ثقافة

الفرقة السيمفونية الوطنية تتحدى سنوات الحرب بأمسيات لم تتوقف

25 عاماً على تأسيسها.. مسيرة موسيقية تحمل بين طياتها تاريخ وطن وأصالة شعب عشق النغمة ليقدم للعالم أول نوتة موسيقية… أعضاء الفرقة السيمفونية الوطنية السورية تحدوا قذائف الحقد وسنوات الحرب السبع على سوريتهم، ووقفوا بمعزوفاتهم وحفلاتهم في دار الأسد التي لم تتوقف يوما، متسلحين بإرثهم الضارب في القدم، وإرادة الحياة ومحبة ممهورة بالسلام.. “لتبقى موسيقانا أقوى من رصاصهم وثقافتنا أقوى من إرهابهم”.

ورغم ما عانته الفرقة السيمفونية من صعوبات منها ما هو متعلق بمغادرة العديد من كواردها خارج البلد لاسباب مختلفة إلا أن إيمان أعضاء الفرقة برسالتهم والحفاظ على هوية سورية الحضارية واستمرار دعم وزارة الثقافة لنشاطاتهم ساعدتهم على الاستمرار وهم اليوم يستعدون لإحياء اليوبيل الفضي لتأسيس الفرقة غدا.

وسعت الفرقة منذ احتضان دار الأسد رسميا لها عام 2012 إلى تشجيع المواهب الشابة لإعطائهم فرصة اختبار المسرح ومعايشة الجو الموسيقي الاحترافي المهني وتقديم أنفسهم للجمهور فقدمت حفلات مشتركة مع فرق موسيقية لشباب هواة من المعهد العالي للموسيقا وغيرها.

وامتازت الأمسيات الموسيقية للفرقة السيمفونية عام 2012 بالنوعية وقد شارك في قيادتها قادة من الفرق السيمفونية الأجنبية وأجريت مسابقة لاختيار أعضاء جدد في الفرقة بإشراف لجنة موسيقية بريطانية قدمت خصيصا لهذه المناسبة برئاسة قائد الأوركسترا هاورد وليامز حيث قدمت الفرقة أمسية موسيقية بقيادته بعنوان “مساحات بريطانية” إضافة لأمسيات بقيادة الفرنسي غريغوري بينتيليتشوك والايطالي انوفريو كلاوديو غالينا بمشاركة المغنيتين الإيطاليتين السوبرانو نيلا مازالا والتينور نيكولا بيزانييلو.

وفي العام ذاته كان لمؤلفات مؤسس الفرقة السيمفونية الموسيقار الراحل صلحي الوادي حفل خاص بمناسبة الذكرى السنوية العاشرة لآخر ظهور له على المسرح وهذه الأمسية قادها المايسترو ميساك باغبودريان.

ومع تصاعد وتيرة الحرب الإرهابية على سورية حمل أعضاء الفرقة على عاتقهم مشاركة إخوتهم في الوطن مفرزات الحرب فكان للعمل الاجتماعي الإنساني إلى جانب العمل الموسيقي مكانة في عملهم فقامت الفرقة الوطنية بعدة مبادرات منها “من أجل شتاء دافئ.. نعزف” حيث قدمت عدة حفلات وطلبت من الجمهور إحضار قطع ملابس ليتم توزيعها على مراكز الإقامة المؤقتة بدمشق وريفها بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية كما نظمت الفرقة مع الأمانة السورية مبادرة “اكتشف الموسيقا” التي استهدفت الأطفال في مراكز الإقامة المؤقتة مستضيفة عددا من هؤلاء الأطفال في تدريباتها لتعرفهم على الآلات الموسيقية ولتمنحهم فرصة تجريب بعضها والاحتكاك مع الموسيقا بشكل مباشر لإحداث تأثير إيجابي على نفوسهم.

واعتمدت الفرقة السيمفونية الوطنية عام 2013 رغم الإجراءات الغربية الجائرة التي طالت حتى القطاع الثقافي السوري على إمكانياتها الكبيرة والنوعية فاستمرت بتقديم الأمسيات الموسيقية فكان منها أمسية بعنوان “من ذاكرة السيمفوني” بقيادة المايسترو رعد خلف لتتابع الفرقة بقيادة المايسترو باغبودريان حفلاتها الدورية بمشاركة عازفين فرديين منهم عازف البيانو السوري العالمي البروفيسور غزوان الزركلي وعازف الفلوت طارق حاتم وعازف الاورغن اغيد منصور وعازف العود عدنان فتح الله وعازف الكمان وسيم امام وعازف الأوكورديون وسام الشاعر وعازف العود كمال سكيكر.

