الأوضاع في سورية تتصدر أجندة مؤتمر ميونيخ مصر وألمانيا: الحل السياسي الطريق الوحيد لتسوية الأزمة
حضر الملف السوري بقوة على طاولة النقاش في مؤتمر ميونيخ للأمن المنعقد في ألمانيا، وأجمع الحضور على ضرورة إيجاد حل للأزمة دون أي تدخلات خارجية. حيث جددت مصر دعمها للحل السياسي للأزمة بما يحفظ وحدتها ويلبي طموحات شعبها. في حين أكدت ألمانيا أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لتسوية الأزمة، ودعت الولايات المتحدة إلى تبني نهج جديد للتعامل مع مختلف الملفات الدولية.
وفيما جددت إيران التأكيد على أن المضايقات والعراقيل التي تتسبب بها أمريكا في المحادثات السورية سواء في أستانا أو سوتشي أو جنيف تعيق التوصل إلى حل للأزمة، مشددة على أن محور المقاومة حقق النصر في سورية، أكد محللون روس أن الأعمال العدوانية لأمريكا والنظام التركي وكيان الاحتلال الإسرائيلي تشجع التنظيمات الإرهابية المدعومة من الغرب على الاستمرار في أعمالها الإجرامية.
وفي التفاصيل، جدد وزير الخارجية المصري سامح شكري التأكيد على موقف مصر الداعم للحل السياسي للأزمة في سورية بما يحفظ وحدة الدولة السورية ومؤسساتها ويلبي طموحات الشعب السوري. وقال أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية: إن شكري أكد خلال لقائه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا على هامش أعمال مؤتمر ميونيخ للأمن المنعقد في ألمانيا رفض مصر أي تدخلات عسكرية من شأنها أن تمثل انتهاكاً للسيادة السورية وتقوض من فرص الحلول السياسية القائمة، لافتاً إلى ضرورة تنسيق الجهود والتحركات بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية خلال المرحلة الراهنة من أجل حث جميع الأطراف السورية على التوصل إلى حلول توافقية وعملية لتحقيق التسوية السياسية للأزمة في سورية.
وأوضح أبو زيد أن دي ميستورا عرض خلال اللقاء مستجدات حل الأزمة في سورية ورؤيته بشأن سبل حلحلة الوضع السياسي لها على ضوء الاتصالات والمشاورات التي قام بها مؤخراً ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عقد في مدينة سوتشي الروسية أواخر الشهر الماضي.
إلى ذلك أكد وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل أن الحل السياسي هو الطريق الوحيد لحل الأزمة في كل من سورية واليمن. وقال غابرييل خلال مؤتمر ميونيخ للأمن: إن الحل السياسي هو الطريقة المناسبة لحل الأزمات وإنقاذ دول وشعوب منطقة الشرق الأوسط.
من جهة أخرى أعرب غابرييل عن قلقه إزاء عدم موثوقية الحكومة الأمريكية في ظل الرئيس الحالي دونالد ترامب، داعياً الولايات المتحدة إلى تبني نهج جديد للتعامل مع مختلف الملفات الدولية.
وافتتحت الدورة الـ 54 لمؤتمر ميونيخ للأمن أول أمس بحضور عدد من رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية والدفاع وخبراء الشؤون العسكرية والأمنية ويستمر لمدة يومين.
إيران: محور المقاومة حقق النصر
وفي طهران جدد المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبد اللهيان التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية معتبراً أن أمن إيران لا يكون له معنى دون أخذ معادلة أمن المنطقة بعين الاعتبار، وأشار إلى أن المضايقات والعراقيل التي تتسبب بها الولايات المتحدة في المحادثات السورية سواء في أستانا أو سوتشي أو جنيف تعيق التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية.
من جهة ثانية أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن إسقاط الجيش العربي السوري طائرة للعدو الصهيوني الأسبوع الماضي سطر حادثة خالدة في المنطقة، وأوضح أن الاعتداءات الصهيونية تشكل تعدياً واضحاً على الشعب السوري الذي أراد تغيير معادلة “اضرب واهرب” ونحن نبارك له هذا العمل المقاوم.
