أيمن رضا يلتقي جمهوره في “أماسي”
أيمن رضا الذي لاينتمي إلى أية شللية، ويثمّن العمل الجماعي، ويطلبه المخرجون لأنه مطلب جماهيري، كان مع جمهوره ومحبيه بحضور معاون وزير الثقافة علي المبيض في أمسية فريدة من أماسي الناقد الإعلامي ملهم الصالح في المركز الثقافي العربي في-أبو رمانة-بعنوان” كاركترات وغنائيات أيمن رضا”، اتسمت بأسلوبه المرح في إجاباته وإشراك جمهوره الذي تفاعل معه إلى أبعد الحدود، ورغم مرحه إلا أن آراءَه لم تخلُ من نقد لاذع ومن مكاشفات تطال السينما والإذاعة، واستباقات تطال التلفزيون، إضافة إلى إثارة مسائل أخرى مثل الدراما وإشكالية التسويق والمرأة في البيئة الشامية، وهذا ليس بغريب عن أيمن رضا الذي اتصف بصراحته التي أبعدته عن فرص كثيرة، إلا أنه كما ذكر لم يندم على شيء.
وقد كرّمت وزارة الثقافة الفنان أيمن رضا ممثلة بمعاون وزير الثقافة المهندس علي المبيض بتقديم الدرع التكريمي له، وتحدث المبيض عن تجربة أيمن رضا الدرامية على الصعيد الكوميدي والتراجيدي إذ قال: إنه صاحب مدرسة في الكوميديا تضحك وتبكي في اللحظة ذاتها، وقد استطاع أن يخلق شخصية خاصة به وسط زخم من الفنانين، وامتاز أيضاً بموهبة الغناء والموسيقا التي وظّفها لخدمة الشخصية الدرامية التي يؤديها، وأكد المبيض صدق الفنان رضا من خلال الحضور الكبير والنوعي. وعن العلاقة بين الثقافة والفنّ أوضح بأن هناك علاقة جدلية دائمة بينهما كون الفنّ هو أحد أشكال التعبير التي تنقل إلى الثقافة بمفهومها الواسع، وأُكبرُ بالفنان أيمن رضا أنه أوصل الفنّ إلى الآخرين بطريقة سلسة تخفي وراءَها عبقرية فذة ورسالة هامة.
وأبدى الفنان أيمن رضا سعادته بتكريمه الذي يدل على الاهتمام بالفنّ وبما قدمه من خلال تجربته، وتابع بأن مجرد الاهتمام من وزارة الثقافة يمنح الفنان القدرة على العطاء أكثر وعلى تقديم الأفضل والاستمرار، وعبّر عن سعادته بجمهوره ومحبيه من مختلف الشرائح بحضورهم هذه الأمسية، وأكد: هذا التكريم يشبهني ويعني لي الكثير فهم أحبتي أفتح أمامهم ما أصفه “بصمامات الصراحة” بعيداً عن المجاملات وتغييب العيوب.
كسر النمطية
استهلت الندوة مديرة المركز السيدة رباب الأحمد بالحديث عن أيمن رضا الذي عايش هموم الناس وصمد معهم، ليتابع الناقد الإعلامي ملهم الصالح الحديث عن تجربة الفنان الغنية التي امتدت قرابة خمسة وثلاثين عاماً، ودخل بتفاصيلها متوقفاً عند أهم مفاصلها فأيمن رضا كسر النمطية والقوالب الجاهزة في الأداء الدرامي، جمع بين الأكاديمية والموهبة العفوية، واستمد ثقافته من أبناء الحارة الشامية الزاخرة بنماذج إنسانية متنوعة، فكان الكوميديان من الطراز الرفيع، ولم يقل أداؤه التراجيدي وتأثيره عن الكوميديا، فتمكن بحبّ دافئ من كسر برودة الشاشة الفضية وأصبح متابعاً عربياً، فهو واضح وصريح وناقد لاذع بقسوة، شخصية إشكالية يمثل لناولا يمثل علينا.
ثم تابع الحضور فيلماً توثيقياً عن تجوال رضا في حارته الشامية بين محبيه متنقلاً بين أماكنها، كان مدخلاً لحديث رضا عن ولادته من أب عراقي وأم دمشقية، وعن طفولته في حي العمارة ومدحت باشا ومئذنة الشحم والقيمرية، وعن تأثره بكل الشخصيات التي كانت حوله مما شكل إيقاع شخصيته المستمد من تلك الأماكن، في أجواء تعايشت فيها الأديان، وتابع عن موهبته بالغناء التي تعود إلى اصطحاب والدته له في أعراس الحارة وحمام السوق، مما منحه فرصة تقليد المغنين.
