في مؤتمرهما الصحفي في دار الأوبرا.. شريفي وبلبل: أمسيتنا ستكون سورية بامتياز
بعد انقطاع فني طويل ولأول مرة خلال سنوات الحرب تحيي الفنانة سمر بلبل اليوم أمسية غناء شرقي على مسرح الأوبرا بدمشق، بمرافقة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد وإشراف د. عصام شريفي الذي قال في مؤتمر صحفي عقده أمس مع الفنانة سمر في دار الأوبرا للإضاءة على الأمسية: “لا نملك وسيلة نعبر فيها عن سعادتنا بعد هذا الانقطاع، وأتمنى تقديم أمسية تتكلل بالنجاح”.
الانتماء الوطني
ولأن الانتماء للوطن هو أجمل أنواع الانتماء، وخاصة إذا كان الشخص خارج وطنه، فكيف إذا كان فناناً ويملك صوتاً جميلاً، وفي هذا الصدد طرح سؤال للثنائي شريفي وبلبل كيف عكسوا الانتماء للوطن عبر فنهم وكيف قرأها الجمهور غير السوري؟ لتجيب سمر: تكمن معركتي الأولى في بيتي فخلال سنوات الحرب كانت ابنتي “جود” هي همي الأكبر بسبب التشويه الإعلامي في فرنسا، وبالتالي كانت رسالتي كأم من أهم الرسائل، أما بالنسبة للجمهور الفرنسي فأحببت تذكيره أن البلد الذي تحاولون تدميره يملك من الثقافة والفن ما يكفي، وقدمنا الكثير من الأغاني السورية وتجولنا في كافة أنحاء الوطن العربي وتجندنا من أجلها.
ونقلت الفنانة سمر الانتماء بصوتها، أما د. عصام فنقلها عبر آلته “العود” إذ يقول: المشكلة أن الصورة في فترة الحرب مشوهة لدى الغرب، ونحن نعمل على تعديلها والتذكير دائماً أن بلادنا هي أصل الحضارة، وإن استطعتم تدمير الحجر لن تستطيعوا تدمير التاريخ، ونحن مستمرون بالموسيقى.
وفي سؤال آخر حول الفن الراقي وأثره وتأثيره، ومن خلال الانطلاقة خارج سورية والوقوف على مسارح فرنسا، هل تأثرت بالفن الفرنسي، وكم كان تأثيرها الشرقي حاضراً على هذا الفن أجابت سمر: رغم دراستي للكونسرفتوار الغربية إلا أن النَفَس الشرقي يخونني دائماً ويظهر جلياً في صوتي، وأنا أحزن عندما أرى البعض يغرقون أنفسهم باللهاث وراء الحضارة الغربية معتقدين أن ذلك سيعزز من وجودهم إلا أنه -وعن تجربة شخصية- الغرب لديهم من يغني الكلاسيكية ولكنهم يستمتعون بالشرقي أكثر.
وقفة جديدة
وعن وقوفها من جديد على مسرح دار الأوبرا بعد غياب طويل أمر يحمل شيئاً من الصعوبة، خاصة مع اختلاف الذائقة الفنية والجمهور وتأثر الجميع بالحرب، فما هو الإحساس والحالة النفسية التي يعيشها الثنائي استعداداً للأمسية ليأتي الجواب:
مجرد التواجد في دار الأوبرا هي حالة من السمو الفني –قال د. عصام- وجودنا فيها يعني لنا الكثير، لكن المسؤولية الأكبر ما سنقدمه للجمهور؟ هل سيتقبله ويحبه؟ لقد حاولنا المحافظة على أسلوبنا الكلاسيكي الشرقي الذي يبقى في الصدارة بالنسبة للمستمع “الذويق” رغم تنوع المدارس.
وسأل الباحث أحمد بوبس عن برنامج الحفل فأجاب د.عصام: الأمسية ستكون سورية بامتياز باستثناء أغنيتين من التراث، الأولى “أنا قلبي دليلي” والثانية غير معروفة للكثيرين وهي بعنوان “كل الأحبة تنين” ألحان زكريا أحمد ومسجلة بصوت أم كلثوم، وأنا اخترت الأغنية لتقدمها سمر بصوتها، والافتتاح سيكون بأغنية للشاعر نزار قباني من ألحاني بعنوان “شام” التي تجمع كل السوريين بمختلف انتماءاتهم، وسينتهي الحفل بقصيدة “وطن” للراحل الكبير عمر الفرا.
خوف ورهبة
وعبّر الثنائي عن إعجابهما بجمهور أمسية المايسترو عدنان فتح الله التي أحيياها منذ يومين، مما زاد خوفهما من خوض هذه التجربة، وبدوره تساءل المايسترو حسام بريمو عن أن برنامج الأمسية يشكل “مجازفة” كونه يضم أغانٍ غير معروفة للناس، وإن كانوا على استعداد لحصاد نتيجتها فقال د. عصام؟ اخترنا أغان غير طويلة لكي لا يكون صدى الأغنية الجديدة قاس على المستمع الذي سيسمعها لأول مرة، وتكمل سمر: نحن كنا نغني للجمهور الفرنسي الذي لا يفهم كلماتنا لكننا استطعنا التأثير فيه، ونحن أُغرقنا في التواصل مع الجمهور الأوروبي، وفقدنا القليل من المفاتيح في التواصل مع الجمهور السوري على أمل أن نلقاه اليوم، وفي نفس الوقت كان هناك مشكلة حتى في الأغاني القديمة التي أحببنا أن نقدمها بعد سنين، فالبعض منها غير معروفة للناس.
رسالة
والوقوف على مسرح الأوبرا اليوم له طعم مختلف عند الفنانة سمر بلبل من حيث الغاية والهدف من الأمسية، فقالت بهذا الخصوص: في الخارج عندما أدخل إلى المسرح تكون مهمتي تقديم رسالة انسجم من خلالها مع الجمهور ليتابعني بحب، أما هنا فالوضع مختلف لأني أغني “وجداني” تتألق روحي وأخرج من قضية الرسالة، لأنني أتلقاها من الجمهور الذي أعطانا الكثير من رسائل الصمود والمحبة عبر سنوات الحرب السبع، فهنا قلبي وعاطفتي هي التي تغني.
جمان بركات