“التحدي الأكبر”
لا شك أن انعقاد ملتقى رجال الأعمال في حلب يومي السبت والأحد الماضيين وهو الأول من نوعه بعد تطهير حلب من الإرهاب على هذا المستوى من الزخم والمشاركة الواسعة من رجال الصناعة والاقتصاد وأصحاب رؤوس الأموال وممثلين عن الهيئات والمؤسسات المعنية بمشاريع إعادة الإعمار يمثل تحولاً مهماً وإيجابياً في العمل التشاركي والتشبيك الفاعل والمنتج بين العام والخاص، وبالتالي لا بد لمخرجات هذا الملتقى أن تؤسس لإنطلاقة واثقة نحو إزالة العديد من العقبات والصعوبات التي ما زالت تشكل عثرة أمام تنفيذ المشاريع الحيوية والتنموية، خاصة بما يتعلق بمصادر التمويل وتوظيف فوائض أموال مؤسسات التأمين والبحث عن حلول حقيقية للقروض المتعثرة ووضع رؤية واضحة الشروط والمعايير لخلق حالة من التوازن والتماهي بين ما هو مطلوب لتحقيق التنمية المستدامة وبين توفير البيئة المناسبة للاستثمار والتطوير العقاري وخلق مناخات ملائمة لتمكين المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال من تنفيذ مشاريع تنموية وإنتاجية تعزز من دور وحضور حلب كداعم وحامل للاقتصاد الوطني.
ونعتقد أن الفرصة سانحة أمام كافة الشركاء الذين اجتمعوا على طاولة هذا الملتقى لتوظيف مخرجاته وتوصياته بالشكل الأمثل والاستفادة القصوى من المغريات والمحفزات المقدمة من الجانب الحكومي لرجال الأعمال لناحية تبسيط وتسهيل الإجراءات ومنح القروض المطلوبة وتطوير الأنظمة والتشريعات، التي من شأنها تنشيط وتفعيل البيئة الاستثمارية وبما يعزز حالة التشاركية والتكاملية في العمل.
وبناء عليه نجد أن التحدي الأكبر لهذا الملتقى يكمن في إيجاد المشتركات التنفيذية لوضع التوصيات التي خرج عنها المؤتمر موضع التطبيق العملي وفق آليات مدروسة ومتوازنة وموائمة للواقع الراهن وبما يواكب متطلبات واحتياجات المرحلة القادمة والتي تتطلب استنهاض تنموي حقيقي في مختلف الجوانب والمفاصل الاجتماعية والإدارية والعلمية والفنية والتقنية وبما يؤسس لقاعدة اقتصادية قوية مستوفية لكل شروط الإنتاج والتنمية.
وبغض النظر عما دار في الملتقى من حوارات ونقاشات وعرض لعدد من التجارب والمبادرات والمشاريع تبرز العديد من الأسئلة المشروعة والتي تتمحور حول ما يمكن عمله واستثماره في المرحلة القادمة من مشاريع حيوية واستراتيجية غير تقليدية، وهل رجال الأعمال والمستثمرين بما يملكون من رؤوس أموال على هذا القدر من الجدية والرغبة لتحقيق هذه التشاركية والتكاملية واستثمار ما هو متاح من دعم وزخم حكومي وما تتمتع به حلب من بيئة استثمارية واعدة وغنية؟، أم إن هذا الملتقى كغيره من الملتقيات والمؤتمرات والحواريات والندوات لن يتعدى كونه محطة للتعارف والتقاط الصور التذكارية و”البروظة” أمام كاميرات التلفزيون، ما نأمله ونتمناه أن يكون عكس ذلك.
معن الغادري