الافتقار إلى التخصص
وكان رضل يرغب بالدراسة بكلية الفنون الجميلة لعشقه للرسم إلا أنه انتسب إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، ليتحدث عن ضعف الكادر التدريسي بقسم التمثيل باستثناء بعض الأساتذة الهامين مثل فواز الساجر وأسعد فضة، وكان على الطالب رفد تعليمه بالقراءة والمطالعات الخاصة وبأنهم استفادوا من خبرة الوفود، ليصل إلى أن مشكلة ضعف الكادر التدريسي مازالت قائمة حتى الآن، وإلى أهمية الاختصاص وضرورة رفد المعهد بأساتذة اختصاصيين. ومما لايعرفه كثيرون أن أيمن رضا ابتعد عن الساحة الفنية ربما لعدم وجود الفرصة المناسبة وعمل بمجال تطريز الأغباني من عام 1985حتى عام 1989، وكان للمخرج فردوس أتاسي الفضل بعودته للفن.
والتوقف عند محطة السينما لم يخلُ من نقد رضا اللاذع ومن صراحته فبرأيه أن السينما السورية سينما مهرجانات، أو سينما تجريبية للمخرجين الذين درسوا خارج سورية وبأننا نفتقر إلى سينما جماهيرية، ليطرح سؤالاً هاماً هل يعقل أنه طوال تجربته الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود لم يرشح لدور سينمائي باستثناء تجربته البسيطة مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد بفيلم نسيم الروح التي لم تتجاوز ثلاث دقائق، وامتد نقده اللاذع إلى الإذاعة أيضاً ذاكراً مسلسل حكم العدالة المسيطر عليه من قبل البعض ولايسمحون للآخرين بالمشاركة، وأشاد بمجال الإعلان القائم على الحدوتة لكن تجربته لم تكتمل لمشكلة التمويل والرعاية.
صناعة الكاركتر
ثم انتقل الصالح إلى المحور الأساسي بالندوة كاركترات أيمن رضا فعرض صوراً ومشاهد تمثيلية تجسد مئات الكاركترات التي قدمها عبر مسيرته الفنية، وعُرض برومو مطوّل لمسلسل سايكو الذي يشارك ببطولته أيمن رضا والذي لم يجد فرصة للتسويق الجيد كما ذكر، ليتوقف الصالح عند التنوع الهائل للكاركترات الموجودة بالحياة وعن كيفية صناعتها، فبيّن رضا أسلوبية كتابة الكاركتر ببناء الشخصية من الداخل ومن ثم تركيب الشكل الخارجي، أو بالعكس أو العمل بالخطين معاً، مشيراً إلى افتقار الدراما للكتّاب القادرين على رسم الكاركتر، مما جعل هذه المهمة منوطة بالممثل.. ومن هنا انطلق رضا بصناعة كركتراته واهتمامه بالتفاصيل وتعرضه للمجازفة والمغامرة.
التكثيف ببقعة ضوء
وتحدث الفنان رضا عن تجربة الفنان ياسر العظمة التي لم تخلُ من نقده اللاذع بتجاهله الشباب مما قاده مع الفنان باسم ياخور لتقديم مشروع بقعة ضوء المبني على التكثيف الدرامي والاعتماد على البطولة الجماعية بمعالجة قضايا آنية، مما فتح الباب لحضور مخرجين وكتّاب جدد، مركزاً على مشروعه ببقعة ضوء الذي وصفه بمشروع دراما الممثل والذي اضطر إزاء الضغوط المالية للتنازل عنه لشركة سورية الدولية، وبقي له دور كبير بكتابة وتعديل اللوحات وتوجيه اقتراحات للمخرج إضافة إلى دوره التمثيلي باللوحات التي يختارها.
قناة اليوتيوب
وتوقف الصالح عند الثنائيات التي شكّلها مع ياخور ونضال سيجري وفارس الحلو، ليوضح رضا الاختلاف بين مفهوم الثنائيات والشريك الذي يتبنى الهدف ذاته مبيّناً أن أمل عرفة شريك حقيقي، وبأنه ارتبط عبْر سنوات مع ياخور بشراكة. وحمل الحديث عن بقعة ضوء الكثير من الشجن ليقود رضا إلى القول “سننعي التلفزيون” لانشغال الشباب بالنت، ولوجود العديد من الأعمال الخفيفة غير الهادفة ويعود ذلك إلى تعامل شركات الإنتاج مع الكوميديا على أنها أقل من التراجيديا، مما سيجعل قناة اليوتيوب هي المستقبل ومن الآن نلاحظ تجارب الممثل بقناة خاصة على اليوتيوب.
ملده شويكاني