فيروز.. للقدس سلام
كانت (فيروز) هي (المنقذ)، الصادق للتعبير عن مشاعرنا الغاضبة دون تشنج، وبلا شعارات الشجب، التي أصبحت خبزنا اليومي، وزادت، فرأيناها إحدى مفرداتنا في طلب حريتنا.
أغنية القدس، للسيدة فيروز استطاعت أن توحّد العالم، من خلال التلفزيونات، وتلفت نظره إلى عدالة قضيتنا، واستطاعت أن تحررنا من عجزنا وتذكرنا بواجبنا كأمة عربية، ألا نترك للذئاب الفرصة لافتراس أطفالنا.
أما الآن وبعد قرار (ترامب) سيئ الصيت بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني واندلاع ثورة الغضب العارمة في القدس الشريف ضد هذا القرار العنصري، لم يرفع رأس الغناء العربي ونحن نشاهد هذه المأساة الدامية ومشاركة أكبر عدد من أطفال فلسطين فيها، غير ما تغنت به السيدة (فيروز) التي كانت تتجول بصوتها في شوارع القدس القديمة مثل حلم تائه بيننا.
لقد انكشفت أغانينا المريضة، وانكشف أصحابها الذين أدمنوا تمييع القضايا، وتزييف المعاني وخلط الأوراق، هذا ما أكدته صحوة الاعتراض والغضب على اقتحام القدس من قبل الصهاينة، للحرم القدسي، وقيام الجنود الإسرائيليين مقاومة الغضب الفلسطيني وقتل الأطفال في شوارع القدس، فكانت انتفاضة القدس قد عبّرت بصدق عن غفوة الكبار، وخيبة الشطار، واختفائهم وراء حاجز عجزهم الذي لا يبرره أي منطق.
هكذا ارتبطت الأغنية العربية بالقس بعد نكبة فلسطين عام 1948 وبعد احتلال القدس عام 1967 وما رافقها من أحداث كان آخرها انتفاضة الأقصى، لكن مشكلتنا مع الأغاني التي ارتبطت بالقدس أنها لم ترتبط بالذاكرة وكانت تنتهي مع انتهاء الحدث والمناسبة، وتهجع راكنة في الذاكرة العربية بانتظار مأساة جديدة، فما إن تقلب صفحة جديدة حتى تختفي أغنيات المرحلة، لأن وسائل الإعلام العربي الرسمي كانت تمارس سياسة التغييب على هذا النوع من الأغاني، ولو أردنا أن نبحث عن أغنية ارتبطت بالقدس وبالتالي ارتبطت بها في ذاكرتنا، لن نجد سوى ما غنته السيدة (فيروز) كما أشرنا سابقاً، وبشكل خاص (زهرة المدائن) و(القدس العتيقة) ولم تتجاوزها منذ فقدنا القدس، أي أغنية.
والغريب في عمر الألفية الثالثة، أن الأطفال العرب في القدس يملكون المبادرة والكبار وهم (الرؤساء العرب) يختبئون داخل سراويل الخجل.. وسلاماً للقدس.. للقدس ألف سلام
د.رحيم هادي الشمخي