ثقافة

سعيد الحناوي.. خطاب لاذع ضد قتلة الإنسانية

يعود المخرج المسرحي سعيد الحناوي إلى خشبة المسرح بعد انقطاع طويل من خلال العرض المسرحي “زاوية” محاولاً من خلاله أن يقدم خطاباً لاذعاً ضد من يريدون قتل الإنسانية وتطويع الإنسان حين يسلط الضوء على أهم زاوية في حياتنا ألا وهي الإنسانية التي رميناها في زاوية يراها البعض منفرجة ونستطيع رؤية كل ما بداخلها، وهناك مَن أعمى بصيرته عنها، ويبيّن الحناوي أن الزاوية ربما تكون ضيقة جداً ولا يستطيع رؤيتها إلا من يسعى إليها، البعث التقت الفنان حناوي وكان هذا الحوار:

ما الذي أغراك للعودة إلى المسرح في هذه المرحلة؟

إن أكثر ما أغراني للعودة إلى المسرح هو البوح الصادق.. ربما أنا الآن أمرُّ بأزمات نفسية سيئة جداً، ومنذ أكثر من سنة تراكم داخلي عددٌ هائل من الكلمات ووجدتُ أنه آن الأوان كي تخرج لأنني أؤمن أن خشبة المسرح هي أكثر الأماكن صدقاً، وأن جمهوره يأتي ليسمع ويحترم وجهات النظر، وقد أردتُ إيصال عدد كبير من الرسائل بطريقة حضارية وجديدة.

قلتَ في حوار سابق: “يئستُ من المسرح”.. فما الذي أعاد الأمل إليك اليوم لتعود إليه؟

نعم، يئستُ من المسرح، لكنني أبادر دائماً للبحث عن بصيص أمل.

بعد سنوات طويلة انقطعتَ فيها عن المسرح ما الذي تغيّر فيك خلال هذه السنوات كمخرج وكاتب مسرحي؟

ازداد عندي الإصرار على أن أقدم رسالة خاصة بي وتكون لديّ بصمة خاصة في العمل الدرامي مسرحياً وتلفزيونياً، فعلى صعيد المسرح أعتقد أن هناك تطوراً سيكون على مستوى الصورة البصرية والسينوغرافيا، ولا أخفيكِ سراً أن هناك حيوية أفتقدها الآن، ربما لأن فكرة اليأس من المسرح ما زالت مسيطرة عليّ.

لديكَ حصيلة من الأعمال المسرحية الهامة التي نال معظمها جوائز، فأي تحدٍّ لديك اليوم وأنت تقدم مسرحية “زاوية”؟

أنا الآن محبَط، والتشاؤم يحيط بي من كل مكان، ولكي أتخلص من كل هذا أسرعت إلى خشبة المسرح لأنني أرى نفسي عليها قوياً وملكاً وأستطيع من فوقها فعل أي شيء.

لا أريد أن أشبه أحد

بين التغريد خارج الأزمة والتغريد داخلها لمن انحزتَ في “زاوية” وبأية طريقة أردتَ تناول ما حدث في سورية؟ فمعروف عنك أنك تبحث دوماً عما هو مختلف؟

انحزتُ للمغلوبين على أمرهم من الأشخاص الذين لا حول ولا قوة لهم والذين يسعون وراء لقمة العيش بتعب وجهد وعرق، ولكل المتعَبين والمقهورين والجائعين.. في “زاوية” أنا مع من لا مأوى لهم ومع كل شاب يائس وكل فتاة تحطم حلمها وكل من يريد العيش بأمان، فكنتُ مع الإنسانية بكل أشكالها.. أنا لا أحب التعاطي مع السياسة ولا أحبها، ولكنني على يقين أنني وكأغلب من يعيش في سورية نعرف أننا  كنا نعيش وكان للحياة طعم آخر، ولكن هناك من أتى وأيقظ لغة الدم النائمة، ولذلك أؤكد في “زاوية” على أنه يجب النظر إلى الجزء المملوء من الكأس مهما كانت النسب وليس فقط إلى الجزء الفارغ.. إن قطرة دم واحدة من طفل أو دمعة من أم ثكلى تساوي عندي كل ثروات العالم، ولذلك فإنني في مسرحية “زاوية” أدعو للسلام والتعايش واحترام وجهات النظر مهما كانت وعدم مصادرتها بعيداً عن القتل والدم، مع التأكيد على أن أمن البلاد والسكون والطمأنينة وراحة البال والعيش الرغيد فوق كل شيء.. إنني أحاول دائماً الذهاب إلى الخيارات الصعبة ولا أبحث عن الخيار الأول والمعروف والسهل، دائماً أبحث عما هو غير متوقع، فأنا شخص أحب التميز ولا أريد أن أشبه أحداً.

ما هو رأيك بمشروع دعم مسرح الشباب الذي أطلقتْه مديرية المسارح والموسيقا مؤخراً؟

أعتقد أن مشروع دعم مسرح الشباب خطوة مهمة جداً، ومشكورون القائمون عليه لأنه أتاح تقديم عروض شبابية متعددة، وأتمنى مستقبلاً أن يتم العمل على توسيع دائرته لأن شباباً مسرحيين مغمورين كثراً بحاجة إلى فرص كهذه.

تبدأ عروض مسرحية “زاوية” على خشبة مسرح القباني بدءاً من اليوم الثلاثاء وتستمر إلى 30 من الشهر الجاري وهي من تمثيل: سمير الشماط، مجدولين حبيب، ربى طعمة، محمد سويد، سعيد الحناوي.

أمينة عباس