ثقافة

عدم تقعيد العامية

ملده شويكاني

في المحاضرة التي ألقاها د. محمود السيد في مجمع اللغة العربية مؤخراً تحت عنوان: “التخطيط اللغوي ودوره في حماية اللغة العربية”، أثار مسائل لغوية شائكة مازالت موجودة على أرض الواقع، وأكثرها خطورة الدعوة من قبل أعداء اللغة العربية إلى ما يسمى بالتلهيج بغية إحياء اللهجات مما جعله يرفض بشدة مصطلح ” تقعيد العامية”، ويتحدث عن استبعاد الشعر النبطي الذي يؤجج الصراعات القبلية، وحدد الموقف من تعليم اللغة الأجنبية على أنها مادة، وتعليم مواد المعرفة بالعربية، ودعا إلى تفعيل الترجمة إلى العربية ومنها إلى اللغات الأجنبية، وإلى زيادة نسبة المحتوى الرقمي العربي على الشابكة، ومحاربة ظاهرة العربيزي التي هيمنت على وسائل التواصل الاجتماعي، والكتابة بالأحرف اللاتينية، وإدخال جزئيات اللغات الأجنبية، وصولاً إلى وضع قانون لحماية اللغة العربية وتفعيل الوعي اللغوي والانتماء.

ما أثاره د. السيد يدعونا إلى التفكير بواقع اللغة العربية حالياً فرغم أن سورية هي أقوى دولة في حفاظها على اللغة العربية إلا أن العامية المغرقة بمفردات محلية غدت متفشية في جميع مناحي الحياة، وتطال البرامج الإعلامية والحوارات والمسلسلات الدرامية ولغة التواصل في العمل والمنزل والمقاهي وغيرها. ورغم تفعيل نشاطات لجنة تمكين اللغة العربية وتوزيعها الخطة المتعلقة بكل وزارة على حدة، نجد أن النتائج على أرض الواقع متفاوتة ومتباينة بين وزارة وأخرى.

المحاضرة كانت مناسبة للمطالبة بمتابعة خطة كل وزارة من قبل المسؤولين وعدم الاكتفاء بوضع بنود وتوصيات تبقى رهينة الورق وحبيسة الأدراج، ولا ترى النور على أرض الواقع من حيث لغة الخطاب والتواصل والمراسلة، المتابعة كانت رديفة للانطلاق نحو اللغة العربية المخففة البعيدة عن لغة امرئ القيس وطرفة والذبياني، والقريبة من روح العصر والمواكبة للعلوم الحديثة، وفي الوقت ذاته تحافظ على أسس اللغة العربية وقواعدها.

والدعوة إلى البداية من الخلية الأولى في المجتمع من الأسرة فكما نعمل على نشر روح المحبة والسلام الداخلي بيننا وبين أفراد عائلتنا، نعمل على نشر روح اللغة العربية الفصيحة بالارتقاء بالمفردات وبالحديث المتداول بالابتعاد عن المفردات المغرقة بالعامية، لتمتد هذه الدعوة إلى المحيط الدائر حولنا في العمل والجامعة وكل مناحي الحياة.  وربما تكون محاضرة د. محمود السيد بداية لنا جميعاً للحفاظ على لغتنا التي هي قوميتنا وهويتنا.