ثقافةصحيفة البعث

حياة نصر: قصيدة النثر تحرر من القيود

طرطوس ـ هويدا محمد مصطفى

شاعرة تتصف بأسلوبها الواضح ونصوصها الشعرية المليئة بالمعاني المترعة بالصور والتعابير اللغوية ولها حضورها في المشهد الثقافي، تكتب قصيدة النثر برؤية جديدة منبعثة من كوامن أنثى استطاعت أن تجعل من حروفها لوحات شعرية وطفولة تسرح جدائلها على ضفاف الفرح كتبت للطفولة وللوطن وتناولت مواضيع عديدة لتجعل من قصائدها رسالة للقارىء، ومن دواوينها “افروزينا” و”نسيس” و”عندما ترتدي الضباب” و”أتون” و”ثرثرة الريح الأغصان”.

وللتّعرف أكثر على تجربة الشاعرة حياة نصر أجرينا معها اللحوار التالي.

الشاعرة حياة نصر ورحلة الإبداع ؟

منذ كنت بالمرحلة الإبتدائية كانت مواضيع التعبير تلقى اهتمام المعلمين،  واستمر الأمر كذلك في مرحلة الدّراسة الإعدادية والثّانوية والمعهد، وبعد سنوات طبعت لي “دار علاء الدين” في دمشق أول منتوجاتي وكان للأطفال بعنوان “التعاون” ٢٠٠١، قصائد عدة شكلت وجداننا، وكنت عندما أسمع الشعر العربي الفصيح أطرب له ولا أستطيع عدّ القصائد التي تأثرت فيها، لكن أغاني فيروز للشام وخاصة الفصيحة أثرث فيّ كثيراً “أحب دمشق هواي الأرق” و”شام يا ذا السيف”، وقصيدة محمود درويش “إنا نحب الورد لكن نحب القمح أكثر”، وقصائد سليمان العيسى على وجه الخصوص “قطرة المطر”.

ماذا تناولت في قصائدك؟

مواضيع عدة، كل ما يؤثّر فيّ بتعاملي بالحياة وأكثر الأحيان أتأثر ولا تسعفني المفردات لكي أعبر عما يجول بخاطري وما تفيض به مشاعري إلا باليسير، أكتب عن الطبيعة والمرأة والظلم الاجتماعي والفساد ولو بتعبير مقتضب، أما الحب فهو المحرك الأول والأجمل للمشاعر له وبه نعيش ولأجله نحاول أن نكتب بعض مشاعرنا لا تتسع لحروف لما نشعربه تماماً، حاولت أن أكتب الشعر العمودي والمقفى مثلاً أعارض قصيدة ما لكن لم أجد نفسي بهذا النمط فكتبت قصيدة النثر، لأنني كنت أحاول الخروج من القيود المحيطة بنا، وقلت لنفسي لأمارس هذه الحرية المتاحة بالكتابة سأكتب ما يخطر ببالي من دون قيد أو شرط طبعاً ما عدا شرط اللغة يجب أن تكون سليمة وهكذا كان.

هل تعدين الشعر موهبة أم وراثة؟ وكيف يصبح الشاعر متمكناً وناجحاً برأيك؟

بالتأكيد الشعر موهبة، لكن تحتاج إلى الصقل بالقراءة، وكل امرئ بأي مجال يحتاج لمرشد إن وجد المرشد الجيد سينجح، لكن المرشد لن يبقى معه إنما يوجهه لكتب معينة، لذلك يجب التّركيز على موهبته وإحساسه وكيفية تشربه للثقافة التي يتلقاها كيف يهضمها ويتفاعل معها ليبتكر جمل مميزة ويتمكن من لغته ليستطيع التعبير أكثر بأسلوبه.

لا أستطيع تحديد آلية معينة للنجاح هي ذائقة فنية مختلفة من شاعر لآخر، ما يروقني قد لا يراه الآخر جميلاً، هي أمزجة طبعاً قاسمها المشترك اللغة والفكرة، لكن طريقة طرحها بأسلوب مختلف غير المعتاد عليها هنا يكمن الإبداع.

تكتبين قصيدة الحداثة.. لماذا اخترت هذا النمط من الكتابة؟ 

قلت سابقاً إنني حاولت كتابة القصيدة العمودية، لكن لم أجد نفسي بها قد يكون شعوراً بالتمردعلى واقع يقيدني بمجالات عدّة، فأفردت لنفسي هذه المساحة مثلاً أقول:

اعشوشب الفراق

على سطوحي

أزهاره الحمراء تلك ألوانها

من دمائي!

بما يشبه الومضات

وهناك ومضات قصيرة جداً على صيغة أسئلة مثلاً:

لماذا طرت

وتركت ريشك بيدي؟

سؤال آخر

لماذا ينعت الحمار بالغباء

وقد علم الكثيرين النهيق؟!

على هذا المنوال وجدت نفسي أكثر، لكن أتذوق القصيدة العمودية التي تحمل إبداعاً  وفكرة مميزة، قد لا أكون نجحت في إتقانها، لكن أغبط الآخرين على كتابتها.

في مجموعتك “لا تسرح الشوق بمشط أبكم”

هي ومضة أعتقد بأن معناها واضح أي على العاشق أن يصرح لمعشوقته بمشاعره ولا يبخل عليها بالكلمة الحلوة، المجموعة صادرة عن “دار الينابيع” وهي متنوعة فيها التصوير والنقد والحب والخداع والهجر…الخ.

تعلمين أطفالاً في المرحلة الابتدائية، هل لديك تجربة في الكتابة عن الطفل؟  

بحكم عملي كمعلمة للأطفال أحببت تلوين الدرس لتكون المعلومة أسهل فهماً للتلميذ الصغير، فصرت أستخدم القصة كأسلوب حتى في حصة الرياضة خاصة لتلاميذ الصف الأول، وأشرح درس العلوم بأسلوب مسرحي لتلاميذ الصف الخامس أو الرابع، من هنا أتتني فكرة طباعة بعض المسرحيات القصيرة ذات فصل واحد يتخللها الغناء وخاصة كانت ضمن دراستي لأكون معلمة هناك مادة أدب الأطفال استهوتني وأيضاً تشجيع المعلمين لي بقي عالقاً بذهني، أما ما يميز أدب الأطفال فهو أنه أكثر مسؤولية ويجب فهم نفسية الطفل واحتياجاته وتوجيهه لامتثال القيم والعادات الجيدة وأكثر ما يرغبه الطفل القصة الحركية، ولا سيّما إن كانت على ألسنة الحيوانات والنباتات والابتعاد عن العنف والموت والخوف وزرع قيم تربوية وسلوكية مرغوب فيها.

ما رأيك بحفلات إشهار الكتب وماذا تقدم للشاعر؟

للأسف نحن لسنا في زمن الكتاب الورقي، وحفلات الإشهار حرية شخصية طقس يستخدمه الكاتب لتوزيع كتابه، لعل وعسى تساهم في نشر كتابه وفرصة للقراءة الورقية.

يقول البعض إنه لا يجب توصيف الأدب حسب جنس كاتبه.. ماذا تقولين؟

هناك أدب جيد قد يكتبه رجل أو تكتبه امرأة، والعكس صحيح أدب رديء ينطبق على الرجل وعلى المرأة، إلا إذا كان المقصود موضوع الكتاب قد تكتب امرأة عن مجموعة ذكور أو رجل يكتب عن مجموعة نساء.. أنا ضد التصنيف في الأدب، فالحياة تستمر بتفاعل الجنسين معاً.