ثقافة

عبير البطل وألوان غنائية متماوجة في الأوبرا

“ألا حبذا حبذا حبذا  حبيب تحملتُ منه الأذى” رائعة طاهر مامللي التي عششت بذاكرتنا كانت أجمل ما غنته عبير البطل في أمسية الغناء الشرقي التي أحيتها على مسرح الأوبرا، بإحساسها الدافئ الذي جعل الجمهور ينصت بشغف إلى كلمات عمر بن أبي ربيعة ووقعها المؤثر، في الوقت الذي قدمت فيه البطل ألواناً غنائية متنوعة من الفلكور والتراث والرحابنة والشعبي، موظّفة تقنيات صوتها بالتنقل بين المقامات الغنائية والتدرج بين الطبقات والترنيمات والتنغيمات والآهات بما يتناغم مع مساحة صوتها، بمشاركة الفرقة الموسيقية المؤلفة من الكمنجات وآلات التخت الشرقي بقيادة المؤلف والعازف كمال سكيكر، والأمر اللافت التنوع بالآلات الإيقاعية” الدرامز والطبلة وجمبة والرق والبنكز”بمشاركة العازفين علي أحمد ومازن حمزة ومحمود كنفاني، والحضور الرائع للبيانو للعازف إياد جناوي لاسيما في موسيقا الرحابنة، وقد تمكّنت البطل من تأدية جميع هذه الألوان بتلون حنجرتها، وتأتي أمسيتها ضمن مجموعة أمسيات تقدم الصوت الغنائي الأكاديمي لخريجات المعهد العالي للموسيقا.

افتتحت البطل الأمسية بأغنية “نسمت من صوب سورية الجنوب” كلمات سعيد عقل وألحان الأخوين رحباني بمشاركة الفرقة مع التلوين الموسيقي للبيانو، لترافق نغمات العود والقانون بعض الجمل الموسيقية الخاصة مثل”ويطيب الحب في تلك الربا”، ومن الرحابنة إلى التراث الغنائي المصري فغنت “شدّ الحزام” كلمات بديع خيري وألحان سيد درويش باللهجة المصرية، وتميزت بجمالية أدائها الرقيق وتدرجات صوتها مع نغمات البيانو” هيلا هيلا” ومشاركة الكورال، بينما تغيّرت مساحة صوتها وقوته في “انظري” كلمات أحمد رامي وألحان القصبجي فبدت الامتدادات الصوتية واضحة واعتمادها على التنغيمات الصوتية والآهات “صارحيني لم يعد يخفى الهوى” بالجمل الموسيقية التي اعتمدت في مواضع على التقطيع ليمضي المسار الموسيقي وفق مستويات مع ضربات إيقاعية خفيفة ونغمات العود، لتنتهي بقفلة موسيقية وغنائية هادئة، رائعة طاهر مامللي أهل الغرام التي مزج فيها بين ألوان موسيقية متعددة، وبدا الدور الواضح فيها للإيقاعيات الغربية الدرامز لتتماوج مع الوتريات بتصاعد وانخفاض ومع العود، في أغنية العيون السود كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي، تماوج صوتها مع الموسيقا الطربية لبليغ وتميزت بمساحة للمقدمة الموسيقية للقانون للعازف عمران عدرة، ومن ثم يمضي اللحن الأساسي مع الفرقة والدور الخاص للناي الذي شكّل مستوى لحنياً خاصاً وعلا صوته على ألحان الفرقة في مواضع للعازف إبراهيم كدر.

مفاجأة الأمسية كانت مع اللون الغنائي الشعبي الذي قدمته البطل من الفلكلور، والذي رسم الابتسامة على وجوه الجمهور بغنائها “عالمايا عالمايا” إذ اعتمد اللحن الأساسي على الإيقاعيات وخاصة الطبلة وشكّلت الفواصل الإيقاعية بين المقاطع جمالية لحنية لافتة، لتلتقي في مواضع مع الوتريات وقد أثارت حركة لحنية، كما ساعد أداء البطل القريب من الجمهور على إنجاح الأغنية.

في القسم الأخير من الأمسية لامست البطل قلوب الجمهور برومانسية موسيقا زياد الرحباني بأغنية “بلا ولاشي” التي بدأت بافتتاحية نغمات البيانو الرقيقة لجناوي لتغني البطل مع نغمات البيانو “بلا ولاشي بحبك بلا ولاشي” ومن ثم يمضي المسار اللحني مع مشاركة جزء من الإيقاعيات والوتريات بجمل صغيرة ليبقى الحضور الأكبر للبيانو والدرامز مع آهات البطل الرومانسية، لتختم الأمسية بأغنية “سليمى”.

ملده شويكاني