وتابعت الفرقة في عام 2014 بقيادة المايسترو باغبودريان أمسياتها الدورية ببرامج منتقاة وبمشاركة أوسع في مجال العزف المنفرد ومنها حفل بمشاركة المايسترو عدنان فتح الله على العود ومحمد صالح على القانون ومحمد عثمان على البزق ومسلم رحال على الناي ووليد خطبا على الكمان وعازفة الفلوت روبينا ارتينيان وعازف الباصون طوني الأمير.

كما شارك كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا إحدى حفلات الفرقة السيمفونية مع عزف منفرد لعازفي الكمان رزان قصار والبزق محمد عثمان وبدءا من هذا العام بات للفرقة السيمفونية طقس ثابت في الاحتفال بعيد الجلاء.

وتعاقب في عام 2015 على قيادة الفرقة العديد من القادة من المايسترو باغبودريان الذي قاد حفلا بعنوان “نساء موزارت” بمشاركة غطفان ادناوي على الكمان وكمال سكيكر على العود والمغنيات ساره الاغا وكارمن توكمه جي ونينار الاعسر ومنال خويص في حين قادت المايسترو ارمينوهي سيمونيان الفرقة بمشاركة الموسيقي جوان قرجولي والمغنية سوزان حداد وعازف الأوكورديون وسام الشاعر كما قاد المايسترو اندريه معلولي الفرقة بمشاركة السوبرانو غادة حرب.

وكان عام 2016 عاما مميزا للفرقة ولعل أهم لحظة عاشتها الفرقة خلاله هي مشاركتها في فعالية “تدمر بوابة الشمس” والتي أقيمت على مسرح تدمر الأثري كما سعت الفرقة إلى كسر الحصار الثقافي المفروض على سورية من خلال استضافتها للمايسترو التركية انجي اوزديل لتقود الفرقة في تشرين الثاني بمشاركة عازف الترومبيت التركي اونورجان تشاتاي كما قاد المايسترو باغبودريان الفرقة بمشاركة التينور الإيطالي جوزيف فلليزي.

وجاء عام 2017 عام حصد ثمار تحدي ظروف الحرب فسعت من خلال الشعار الذي اختارته له “لنجعله عاما تسمع فيه سورية كل العالم فقط أصوات الموسيقا والفرح” ففي شباط أطلقت أسبوع دمشق لآلة الأورغ بمشاركة الموسيقي الإيطالي العالمي يوجين ماريا فاجاني وبقيادة المايسترو باغبودريان وفي أمسية “أجيال” شارك مع الفرقة جيلان من الموسيقيين السوريين المخضرمين والشباب من عازف الكلارينيت المغترب السوري جرجس العبدالله وعازف البيانو غزوان الزركلي.

وكان عيد الجلاء في العام الفائت مناسبة لإطلاق الفرقة عملين جديدين لمؤلفين سوريين كما قاد الفرقة كل من المايسترو ارمينوهي سيمونيان والمايسترو السوري المغترب نوري الرحيباني لتكون أمسية الأخير ملحمة موسيقية كلاسيكية خاطبت المدن المنسية في شمال سورية.

كما استضافت الفرقة أعلاما سوريين مغتربين في الموسيقا الكلاسيكية في الأمسية التي قادها المايسترو أندريه المعلولي من البروفيسور الزركلي المقيم في ألمانيا على آلة البيانو وفي الغناء السوبرانو درامتيك سمية حلاق القادمة من سويسرا.

وجاء اختتام العام للفرقة السيمفونية مع احتفالية بمناسبة عيد الميلاد المجيد احتضنتها كنيسة سيدة النياح البطريركية بحارة الزيتون في دمشق القديمة بمشاركة جوقة الفرح الكبرى ليتشاركا بالذكرى الأربعين لتأسيس الجوقة وبالذكرى الـ 25 على تأسيس الفرقة.

والفرقة السيمفونية الوطنية السورية التي تأسست عام 1993 بعيد إحداث المعهد العالي للموسيقا مثلت سورية في شتى بقاع الأرض بالكثير من المهرجانات والمحافل العربية والعالمية.