ثقافة

أسامة جحجاح في الآرت هاوس.. الصورة التي تحتفي بالملكة

قدم  الفنان أسامة جحجاح معرضه الجديد الذي افتتح في صالة الآرت هاوس  “تحية إلى فيروز” , في حفاوة واضحة للسيدة وما يمثله الرحابنة للفن الغنائي العربي، هذه التجربة  التشكيلية التي سبقتها تجارب بصرية كثيرة عنت بمواضيع مشابهة على المستوى العربي والعالمي، وقد تأتي على هوامش تكريمية أو استعراضية أو استعادية لإرث ذلك النجم الغنائي، وتمول بعض هذه النشاطات من قبل المؤسسة الكبيرة التي تعنى بأسطوانات هذا النجم أو ذاك في مسعى ترويجي ربحي أحيانا. إلا أن الفكرة التي يقدمها الفنان جحجاح في هذا المعرض تختلف عن سواها كونها تعتمد على النجم كأساس لترويج العمل التشكيلي، لثقة الفنان أن الموضوع الذي تناوله يلاقي المساحة الواسعة من القبول في الذوق العام، فيكفي أن تكون السيدة فيروز في فكرة العمل حتى يستأثر بدائرة الاهتمام والمتابعة.
قدم الفنان أكثر من ثلاثين لوحة  “توليفية”، ونعني بالتوليفية: اللوحة المجمعة من مصادر متنوعة والمؤلفة من مفردات عديدة مرسومة قبلا ومعروفة عند البعض، يؤلف بينها الفنان بلغة المخرج البصرية الذي يتقن تقديم نصه البصري الخادم للفكرة الأساس، وهي الشخصية باعتبارها أساس اللوحة والمعرض، ومنه كل المتعلقات التزيينية الأخرى لن تخرج عن وظيفتها الخادمة لمركزية العمل أو البورتريه. وتتم معالجة هذه الصورة المعالجة بالحاسب عبر برامج  “الغرافيك ديزاين” ومن ثم تطبع هذه الصورة على القماش، وفيما بعد يضيف الفنان المواد الملونة الإضافية ليمنح روحاً جديدة مغايرة للعمل الطباعي قريبة من اللوحة اليدوية الصنعة، مع بعض إضافات العجائن النافرة وإقحام الخط العربي في اللوحة استغراقا في استجداء الفكرة، مما أوقع الفنان في مطب الأعمال الترويجية السياحية. وقد شهدنا معرضا سابقا لأعمال الفنان الطباعية نالت الإعجاب لما تحمله من مقدرة وبراعة في التأليف بين عناصر العمل المؤلفة للبناء والتكوين المتماسك والمترف بالمجموعة اللونية المنتقاة، مما جعل هذه الأعمال باذخة في حضورها وإن كانت أعمالاً طباعية فهي لا تقارن بمنطق العمل اليدوي من حيث القيمة، لكنها تفوقت بالوظيفة والغاية التي غطت فكرة المعرض ودعمته.
كما أسلفنا سابقا إن فكرة الرحابنة وفيروز كافية لحشد أي انتباه، ويمكن توظيف هذه الفكرة وترويج أي منتج متعلق بها حتى ولو كان “تيشيرت مطبوع” أو “كرت بوستال” ولا ينكر الجهد الكبير والمتقن الذي قدمه الفنان جحجاح في معرضه الدعائي الجميل، لكن لا بد من التذكير أن  العمل الفني التشكيلي الذي يحمل نزعات إبداعية يحتاج روح المغامرة والتجاوز أساسا له أكثر مما يحتاج من قوائم أو “عكاكيز” الترويج، فكم كان جميلا لو أن الفنان ذهب إلى المعنى الذي يمثله غناء فيروز واستلهم من هناك وغاص في دهشة الجمال وأبدع نصاً بصرياً يوازي أغنية قصيرة تأسر قلباً عاشقاً يسكن أطراف النبعة معلقاً على برداية شباك أخضر ويزهد في مدينة كاملة.
أكسم طلاع