بدوره شدد المساعد والمستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة الإيرانية اللواء يحيى رحيم صفوي على أن التحالف القائم بين سورية وإيران وروسيا والمقاومة انتصر في مواجهة الإرهابيين ومن يقف خلفهم في التحالف الأميركي الصهيوني التركي السعودي، وقال: إن الأهداف الجيوستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة هي المحافظة على الكيان الصهيوني وتأمين أمنه وإضعاف دول محور المقاومة وخاصة سورية والسيطرة على مناطق نفوذ جديدة، موضحاً أن محور المقاومة أفشل هذه الأهداف وحقق النصر في سورية. وشدد رحيم صفوي على أهمية الحفاظ على وحدة سورية واستقلالها، معرباً عن أمله بأن يتعزز محور المقاومة ويقف بشكل أقوى أمام الكيان الصهيوني وأميركا.
محللون روس: أمريكا والنظام التركي و”إسرائيل” يعرقلون التسوية
في الأثناء، أكد محللون وخبراء سياسيون روس أن الأعمال العدوانية للولايات المتحدة والنظام التركي وكيان الاحتلال الإسرائيلي تعرقل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية وتشجع التنظيمات الإرهابية المدعومة من الغرب على الاستمرار في أعمالها الإجرامية.
وخلال طاولة مستديرة مكرسة لمناقشة الوضع في سورية أقيمت في موسكو أمس أشار المحللون والخبراء الروس إلى أن الولايات المتحدة هي التي خلقت تنظيم داعش الإرهابي وتقع عليها مع “إسرائيل” والنظام التركي المسؤولية الأساسية عن زيادة تفاقم الأوضاع في سورية.
وأعرب المحلل السياسي والسفير السابق مستشار مساعد رئيسة مجلس الاتحاد الروسي أندريه باكلانوف عن تهانيه للشعب السوري بالانتصار الناجز على داعش والذي يعتبر انتصاراً كبيراً ذا أهمية إقليمية وعالمية، مؤكداً أن الجيش العربي السوري أنزل بمساندة روسيا ضربة قاصمة بالإرهاب الدولي، وقال: إن سورية تمكنت من سحق هذا التنظيم الإرهابي بالرغم من أن جزءاً من أعضائه غير لونه وراح يطلق على نفسه تسميات أخرى ولكن لم تتغير سياسة تلك الدول التي خلقت هذه الأزمة من أساسها وكلنا يعلم أنه منذ بداية الأحداث كانت هناك قوات سرية جرى تنظيمها وتجهيزها وتدريبها وتسليحها وأصبحت جاهزة للتسلل إلى سورية وإثارة القلاقل فيها. وأكد باكلانوف ضرورة متابعة الحوار مع القوى السياسية الوطنية بالرغم من أن العديد من قوى المعارضة الخارجية فوتت الفرصة على نفسها ولم تنخرط في العملية السياسية واضعة نفسها خارج إطار الحل السلمي للأزمة في سورية، مشيراً إلى أن بعض الجهات الدولية ما زالت مستمرة في دعم ورعاية جرائم الإرهابيين على الأرض السورية مستخدمين مبدأ “فرق تسد” لفرض سيطرتها على البلاد.
من جهته استنكر كبير الباحثين العلميين في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية بوريس دولغوف عدوان النظام التركي على الأراضي السورية ودخول قواته بصورة غير شرعية إليها لافتاً إلى أن النظام التركي يقوم بعمليته هذه دون أي تفويض من منظمة الأمم المتحدة ودون موافقة الحكومة السورية وبصورة عدوانية شرسة تدفع الوضع في سورية نحو التصعيد، وأشار إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وانتهاكها حرمة الأجواء السورية تحت ذرائع مختلقة، موضحاً أن الحجج الإسرائيلية غير صحيحة ولذلك لاقت (إسرائيل) الرد المناسب على عدوانها ولكن ومع ذلك فهي تعمل فعلاً على تصعيد الموقف ضد سورية.
بدوره أكد رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية الجنرال ليونيد إيفاشوف أن السبب في عدم تحسن الوضع بعد القضاء على داعش في سورية يكمن في مكائد بعض اللاعبين الخارجيين إذ أن (داعش) صنع بمشروع أمريكي وشاركت في هذا المشروع بنشاط تركيا و(إسرائيل) دول أخرى تقع عليها المسؤولية الأساسية في زيادة تفاقم الأوضاع في سورية، وأوضح أن تنظيم داعش كان يمثل بصورة حصرية جوهر هذا المشروع الذي كان يبغي القضاء على الدولة السورية كدولة موحدة مستقلة كما كانت هناك مهام ذات طابع اقتصادي تخص اغتصاب الثروات السورية من نفط وغاز وثروات معدنية، معتبراً في ذات الوقت أن التدخل العسكري للنظام التركي والوجود العسكري الأمريكي الداعم لتنظيمات ومجموعات مسلحة مختلفة يمثلان أهم عوامل عدم الاستقرار في سورية.