديون، تناسبت هذه الألحان مع طبيعة صوت حسام لبناني الرخيم والمتسم بمساحة عريضة، ليتغير المسار اللحني بجمل موسيقية رشيقة ونشطة بموشح”يافاتن الغزلان” لاسيما بمفردات الليل عليّ طال، والدمع سلسل سال” بمشاركة الكورال وتفاعل الجمهور.
وخُصصت الوصلة الثانية لمقام الراست وكانت منوعة بين الموشحات والموال والأغنيات الشعبية، فتألق لبناني بغناء”موشح أنت الممنع ياقمر” الذي بنيت الجمل اللحنية فيه على إيقاع الفالس، ليصبح أقرب من الجمهور في الأغنيات الشعبية”ياطيرة طيري يا حمامة” ويامال الشام التي ترافقت مع ضربات الطبلة وبارتجالات بالمفردات ليردد “يامال الشهبا” للتناغم بين الشام وحلب، لينتقل إلى الموشحات الغزلية التي سُبقت بصولو من روح المقام وتفرعاته للعازف مثنى العلي على الكمان” موشح يا غصن نقا، وموشح بأبي باهي الجمال”، وتميّزت الوصلة الأخيرة لمقام البيات بموشح “محبوبي اقتصد نكدي” بصولو الناي للعازف أحمد عبدو، لكن الأجمل كان موشح”بالذي أسكر” لجمال المفردات المتناغمة مع متتالية إيقاعية، واختُتمت بأغنية”يا مسعدك صبحية” بمرافقة الأكورديون والإيقاعيات مع الفرقة.

تعزيز الهوية الثقافية
معاون وزير الثقافة م. علي المبيض بيّن أهمية التوثيق الموسيقي من خلال مهرجان الملحنين الأول في هذه المرحلة باختيار أعمال القامات الفنية السورية، ووصف الأمسية بالغنية وبأنها تناولت عدة مقامات موسيقية استمدت من ألحانه التي أثرت بالموسيقا العربية والسورية، ومن واجبنا أن نوثق ألحانه التي تشكّل جزءاً من إبداعه المتنوع في مجال الكتابة والمسرح والتمثيل، وأضاف بأن وزارة الثقافة تعمل على تعزيز عناصر الهوية الثقافية والفنية السورية من خلال مثل هذه الفعاليات، وستشهد المرحلة القادمة فعاليات واسعة.
وتحدث قائد الفرقة صلاح عربي القباني عن تعاونه مع الفنان الحلبي حسام لبناني الذي يمتاز بصوت جميل وقدرة على أداء الموشحات والقدود، ثم سألتُه عن المساحة الكبيرة التي منحها لعازفي الصولو لإظهار مهاراتهم بالتقاسيم، فأوضح بأن الفرقة ضمت عمالقة بالعزف، وأساتذة بالمعهد العالي ومشاركتهم بالصولو تغني ما تقدمه الفرقة لذلك أترك مساحة لعازفي الصولو، ويرى بأن نجاح الأمسية يعود إلى تعاون أعضاء الفرقة معه وإلى أهمية العمل الجماعي في عزف هذه القوالب الموسيقية الصعبة، متمنياً استمرارية المهرجان لتوثيق كنوز الموسيقا السورية كأعمال محمد رجب وعمر البطش وكثيرين أغنوا التراث الموسيقي على مدى مساحة سورية، كما أثنى الباحث وضاح رجب باشا على فكرة المهرجان لتوثيق التراث الموسيقي لاسيما أن بعض الموشحات القديمة معرضة للاندثار، وإعادة إحيائها من قبل الفرقة يحفظها من الضياع.
ملده شويكاني