“النصر ساعة صبر” مشهدية مسرحية تربط بين انتصارات تشرين وبطولات اليوم
“انتصروا كرمال الأرض الطيبة، انتصروا لتشع الحضارة على كل الدنيا، انتصروا باسم الله باسم الحق، باسم الإنسانية” هذه كانت رسالة العرض المسرحي الغنائي “النصر ساعة صبر” الذي عُرض على مسرح الأوبرا، والذي اختزل سنوات الحرب ووجع سورية وقهر الموت وصبر الأمهات، لكنه زفّ بشائر النصر بنصر حلب ورفع العلم السوري في قلعتها، ليبقى هو هويتنا وتاريخنا وحضارتنا وجيشنا.
العرض الذي رعته جمعية تموز جاء بتوقيع المخرج مأمون خطيب وسيناريو محمود عبد الكريم، لمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين لحرب تشرين التحريرية، الذكرى المتجددة ببطولات الجيش العربي السوري على مدى سبع سنوات من الحرب الطاحنة، وتميّز بجمع الفنون كلها في مشهدية مسرحية شكّلت لوحة بانورامية تداخل فيها الرقص والغناء والتمثيل والحوار، مع الخلفية السينمائية التوثيقية لمشاهد تقدم الجيش وتحريره المناطق التي احتلها الإرهابيون، ومشاهد من معسكرات الجيش وحصار قلعة حلب ومن ثم تحريرها، إلى الكثير من مشاهد الخراب والدمار التي أصابت سورية على مدى جغرافيتها، لتبقى صورة السيد الرئيس بشار الأسد مع القوات المسلحة حكاية وطن لايستسلم واجه الإرهاب بإرادة وتصميم.
ولم يعتمد المخرج على المشاهد التوثيقية فقط وإنما دمج أيضاً بعناصر المشهدية المسرحية اللقطات التسجيلية للفنان أيمن زيدان، لكن اللافت بالعرض الموسيقا التي ألّفها المبدع طاهر مامللي والتي كانت الحامل الأساسي للعمل فمنذ اللحظات الأولى أخذتنا موسيقاه المؤلفة من أوركسترا موسيقية بتعدد أصواتها وآلاتها ومستوياتها إلى مشاعر مختلطة، أدخلتنا بعوالم الحزن والألم والتأمل لتصل بنا إلى شواطئ الأمل بغد أفضل، وتمكنت موسيقاه من التناغم مع مراحل العرض بتدرج منطقي تصاعدت في مواضع وتباطأت في أخرى لتقدم موسيقا إيقاعية حيوية في لوحة النصر، وارتبطت لوحة قلعة حلب بتراث حلب الغني بنغمات العود التي لامست القلوب وبأغنية حلب الرائعة”ع الروزنا ع الروزنا كل الهنا فيها”.
كُتب العمل بلغة شعرية عبّرت عن آلام الفقد وحزن الأمهات وتناغمت مفرداتها مع المطر والحمام والأرض والزيتون والخوف والقلق والترقب والانتظار، ضمن لوحات اتخذت شكل مشاهد مسرحية متصلة- منفصلة تتالت فيها المقاطع التمثيلية والغنائية مع الرقص التعبيري لفرقة آرام والتي جسدت فيها بطولات الجيش العربي السوري، ومضى العرض بوتيرة هادئة بعيدة عن التكثيف المشهدي، وتكامل مع عناصر السينوغرافيا التي كانت فيها الإضاءة عاملاً أساسياً بإنجاح العرض وبالاعتماد على الأحمر والترابي والأخضر في مواضع كثيرة، تميّز العرض أيضاً بصوت بلال الجندي، ومشاركة شهد وعبود برمدا في أغنية النصر”يا جيشنا العظيم”.
سيبقى الزيتون
بدأ العرض بحوار ثنائي بين الأم –سلمى المصري- أم أحمد وابنها البطل أحمد –كرم الشعراني، بعد مرور أربع سنوات على الحرب، لتخبره بأنها تعيش بهواجسها وحلمها معه بالمعسكر بخوفها عليه من قنبلة خرساء وحزام ناسف، لكنه يجيبها بأن من يخاف من الحرب تقضي عليه، وأنهم يخوضون معركة أبطال شجعان لايسمحون للإرهابيين والخونة باقتحام أرض الوطن، لنصل إلى مشهد حوار جماعي مع الجنود الذين يدافعون عن حلب، وعن جرح جندي لايشعر بالألم إزاء رؤية أصدقائه الشهداء الذين استشهدوا فداء قلعة حلب، “كرمال عينك يا حلب” لتتضح رسالة المشهد بحضور الفنان أيمن زيدان بلقطة تسجيلية من القلعة يشارك بحواريته مع أبطال الجيش”بيكبر الأمل لما بسمع ضحكتكم، لما بشوف محبتكم”، ليمضي العرض إلى لوحة النصر”مبروك نصرك يا حلب” وفرح الوطن بانتصار حلب الذي يعني انتصار الوطن، ليعود المخرج خطيب إلى حوارية ثنائية بين والدتي الشهيدين أم شادي -رنا جمول- وأم آدم-لينا حوارنة- فأصغى الحاضرون إلى نجوى أم تناجي روح ابنها في السماء وتصف فراقه الصعب، لتشعر بروح ابنها يطلب منها أن تذكره مع المطر الذي يسقي الزيتون بإيماءة رمزية إلى التضحية التي قدمها الشهداء ليعيش أبناء الوطن.
ملده شويكاني