ثقافة

فاقد الضحك لا يعطيه

هي تلك الابتسامة المستعصية على الحضور.. شفاه وقلوب تفرش لها المواعيد ورد.. والوقت يغرق بأحمر سجاد انتظاره الباذخ الدلال..
بالونات الضحك تلك متى وكيف تنفجر بوجه كآبة هذه الدنيا..!
لي رغبة قبل أن أموت أن أسمع صوت قهقهاتها تملأ الروح والمكان..
أدخل المتجر فيخطر ببالي أن اطلب علبة بسكويت وعلبة فرح مثلاً أفتحها لأجد قطع ضحك أضعها مع البسكويت وأحلّي بها ريقي ذات صباح..
حلمي أن أشتري الفرح كما أشتري الثياب والعطر ووقود المدفأة لبرد الشتاء..
في العمل أروي النكات للأصدقاء وجلّ غايتي أن أنتزع الضحكات من شفاههم، أصطحبها معي إلى البيت علّي اقضي ليلة برفقة الهناء..
الابتسامة التي على شفتي لا أخفيكم سراً هي ليست لي، اقترضتها ذات كآبة من فم صديقي مجنون الحارة الذي يوزع الضحك بالمجان في الذهاب والإياب..
وحدهم المجانين يضحكون بلا سبب.. يضحكون لأنهم يعرفون مدى سخرية الحياة..!!
احتاج الضحكة لعدة أسباب.. أحتاجها أحيانا كتأشيرة مرور إلى قلوب الناس.. وأحيانا أخرى أحلها في كوب دمع وأخذها كحبة سيتامول فتسكن بعض الأوجاع..
ليس للضحك وقت أو سبب معين، فهو يأتي كنوبة على حين ميسرة.. أو يدخل من أي شق يفتح له بجدار الروح بدون استئذان..
حقيقة أنا أحسد أولئك الذين يموتون مبتسمين وأقول في سري يا ترى بماذا كانوا يفكرون آنذاك.. لقد رأيتها مرسومة على وجه أغلب الشهداء، فحتى الحرب اللعينة والموت لم يستطيعا أن يسلبوهم تلك الابتسامة الهانئة الرضية التي كانت تشع نوراً يضيء سواد ليالي الحرب التي خيمت عند عتبات أبوابنا منذ سنوات..
أعرف أحدهم حاول الانتحار بالضحك.. ظل يضحك ويضحك حتى انفجرت رئتيه المحملتين بكربون الهم والقهر والعذاب..!! فالضحك أحيانا ليس بحاجة لموقف كوميدي لكي يحضر، فأحياناً كثيرة يكون رد فعل للألم.
يقول الممثل الكوميدي شارلي شابلن (إن الناس يتعاطفون معي بحق حينما يضحكون لأنه بمجرد ما يزيد الطابع التراجيدي عن الحد فإنه سرعان ما يصبح موقفاً باعثاً على الضحك).
للأسف.. فعلاً شر البليّة ما يضحك أمثالنا نحن المخذولون والتعساء..
لو كان بيدي أن أختار الطريقة التي ترضيني لنهاية حياتي.. سأقول لهم: أرجوكم اتركوني أضحك حتى الموت.. بالضحك وحده سأسخر من ظلم الأقدار..!! وأعود من جديد لألملم ضحكات آخر الليل وأطمرها بتربة روحي علّها تنبت ذات نهار..!!
لينا أحمد نبيعة